
الحوثي و كنز الاتصالات المنهوب
منذ دخول الميليشيا الحوثية صنعاء، تحول قطاع الاتصالات إلى أداة قوية في ترسيخ سلطتها الانقلابية. فبينما يئن اليمنيون تحت وطأة الحرب، تجني الجماعة الملايين من الدولارات من هذا القطاع الحيوي، أرقام فلكية تتحدث عن نفسها، مليارات الدولارات تدفقت إلى جيوبهم تحت مسميات شتى، ضريبة وزكاة وأرباح، كلها تستخدم لتغذية آلة الحرب التي تمزق أوصال البلاد.
لكن الأمر لا يتوقف عند حدود المال. فالاتصالات بالنسبة للحوثيين هي ساحة تجسس واسعة، يستطيعون من خلالها اختراق خصوصيات الناس، جمع المعلومات الدقيقة عن تحركاتهم وآرائهم، وتحديد أهدافهم في عمليات القمع والاعتقال. لقد أُجبرت شركات الاتصالات على الانصياع لأوامرهم، لتتحول شبكاتها إلى مصائد للمعلومات، وإلى سياط تلهب ظهور المعارضين.
شهادات من داخل شركات الاتصالات، تكشف عن عمليات تجسس ممنهجة على الرسائل النصية، وعن حالات اختطاف طالت المئات بسبب محتوى هذه الرسائل. بل إن الأمر وصل إلى حد استقدام خبراء أجانب يعملون في سرية تامة لتطوير قدراتهم في اختراق الاتصالات، حتى تلك العسكرية والخاصة.
هذه المرة، شبكات الاتصالات صارت عرضة للقصف الأمريكي بعد أن تقلصت المساحة بين المنشآت المدنية والعسكرية.
تبقى الحقيقة أن استهداف البنية التحتية للاتصالات يمثل فصلًا جديدًا في الصراع. وإذا ما نجحت تلك الضربات في تحقيق أهدافها، فقد يجد الحوثيون أنفسهم، ومعهم ملايين اليمنيين الذين يعيشون في مناطق سيطرتهم، يواجهون تحديًا وجوديًا ليس على الأرض فحسب، بل في الفضاء الرقمي الذي بات جزءًا لا يتجزأ من عالمنا المعاصر.
انقلاب الحوثي دمر البنى التحتية، واستخدام مرافق الاتصالات لأغراض عسكرية جعلها عرضة للقصف الأمريكي ليكتوي الشعي اليمني بنارين نار الإستغلال ونار التدمير موغلاً في عذاباته ومضاعفاً لمعاناته.
في خضم هذا الواقع، تلوح في الأفق خدمة "ستار لينك" وحضورها في المناطق المحررة. هذه التقنية الحديثة قد تكسر احتكار الحوثيين لقطاع الاتصالات وتمنح الشرعية منفذًا جديدًا، ويمثل فرصة حقيقية لكسر احتكار الحوثيين لقطاع الاتصالات وتوفير بديل حيوي للمناطق المحررة.
فدخول "ستار لينك" Starlink يوفر بديلاً لشبكات الإنترنت التي يسيطر عليها الحوثيون، مما قد يضعف احتكارهم للمعلومات والاتصالات في المناطق المحررة. بل يقدم "ستار لينك" خدمة إنترنت فضائي عالية السرعة وغير خاضعة للرقابة المحلية، مما يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للتعلم والعمل والتواصل مع العالم للمواطنين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية. وقد يساهم "ستار لينك" في تحسين أمن وسرعة اتصالات الحكومة الشرعية وقواتها.
ويبقى الأمل معلقًا، بأن يتحرر هذا الشريان الحيوي، قطاع الاتصالات، من براثن المليشيا. أن يعود لينبض بالحياة خدمةً للمواطن، لا سيفًا مسلطًا على عنقه،. أن يتحول من أداة تجسس إلى جسر تواصل حقيقية، فتحطيم احتكار الاتصالات ليس مجرد هدف تقني، بل هو خطوة جوهرية نحو تحرير البلاد بأسرها.
*المصدر أونلاين