صفقة القرن بين الحوثي والسعودية
انتهت اللقاءات السرية بين الحوثيين والسعوديين إلى قبول الحوثيين بالانسحاب من الحدود بين اليمن والمملكة، هذه المحادثات التي رعتها دول في مجلس الأمن تشير إلى تحول لدى الحوثيين والتزاما منهم بسلام مع المملكة، يرى مراقبون أن موافقة الحوثيين على الانسحاب من الحدود من طرف واحد، جاء نتيجة للضعف والإنهاك الذي وصلت إليه الجماعة وخاصة بعدما خسرت الكثير من مقاتليها في معارك مأرب .
بينما يرى آخرون أن قبولها بهذا الاتفاق جاء بهدف التقرب من المملكة ودفع الرياض للذهاب بعيدا عن الشرعية، لكن آخرون يعتقدون أن هذا الاتفاق ماهو إلا لالتقاط الأنفاس وترتيب الأوراق، وهو فخ للمملكة وستعود الجماعة إلى ممارسة ملحمة أكاذيبها واستئنأف القتال مجددا للوصول إلى مكة تحت ظلال البنادق .
ونحن بدورنا نقرأ انسحاب الحوثي وفق عاملين رئيسيين، هما: العامل الأول، مرتبط بهزيمة الحوثيين في مأرب واستنزافها لهم، فقد فقدوا هناك الكثير من مقاتليهم، أما العامل الثاني، فيتعلق بالواسطة التي قادتها ثلاث دول، والتي تهدف إلى استدراج السعودية إلى فخ جديد، ستجد نفسها فيما بعد أمام أزمة داخلية يقودها الشيعة داخل السعودية .
ما يهمنا من كل هذا، أين هي الشرعية مما يجري من اتفاقات، وأين هي من الحوارات بين الطرفين والتي تتكشف كل يوم وتثبت أن هناك محاولات لتصفية الشرعية، وأن مخرجات هذه الحوارات ستكون هي الأسوأ في تاريخ الشرعية، لأن الحوثي على ما يبدو وخاصة بعد الهزائم التي تلقاها قرر أن تكون المملكة هي بوابته للاستحواذ على موقع الشرعية ودورها .
والأهم من كل هذا أن المملكة بعد أن تنازلت لها الشرعية عن قرارها، جعلها تبرم اتفاقات بمفردها وتضع نفسها وسط توازنات هشة وتخضع للضغوط الدولية ولا تستطيع المناورة لأنها لم تمكن الشرعية من قرارها لكي تساعدها على المناورة وتعطيها مساحة للإبقاء على الملف اليمني بيدها، فبعد أن كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع الملف اليمني عبر السعودية، بدأت تتعامل مع الملف مباشرة من خلال مبعوثها الخاص .
متى ستتخلص الشرعية اليمنية من وهم أن شرعيتها ممنوحة لها من المجتمع الدولي وخوفها من سحب هذه الشرعية ؟ ومتى ستعي أن المجتمع الدولي يستمد شرعيته منها ؟ فإذا ما استوعبت ذلك وغادرت مربع الوهم والخوف، فإنها لن تسمح لأحد أن يتكلم باسم الشعب اليمني ولن تقبل الوصاية من أحد ولن تسمح لأحد التحدث باسم الشعب اليمني، فنتيجة لهذا الفهم الخاطئ لدى الشرعية، دفعت اليمن ثمنا غاليا، وقد حان الوقت لتفرض هذه الشرعية على التحالف أن يلتزم بالأهداف التي جاء لأجلها وتفرض على المجتمع الدولي أن يحمي قرارات الشرعية الدولية .
سمعنا أن المتآمرين على الشرعية يريدون فرض مجلس رئاسي خارج الدستور، وسمعنا عن إخراج الحوثي من قائمة الإرهاب واستخدامه كخنجر مسموم واليوم نسمع عن الاتفاقيات الثنائية، فهل تسمعنا الشرعية شيئا يحمي وجودها على الأقل، لكي تبقى على نفسها وعلى شرعية اليمنيين، حتى يقيظ الله لهم من يمتلك شجاعة وكبرياء ؟