كل مصيبة تذكرنا بعمران
تشهد الساحة اليمنية اليوم تحركات أحادية، كما وصفها الرئيس رشاد العليمي وأحزاب سياسية، تلك هي الإجراءات التي يقوم بها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة. إن هذه التطورات الخطيرة لا يمكن فصلها عن سياقنا الوطني المؤلم، بل إنها تبعث في الذاكرة مرارة سابقة: مرارة عمران.
من حياد الأمس إلى صمت اليوم، فما يحدث اليوم هو تكرارٌ فج لسيناريوهات سابقة أدت إلى تدهور البلاد. عندما سقطت عمران في يد الحوثي، كان الدور المنوط بوزير الدفاع حينها هو الدفاع عن مؤسسات الدولة. لكن المفاجأة كانت في "حياده"، وهو الحياد الذي لم يكن سوى غطاءً للتمكين والتسليم. وها هو التاريخ يعيد نفسه، فمن كان "محايداً" بالأمس، هو نفسه يمارس الحياد السلبي أو الغياب عن المشهد اليوم، تاركاً الساحة لمزيد من التشرذم.
الأمر لا يتوقف عند السلطة التنفيذية. فكما لزم مجلس النواب الصمت المطبق إبان سقوط عمران، نراه اليوم يلتزم الصمت ذاته أمام ما يجري في حضرموت والمهرة. هذا الصمت المريب ليس علامة على الحكمة أو التروي، بل هو دليل على فشل المؤسسات وتخلي القيادات عن دورهم الوطني في الحفاظ على الثوابت الوطنية.
إن الواجب الوطني المقدس للقيادات العليا للدولة ومؤسساتها هو حفظ الوطن والذود عن سيادته. لكن ما نشهده على الأرض، سواء في مأساة عمران أو في التحركات الراهنة في حضرموت والمهرة، لا يمكن وصفه إلا بعملية تسليم واستلام ممنهجة. إنه تفكيك متعمد للنسيج الوطني، حيث تُترك المحافظات والمؤسسات فريسة للقوى التي تسعى لفرض أمر واقع أحادي، بدلاً من أن تُصان وتُحمى تحت راية الدولة الموحدة.
إن الوطن في هذه المرحلة الفاصلة ليس بحاجة إلى التجزئة أو تعميق خطوط الانقسام. بل إن حاجته الماسّة والقصوى هي إلى التوحد والاصطفاف الوطني الحقيقي. إن الهدف الأسمى الذي يجب أن يجمعنا هو استعادة الدولة ومؤسساتها الشرعية وإنهاء الانقلاب الذي تسبب في كل هذه الويلات.
للأسف الشديد، هذا التمزيق الجغرافي والسياسي الحالي يمثل خدمة مجانية لقوى الانقلاب. كل خطوة أحادية، وكل نزاع جانبي، هو تأخير لمعركة استعادة اليمن الشاملة، وصب مزيد من القوة في رصيد الميليشيات الانقلابية.
لا يمكن بناء دولة في ظل المشاريع الضيقة. يجب على الجميع أن يدرك أن قوة اليمن في وحدته، وأن استعادة الدولة لا تتم عبر التنازع على الأجزاء، بل عبر تجميع الصفوف لهزيمة الخطر الأكبر.
يمن شباب نت