يتسلق الحوثييون على شجرة (آل النبي)، لا ليتعايشوا كما تتعايش شجرة العنب وزهور اللبلاب المتسلقة،  او سمكة الريمورا مع القرش ؛ بل ليعيشوا على مصلحة غيرهم والحاق الضرر بمن يتطفلون عليهم ؛ لأنهم رأوا التطفل تعايشاً ، كما يرون في سلسلة القتل والنهب والتفجير والظلم والجوْر اخلاق القرآن. 

اتخاذ جماعة الحوثي السلالية (ذكرى المولد النبوي الشريف) فرصة استثمار لابراز مخططها الكهنوتي باسم الاسلام، ومناسبة للفيد والنهب باسم النبي ، وتحويل المناسبة الى طقس كهنوتي لسلب حقوق الناس بشماعة (حب آل النبي) وشعار "احياء المولد" ؛ يذكرنا باستغلال (الكاثوليكية الرومانية) جمع الاموال مقابل بيع صكوك الغفران.

وتحت مبرر دعم "احياء المولد" طريق لخلاص العالم من الهيمنة الامريكية وزلزلة اسرائيل بحسب زعيم الجماعة (عبدالملك الحوثي) ؛ يفرض اتباعه بقوة السلاح على كل المؤسسات الخدمية والمنظمات التنموية ، والقطاع الخاص والتجار وكافة اصحاب المحلات والدكاكين وجميع العاملين في المهن المختلفة اتاوت مجحفة بدعوى "دعم المولد النبوي".

وعلى اعتبار " أنّ الايمان وحده غير كاف لغفران الخطيئة" بحسب اللاهوت الكاثوليكي؛  فإن من يمتنع عن دفع اتاوات (احياء المولد النبوي)؛ سيضع نفسه في دائرة المنافقين ، وخانة الولاء لأعداء الله، وموالاة امريكا واسرائيل والعدوان؛ وسيتعرض لعقوبة الاغلاق ومصادرة الاموال والحبس والقتل احياناً ، بحسب (قرين القرآن السيد عبدالملك)، وأن عليك التوبة من النفاق وموالاة العدوان والبراءة من الدعْوَشة ؛ ان تطهر نفسك بخُمس مالك لصالح الجماعة، ودفع ما يُفرض عليك... 

و"أنه حالما ترنّ العملة في قاع الصندوق، فإنّ أرواحًا تتخلص من العذاب" بحسب (يوهان) موفد بابا الكنيسة الكاتريدائية للألمان مطلع القرن 16.

تحاول جماعة الحوثي منذ انقلابها في سبتمبر 2014م احداث شرخ في النسيج الثقافي للمجتمع اليمني بتحويل (ذكرى المولد النبوي)  الى موسم دروشة ، وطقس كهنوتي ، وعبادة وثنية،  ودعوة خرافة ودجل، وعتبة تمسّح بالبشر ولحظات تبرك بالمخلوقين ، وهالة قداسة ونبرة استعلاء ، ومحطة لابتزاز اموال الناس بالباطل ،في طريقة غريبة ودخيلة على ثقافة المجتمع اليمني الذي يحيي المناسبة منذ قيام ثورة الـ 26 من سبتمبر بالذكر والابتهال والتسامح والاتلاف والحب والاعتدال ونبذ العصبية والعنف،  والحفاظ على نسيج المجتمع من التمزق التشرذم. 

وباسم النبي وآله حقق الحوثييون ثراء فاحش ، من خلال الاتاوات في (ذكرى المولد النبوي)  ومولد الحسين ويوم وفاته، ومولد الامام زيد،  ومولد الامام الهادي، ومولد حسين بدر الدين الحوثي ويوم وفاته، ويوم الولاية،  ويوم عاشوراء،  ويوم الشهيد، ويوم الصرخة ، ويوم الـ 21 من سبتمبر، ويوم القدس، وحملات التبرعات العينية والمالية من المحافظات والمديريات والمدارس والمساجد ومجالس النساء، وقوافل المشائخ وعقال الحارات...اضافة الى الاموال التي يتم تحصيلها من الضرائب والواجبات والاوقاف والخمس والجمارك التي ضاعفوها عشرات الاضعاف. 

وهكذا تفننت الجماعة الحوثية باحياء المناسبات ، واستغلالها للاسترزاق باسم الاسلام، واللصوصية وكسب المال والتضييق على معايش الناس واقواتهم وسلب حقوقهم باسم النبي ، في ظل عدم صرف المرتبات لـ 7 سنوات، الأمر الذي تسبب بنزوح اكثر الأسر من مناطق سيطرتهم بحثاً عن مصدر للدخل ، وهجرة الكثير من البيوت التجارية ورؤوس الأموال والشركات والمستثمرين من صنعاء،  هروباً من بطش الجماعة وابتزازها وجشعها في جمع الاموال وسلب حقوق الناس دون رادع. 

ولا يتوقف الأمر باستغلال المناسبة لنهب الأموال فقط ؛  بل هناك انعكاسات خطيرة على ثقافة المجتمع اليمني وعقيدته، بفرض الطقوس المستوردة من الثقافة الفارسية ، والشعائر التعبدية الغريبة التي تهدد العقيدة والهوية العربية والاسلامية باسم الدين والنبي ، والتي سيكون من ثمارها السلبية،  تمزيق النسيج الثقافي والمجتمعي اليمني،  وتعميق الفوارق الطبقية والخلافات المذهبية والعرقية بين ابناء المجتمع الواحد.

استغلال جماعة الحوثي هذه المناسبات وتكريس ثقافة العداء والتطرف والعنف،واستدعاء ماضوية الجماعة الدموية،  والنبش في تاريخ مؤسس الجماعة (يحي الرسي) الذي أكد استخدام السيف في حق من يخالف مذهبهم _ وهو الأمر الذي عليه الحوثية اليوم_ ، وكذا المجازر الدموية الرهيبة في حق ابناء اليمن على ايدي أئمتهم كـ عبدالله بن الحمزة وغيره ، له خطورته في تفخيخ عقول الأجيال بالانتقام وقتل كل من يخالف توجههم، وهو الأمر الذي يهدد مستقبل اليمن الذي يحلم أبناءه بالتطور والرقي ،  وسيصعب معالجته مستقبلاً وسينعكس ضرره على المنطقة والجزيرة العربية.