صحيفة: إيران تعيد "شهلائي" إلى صنعاء لاحتواء تصدّع الحوثيين
قالت صحيفة الشرق الأوسط، السبت، إن إيران دفعت بقوة خلال الأسابيع الأخيرة لتعزيز حضورها العسكري والأمني في اليمن، في محاولة لإعادة ترميم نفوذها الإقليمي بعد الضربات التي تلقتها في لبنان وسوريا، أبرزها مقتل قيادات بارزة في «حزب الله» وتراجع نفوذ طهران في تلك الساحات.
ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية يمنية رفيعة قولها، إن طهران أعادت القائد البارز في «الحرس الثوري» الإيراني عبد الرضا شهلائي إلى صنعاء، بعد عام من مغادرته، للإشراف المباشر على معالجة التداعيات الأمنية والعسكرية التي خلّفتها الضربات الإسرائيلية الأخيرة، والتي استهدفت مواقع شديدة الحساسية للجماعة وأسفرت عن مقتل رئيس حكومتها وتسعة وزراء ورئيس أركانها وعدد من القيادات.
وذكرت أن الضربات أحدثت «انكشافاً أمنياً غير مسبوق» داخل الجماعة، مسّت صورتها أمام أنصارها والشارع اليمني، وأفرزت تحديات داخلية متصاعدة بين مراكز النفوذ على السلطة والمال، في ظل تنامي السخط الشعبي بسبب اتساع رقعة الفقر. وترى المصادر أن هذه الظروف دفعت إيران إلى تسريع دعمها للحوثيين والعمل على تحويلهم إلى «مركز عسكري إقليمي» يعوّض اختلالات نفوذها في ساحات أخرى.
وقالت الصحيفة إن عودة شهلائي – الذي رصدت واشنطن مكافأة تصل إلى 15 مليون دولار للإدلاء بمعلومات عنه – تأتي، ضمن مسعى إيراني لـ«استعادة السيطرة المباشرة» على الملف الأمني والعسكري للحوثيين، بعد عجز العناصر الموجودة في اليمن عن التعامل مع آثار الاختراقات الإسرائيلية، بل ودفع بعضهم نحو خطة لتطهير أجهزة المخابرات بحجة وجود «اختراقات عالمية».
وأشارت إلى أن تنفيذ هذه الخطة أُسنِد إلى علي حسين الحوثي، بدعم من يوسف المداني، رئيس أركان الجماعة الجديد، في مقابل معارضة قوية من عبد الله الرزامي، الذي يوصف بأنه «دولة داخل الدولة الحوثية»، لسيطرته على نفوذ واسع وقوات كبيرة جنوب صنعاء منذ 2017.
ووفق الصحيفة، فإن الخلافات داخل الجماعة لا تقتصر على هذا المحور؛ إذ يبرز أيضاً جناح يقوده عبد الكريم الحوثي، عمّ زعيم الجماعة ووزير داخليتها، المتحالف مع جهاز الأمن والمخابرات بقيادة عبد الحكيم الخيواني، وهو الجهاز المستهدف الأول بخطة التطهير، بعد اتهامه بالمسؤولية عن الاختراقات التي أدت إلى قتل قيادات ومهاجمة مواقع شديدة الحساسية، بينها مخبأ كان يستخدمه عبد الملك الحوثي في صعدة.
ونقلت عن منصة «ديفينس» المتخصصة في الشؤون العسكرية قولها إن إيران أعادت شهلائي لـ«سد الفراغ الاستراتيجي» الذي خلّفه مقتل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، الذي كان بمثابة «ضابط الإيقاع» للحوثيين خارجياً، بفضل خبرته الإقليمية وصلاته في محور إيران.
وتؤكد الصحيفة أن عبد الملك الحوثي «فقد المرشد الأبرز» الذي كان يرجع إليه في القرارات المصيرية، وأنه رغم حماسته للعب دور إقليمي، فإنه يفتقر إلى الخبرة الاستراتيجية والدهاء السياسي الذي كان يوفره نصر الله، في ظل «عزلة» فرضها على نفسه وعلى جماعته.
وتفيد المصادر بأن توقف حرب غزة واضطراب المشهد الإقليمي وضع الحوثيين أمام كلفة انخراطهم في صراع يتجاوز قدراتهم، ما دفع طهران إلى استخدام شهلائي لـ«إعادة ضبط الإيقاع» ومنع انفلات مراكز القوى، وترتيب البيت الداخلي لضمان بقاء الجماعة مركز النفوذ الإيراني الأهم في اليمن.
وأكدت أن إيران باتت ترى في الحوثيين «الذراع الأكثر حيوية» داخل المحور بعد خسائرها في لبنان وسوريا، وأن نجاح شهلائي في مهمته قد ينقل ثقل النفوذ الإيراني إلى جنوب الجزيرة العربية، رغم ما يعانيه الحوثيون من «ثغرات أمنية وسياسية عميقة» لا تظهر للعلن.