هل ستسقط تعز؟
قرأت تقرير فريق الخبراء المعني باليمن، وشعرت بالرعب...التقرير الموجه إلى رئيس مجلس الأمن، في منتصف أكتوبر الماضي، عرّج على تفاصيل ومستجدات خطيرة حول معركة اليمنيين مع الحوثيين. مُعظم ما ورد يبدو مألوفاً لمن يتابع أنشطة الحوثي بين لحظة وأخرى، ولكن أن تجد كل تلك التفاصيل دُفعة واحدة ومترابطة، فذلك يخرج عن إطار المألوف المتقطع، سيجعلك تشعر بخطر وجودي ولا تملك إلا أن تشتم كل من أوصلنا إلى هذا الحال.
لن أذكر هنا التدابير التي تنفذها الجماعة بما يتماشى مع استراتيجية «الحوثية الطويلة الأمد الرامية إلى بسط سلطتهم بشكل دائم، الأمر الذي يشكل تهديدا للسلام والأمن والاستقرار داخل اليمن وفي المنطقة». كما يقول التقرير.
ولن أذكر تفاصيل الأنشطة المهددة للسلام والأمن والاستقرار، التي تحث عنها فريق الخبراء، التي ركزت حول: «التعبئة والتجنيد وتدريب المقاتلين» «تنفيذ مناورات عسكرية» «تعبئة السكان وإخضاعهم لدورات تدريبية قصيرة، شملت أفرادا من القبائل وطلابا وصحفيين وموظفين حكوميين من مختلف الوزارات» و « نشر الأيديولوجيا من خلال الدعاية الممنهجة» ولا عن العلاقة بينهم وبين حركة الشباب الصومالية، واستمرار تلقي الأسلحة المهربة، ولا عن الاستراتيجيات التي تؤدي إلى تفكيك النسيج الاجتماعي في البلد «من خلال السيطرة على المعلومات، وجعل الفقر سلاحا وعسكرة التعليم، واستهداف الأطفال، يسعى الحوثيون إلى بناء جيل جديد من الأفراد المرتهنين ايديولوجياً، الذين يضمنون بهم الاستدامة لإرثهم».
الآن، أشعر شخصياً، بواجب الحديث العاجل عما ذكره التقرير حول تعز تحديداً، لأن الخطر الذي أستشعره يتعاظم كلما فكّرت بأن الجميع منشغل عن مواجهة العدو، أفراداً ومكونات سياسية. الأدهى حين ترى الحقائق أمامك تؤكد بأنه حتى المسؤولين لا حس لهم ولا خبر بأمور المعركة.
ففي الوقت التي يتحدث فيه التقرير الأممي عن تكثيف استعدادات العدو، لإسقاط تعز، وتعزيز «التطويق والقصف من أجل الضغط العسكري الذي يجبر الخصم على الاستسلام»، و«استغلال مواطن الضعف لدى الإنسان» لـ «تقويض تعز من الداخل» واستخدام منهجية خطيرة أثرها التراكمي على حياة المدنيين «يفضي إلى تآكل القدرة على الصمود»؛ تستمر السلطة المحلية بقيادة المحافظ بشن حربها على المؤسسة العسكرية وقطع المورد المادي الوحيد والبسيط للمقاتلين، آخر توجيه حول ضريبة القات كان قبل يومين!.
المشكلة أن تحركات المؤسسة العسكرية في تعز، لا توحي لنا بأنها تدرك الخطر الكبير المحيط بتعز، باسثتناء بعض زيارات التوجيه المعنوي لبعض الجبهات.
هذا الحال، ينبي أننا غارقون بعيداً عن المعركة.. نتجاذب بالردود على المنشورات، نترصد الآخر لتأويل رأيه والرد عليه، تشغلنا مراهقة الوجاهات الجديدة وقراءة توجهات المنصات المتدفقة ذات التمويل الموجّه، وتحليل العوائق أمام المنصات المهنية غير الممولة. حتى العدالة والجريمة تتصادم فيها الآراء وينشغل فيها الناس أكثر من الأجهزة الأمنية والقضاء نفسه.
ولا أكثر بؤساً من الصورة التي تختزل واقع تعز، من فشل الأحزاب بإصدار بيان يدين اعتقال المدنيين من قبل العدو نفسه.
إليكم بعض الفقرات التي تحدث فيها خبراء مجلس الأمن، حول تعز:
**«دخل الحوثيون والقوات الحكومة في قتال داخل مواقع شتى من خط الجبهة على محور تعز الذي يمتد على مسافة 317 كيلو متراً، وما يزال حصار تعز قائما منذ عام 2015، وتقع معسكرات الحوثيين في تلال وغابات مديرية مقبنة، وهم يستعدون للهجمات بتدريبات مكثفة، وقد تم بناء معسكرات وأنفاق جديدة».
**«خلال الفترة الفاصلة بين 1 يناير، و22 يوليو 2025، تم تسجيل 1037 هجمة على القوات والاهداف العسكرية الحكومية، منها 169 هجمة عسكرية باستخدام القصف والطائرات المسيرة وأسلحة أخرى، واستُخدمت الطائرات المسيرة في 425 مناسبة من أجل تنفيذ هجمات أو القيام بعمليات تحليق استطلاعية، وشهد خط المواجهة 106 من الغارات ومحاولات التسلل، وفي 93 مناسبة، استهدفت القوات الحكومية بأجهزة متفجرة يدوية الصنع، مما أسفر عن مقتل 66 شخصا وجرح 171 وإعاقة 9 آخرين».
**وساعد فتح إحدى الطرق في تعز على تسهيل الحركة والوصول، غير أن الحوثيين كثفوا من هجمات حول المدخل الشرقي للمدينة "تعز" واستهدفوا في 215 مناسبة، مواقع تابعة للقوات الحكومية.
وتعكس هذه الأعمال مجتمعة أسلوباً منهجيا يتمثل في التطويق والقصف من أجل الضغط العسكري الذي يجبر الخصم على الاستسلام.
**«تواجه تعز أزمة إنسانية حادة، يغذيها مزيج من الضغوط العسكرية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية، وتتعرض المنطقة في بنيتها التحتية وخدماتها الأساسية ونسيجها المجتمعي إلى تدهور مستمر يهيئ الظروف التي تهدد بشكل خطير الاستقرار الداخلي».
**«وبتعطيل الخدمات الأساسية عمداً وبأسلوب ممنهج، واستغلال مواطن الضعف لدى الإنسان، يعمل الحوثيون على تقويض تعز من الداخل. أما الأثر التراكمي على حياة المدنيين فهو شديد، ويفضي إلى تآكل القدرة على الصمود، وإلى عرقلة التعافي ضمن مختلف القطاعات».
رغم الواقع البائس في تعز،أثق ـ بعد الله ـ بالأبطال الذين كابدوا الظروف القاسية على مدى عشر سنوات، ولم يبرحوا متارسهم! الأبطال الذين تغرهم العروض المادية هنا وهناك فظلوا ثابتين على العهد لهذا التراب! الأشاوس الذين لم يلقوا بالاً لقوة العدو وعتاده من أول يوم، وواجهوه حفاة حتى اليوم!.
المصدر: يمن شباب نت