
العدالة أولاً
نعم، لا بد أن تكون العدالة أولاً، فوق كل الاعتبارات، فوق كل المصالح الضيقة، وفوق كل الحزبية التي تمزق النسيج المجتمعي. إن تطبيق الأحكام الشرعية والقانون يجب أن يكون المبدأ الأوحد الذي يُبنى عليه استقرار أي مجتمع، وأن يُرفع فوق كل شيء وقبل كل شيء.
ما حدث للشهيدة افتهان المشهري ليس مجرد حادثة عابرة؛ إنها جريمة أوجعت الجميع في تعز وفي الوطن بأكمله. إن هذا الألم العميق يتطلب نهاية وخاتمة تداوي الجروح وتكون مرضية للضمير الجمعي. يجب أن تكون هذه الخاتمة بحجم الجريمة نفسها، وأن يكون الانتصار لقضيتها انتصاراً لعدالة حقيقية.
يجب على الجميع أن يتوحدوا في ملاحقة المجرمين وتطبيق القانون وإيصالهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم الرادع. إن التهاون في تطبيق العدالة ليس ضعفاً وحسب، بل هو مشاركة في إفلات الظالم من العقاب، وهو ما يقتل الثقة في المؤسسات ويغذي اليأس.
إن المجتمعات تعيش بسلام وتجد الإنصاف عندما يُطبق العدل والقانون بحذافيره. أما العكس، فـالظلم ظلمات، وهو وقود يزيد الضغينة والكُره بين أبناء المجتمع الواحد، ويؤسس لمراحل طويلة من العنف المجتمعي.
إن قضية افتهان المشهري يجب ألا تُغلق كأي ملف؛ بل يجب أن تكون نقطة تحول حقيقية في تعز. يجب أن تكون منطلقاً لمرحلة جديدة على مستوى مكافحة الجريمة المنظمة والفردية، وعلى مستوى مكافحة الفساد الذي يتيح للمجرمين الإفلات من العقاب أو العبث بالقانون.
لقد كشفت هذه النقطة المشرقة من الجانب الإيجابي عن مشكلة كانت تعاني منها تعز فعلاً، وهي من تبعات الحرب وأعبائها الثقيلة. لكنها كشفت أيضاً عن إرادة مجتمعية جارفة ترفض الظلم وتنادي بالحق.
على الجميع أن يتوحد، وأن يصطف في صف واحد من أجل إحقاق الحق وإنصاف المظلومين. إن هذه اللحظة هي لحظة تاريخية لبناء مرحلة جديدة لتعز تداوي جراحاتها وتنهض من عثرتها وتنتصر على تبعات ماضيها المؤلم.
إن الإصرار على مبدأ العدالة أولاً هو الضمان الوحيد للعيش بكرامة وسلام. فلنجعل من هذه القضية صرخة مدوية لا تتوقف، حتى يتحقق القصاص العادل، وتستعيد تعز ألقها كمدينة تنتصر فيها العدالة، ولا يعلو فيها صوت فوق صوت القانون.
يمن شباب نت