معاناة اليمني ومبعوث الحروب
يقولون إن تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية؛ سيزيد من معاناة الإنسان اليمني، هذا صحيح؛ لكنهم لا يسألون : لماذا هو يعاني، ما السبب الجذري الذي جعل الإنسان اليمني يحتاج لمساعدة العالم . أليست الحرب التي فجرها الحوثي نفسه، أليس من المفترض أن يعالجوا جذور المشكلة؛ بدلًا من حماية أعراضها.
معاناة اليمني هي مجرد عرض من أعراض الكارثة الحوثية، لا يوجد شعب يشعر بالإرتياح لكونه عالة على الكوكب، ولا نريد من العالم أن يُطعمنا ثم يدافع عن المتسبب بتجويعنا، إن كان هذا العالم صادقًا في الوقوف معنا، فليضع حدًا لمآساتنا، يتصدى معنا لمن أشعل النار في بلادنا سرق قمحنا واستأثر بمصادر الثروة والسلطة لسلالته. وحين يساندنا لاستعادة دولتنا سوف نتدبر طعامنا ونقف مثل كل شعوب العالم لإدارة حياتنا كما نريد وبعرقنا وجهدنا.
إذا كان استمرار المساعدات الإنسانية يقتضي تبرئة الحوثي من صفة الإرهاب الذي يمارسه ضدنا، فما حاجتنا لها، في هذه الحالة، كان الخيار الأسهل لنا هو القبول بالحوثي والتوقف عن مقاومة إرهابه مع التسليم بحقه في حكمنا دون إرادة منا، عندها لا أظن الحوثي نفسه سيتردد عن إطعامنا ومنحنا ذات الفتات الذي يتصدق به العالم علينا.
جريفيثت هذا نموذج للموظف الآلي، أشبه بريبوت يتعامل مع القضية بطريقة تقنية متبلدة، مفصولة عن أسبابها، يحرس الجلاد تحت دعاوى الحرص على الضحايا من الموت، هو لا يحافظ على أرواح البشر هكذا؛ بل يستديم معاناتهم، ويتخذ من المآساة مبررًا لحماية صانعها.
مواقف الأمم المتحدة ومندوبها، هي أحد العوامل المركزية لتفسخ الحرب، تحجب الأسباب الأصلية للصراع ، تسهم في تمييع القضية وخفض درجة حماسة الناس لتحرير بلدانهم، بل وتعمل على تكريس عطالة الشعب لفترة طويلة.
كل الشعوب على مدار التأريخ خاضت حروبًا نزيهة، كانت الحروب مؤلمة لكنها واضحة وحاسمة، تنتهي بانتصار طرف وفرض الاستقرار واستعادة الشعب لحياته الهادئة، إلى أن ابتكر المجتمع الدولي، منصب" المندوب الأممي للسلام" إلا أن وظيفته ليست المساهمة بإيقاف الحرب، فلا هو تركها حربًا ناجزة ولا تمكن من فرض سلام موثوق، بل يريدها معمعة مفتوحة، لا غالب فيها ولا مغلوب. هكذا أسهم العالم في تلويث الحرب والسلام معًا. وعند أي قرار أو موقف يقترب من محاصرة المشكلة من جذورها، كتصنيف الحوثي جماعة إرهابية، مثلا، يخرج علينا المندوب الأممي، يرتدي جلباب الإنسان ويذود عن المجرمين بدعوى الشفقة على ضحاياهم.