
لماذا لا نثق بإجراءات الحكومة الاقتصادية؟
تحسنت أسعار الصرف، استقرت منذ أسبوعين ولم تتراجع على عكس كل مرة، لكن الإجراءات الحكومية تفتقد للثقة من جانب الناس وخاصة التجار والمستوردين.
اقتصرت الإجراءات الحكومية على ضبط نشاط القطاع الخاص، وإعادة صور عدة من الهيمنة عليه، أو التدخل في عمله، حتى الآن النتيجة إيجابية، لكن ذلك لا يعتمد عليه.
ستتعزز الثقة بالإجراءات الحكومية عند ضبط عمل الحكومة والمؤسسات العامة الكبرى فيها، مجلس القيادة الرئاسي لا ينتظم في عمله، ومجلس الوزراء لا يعمل أيضا، ومعظم أعضائه مقيمون في الخارج بانتظام، ولأول مرة منذ سنوات يعقد مجلس الوزراء اجتماعات شبه أسبوعية منذ شهرين فقط، مقابل سنوات من التعطيل.
آلاف من مسؤولي الحكومة لا يعملون، بالأمس عاد فقط محافظ حضرموت بن ماضي إلى المكلا بعد أربعة أشهر من الغياب خارج المحافظة واليمن لا أحد يعرف ماذا يعمل في أكبر محافظة نفطية وأشدها اشتعالا بالاحتجاجات، وأكثرها تأثرا بانقطاع الكهرباء.
أما محافظ شبوة فقد عاد أيضا بعد أشهر عديدة من الغياب، ولا يعرف ماذا كان يفعل بالخارج ولماذا غاب الأشهر تلك، كما لم يعد إلى المهرة محافظها إلا من أجل الشيخ القبلي الزايدي وإلا كان مقيما في الخارج.
المؤسسات الحكومية المتعلقة بالضرائب والجمارك لم تشهد أي تغييرات جوهرية على الإطلاق، لتعزيز الإجراءات الحكومية الأخيرة، كي يتسنى القول إنها إجراءات منسقة، تخضع المؤسسات تلك لوزير المالية، وهو نفسه رئيس الحكومة، ولم يقدم أي تفسير لماذا لا توجد أي حركة تطوير شاملة في هاتين المؤسستين والمؤسسات النفطية والغازية.
استنزفت موارد الكهرباء الميزانية العامة على مدى سنوات وعقود، خاصة السنوات الأخيرة منذ تحرير شراء الوقود، ولم تقم الحكومة بفعل شيء إطلاقا تجاه هذا الثقب الأسود، يؤثر هذا الأمر على الثقة والمصداقية التي تقتصر فقط على تحركات البنك المركزي. ما يقوم به البنك المركزي هي إجراءات عادية تقع في صميم عمله، لكنها غير كافية دون قيام مؤسسات الحكومة الأخرى بمهامها.
سلسلة واسعة من المؤسسات الإيرادية الحكومية لم تقترب منها الحكومة وعائداتها بمئات ملايين الدولارات: مؤسسة الاتصالات ووزارة الاتصالات بدلا من أن تعمل على السيطرة على قطاع الاتصالات الذي مبالغ ضخمة، اتجهت بعد قرابة 20 شهرا من بدء عمل النت الفضائي في اليمن لتقويض العمل عبره، وإعادة جميع المؤسسات العاملة في البلاد إلى يمن نت الذي يسيطر عليه الحوثيون.
وفرضت المؤسسة العامة للاتصالات في عدن أسعارا باهظة لشراء الأجهزة الطرفية لستارلنك، ليس بمقدور الغالبية شراءها، كما أن باقاتها غالية جدا وبسرعات محدودة في خدمة لا نهائية. يبدو أن عمل ستارلنك لن يختلف كثيرا عن عدن نت.
في كلتا الحالتين يسيطر الانتقالي على هذه المؤسسة، ما يعني أن المجلس الانتقالي الذي قاد التحركات الإدارية للحكومة للسيطرة على سعر الصرف، لم يقترب أبدا كما يحظر على ما يبدو أي تحرك يقترب من الموارد الاقتصادية الحقيقية التي بإمكانها تعزيز إجراءات الحكومة لضبط الأوضاع الاقتصادية.
باستثناء حملة محدودة ضمن صراعات فصائل عسكرية تابعة للانتقالي ضد نقاط محدودة من الجبايات لم يكف الانتقالي ولم يرفع أي نقاط عسكرية له، سواء باسم القوات الحكومية التي يديرها في النقطة الرابعة، ولا باسم الفصائل العسكرية التابعة للمجلس، كما لم ينه الدائرة الاقتصادية والمالية التابعة له.
شركة الغاز في مأرب قالت مؤخرا إن الجبايات التي تفرضها السلطات المحلية في المحافظات المحررة هي السبب الرئيس في غلاء الغاز، لا أحد يثق بشركة الغاز، لكن الناس أيضا يشاهدون يوميا الجبايات المنتشرة في كل منطقة، ولذا لا يثقون أيضا بالإجراءات الحكومية.
المصدر: يمن شباب نت