استعادة الدولة والمعركة الموحدة

لا يمكن إنكار أن مسيرة استعادة الدولة اليمنية من براثن الانقلاب الحوثي، التي مضى عليها ما يقارب العقد من الزمان، لا تسير بالوتيرة المرجوة أو بالشكل المطلوب. فكل يوم يمر على بقاء صنعاء تحت سيطرة الميليشيا الحوثية، هو خسارة مضاعفة للهوية، وتكريس لمزيد من التشرذم واليأس في نفوس اليمنيين.


إن الدرس الأهم الذي لم نتعلمه بعد، أو ربما تجاهلناه عمداً، هو أن مواجهة كيان موحد عقائدياً ومسلحاً كالحوثيين لا يمكن أن تتم إلا عبر كيان مناهض موحد وقرار مركزي واحد.


إن الواجب الوطني والأخلاقي يفرض أن يتم توحيد كل القوى، وكل الكيانات، وكل المجاميع المسلحة، تحت هيكل الدولة الشرعية الجامع. وعندما يتحقق هذا التوحيد، يتحول القرار إلى سلطة واحدة، وتصبح القوة العسكرية مضاعفة لا تتناحر ولا تختلف على الأولويات.


للأسف ما حدث فعلاً طوال السنوات الماضية هو العكس تماماً، ظهور المشاريع المجزأة والأجندات المختلفة: بدلاً من التركيز على العدو المشترك، انشغلت القوى المضادة للانقلاب ببناء كيانات خاصة بها، لها قياداتها وأهدافها الجزئية.


تآكل كيان الشرعية، فكل كيان جديد نشأ على هذه الأرض، كان يقتطع جزءاً من القوة والموارد والنفوذ التي كان من المفترض أن تصب في تقوية كيان الدولة الشرعية. النتيجة كانت ضعف كيان الدولة وتشتيت الجهد.


في المقابل، يعمل الانقلابيون الحوثيون بلا كلل على التحشيد المستمر، وطمس الهوية اليمنية الأصيلة عبر دوراتهم الطائفية وتغيير المناهج التعليمية، مؤكدين بذلك أن معركتهم وجودية لا تقبل التجزئة.


إن استمرار تعدد الكيانات وتضارب الأجندة، بينما العدو الحوثي موحد القرار والهدف، هو السبب الرئيسي الذي يطول من عمر المعركة ويزيد من معاناة الشعب. هذا التشتت يمنح الانقلابيين فرصة لالتقاط الأنفاس، وتثبيت نفوذهم، وتعميق سيطرتهم.


لقد حان الوقت لكي يدرك الجميع حقيقة المعادلة، استعادة الدولة، تتطلب رص الصفوف وتوحيد كل الكيانات العسكرية والأمنية تحت قيادة مركزية واحدة وقرار موحد. هذا ليس مجرد خيار، بل شرط أساسي للنجاح الميداني.


وفي ميدان السياسة، بعد استعادة الدولة وتأمين مؤسساتها، يمكن حينها أن تتنافس السياسة والأجندات المختلفة في إطار سلمي ديمقراطي تحت قبة الشرعية.


طالما ظلت القوة الميدانية مجزأة ومتنافرة، فلن نصنع دولة، بل سنطيل من أمد الانقلاب. المواجهة مع الحوثي بحاجة إلى جسد واحد، ليصبح النصر هدفاً قابلاً للتحقيق، لا مجرد شعار.


يمن شباب نت