ثورة 11 فبراير.. صورة مكتملة الزوايا
11فبراير لم تكن ثورة نخبة أو حزب أو جماعة أو لون سياسي معين بل ثورة شعب، هي ملونة بكل ألوان الطيف اليمني.
سلمية تحركت بعفوية اليمني وعزيمته وعناده وبكل الحلم والكبرياء والغضب الرحيم وبكل العفو والتسامح، فكانت النتيجة مثل البداية من الشعب الى الشعب ومن الجميع للجميع دون إدانة او خصومه او إقصاء او استحواذ او محاكم تفتيش.
لم ترفع صورة أحد لم تقدس أحد ولم تتحدث باسم أحد، سوى باسم الشعب القائد يستوي فيه المؤيد والمعارض وعفى الله عما سلف، وما سلف مسؤولية الجميع.
ثورة صنعها الجميع وشارك فيها الجميع بصورة أو أخرى ولا أحد يستطيع احتكارها باسمه.
ارتفع فيها العفو والتسامح وضمن الجميع بدون استثناء المشاركة في صناعة المستقبل، فكان الحوار الوطني هو عنوان اليمن الكبير وبوابة الشعب التواق وكانت مخرجاته بتلك الشفافية والرقي تبشر بانطلاق سريع الى مستقبل كريم تكون فيه إرادة الشعب هي الحاكمة ومصلحة الناس هي الهدف وقيم العدالة والمساواة هي عناصر الدستور وروافع دولة المستقبل وسيصل الشعب الى غايته وهذا هو منطق التاريخ مع تضحيات وقضايا الشعوب.
وفي كل الأحوال فان فلسفة هذا النوع من الثورات السلمية لا تقبل تحويلها إلى محطة لتصفية الحسابات الخاصة من اي نوع وضد اي طرف.
فهي قيمة مكتملة كتلة واحدة وتجربة لا تقبل المصادرة أو التجزئية، إنها وقف الشعب للشعب واحدى مدارسه التي يجد فيها ذاته كشعب ويداوي جراحه ويحمي لحمته وصفه الوطني ضد كل من يستغفله و يتطاول عليه او يقلل من شأنه او يطمع في استعباده ومصادرة حقوقه.
هي امتداد لسبتمبر واكتوبر بصورة أوسع وأبسط وهي ملك لكل من يؤمن بالجمهورية والتبادل السلمي للسلطة.
عبر نظام ديمقراطي يعلي من شأن كرامة اليمني وحقه بالسلطة والثروة عبر قاعدة المواطنة المتساوية وحكم الدستور وغلبة القانون.
والواجب الوطني يقتضي أن يلتقط الصف الجمهوري كله بدون استثناء الفرصة لصناعة النصر من تلك اللحظة الجامعة التي ضمت الجميع واحتوت الجميع عبر.
مخرجات الحوار الوطني فهي وثيقة كل اليمن ويستثنى منها المتربصين منذ زمن طويل و من حاول طعن الجمهورية في القلب واختطاف ثورات سبتمبر واكتوبر و11 فبراير ليرمى باليمن الجمهوري في كهف الماضي البائد وليقضي على أحلام الشعب بطلقة واحدة التقطها من رصيف الجمهورية في لحظة غيبوبة وتوهان وليخنق الجميع بحبل سام نسجته أوهام الخلافات الواهية في الصف الجمهوري عندما فشل في إدارة الخلافات العابرة وعجز عن استثمار التباينات لانعدام الرؤية الوطنية وكثافة العوادم. وتبلد الإحساس بالمخاطر.
ولولا هذه الخلافات وانطماس البصيرة ما خرج مشروع الحوثي من قمقم صعدة وكهف مران وبإمكان المراقب العادي ملاحظة مدى الذعر من محاولة أي اصطفاف لعربات قطار الجمهورية.
فليكن الماضي تجربة وتاريخ شعب بسلبياته وإيجابياته يؤخذ منه الدروس والعبر وما يفيد لتلافي الاخطاء ومنع تكرار الخطايا والانطلاق الى الغد بثراء التجارب واستحضار المخاطر والخسارات ودوافع الأحلام.
مخاطر لن تدفع وأحلام لن تحقق إلا بوحدة نضال لا تستثني أحد، وتسامي يليق باليمن.