اليمني الذي نراهن عليه
أحد أفراد الجيش الوطني بتعز، يتصل لصاحبه ليستعير منه البندقية والجعبة، لأنه سيذهب إلى الجبهة مع زملائه، في نهاية المكالمة أبلغ صاحبه: كما البيت بلا مصروف..
لم يجد صاحبه ما يقطع الصمت غير الشتيمة، الشتيمة الصاعدة من قرارة الغُبن لن يسمعها من الكبار أي شخص ولن تغير من الأحوال أي حال، ولكنها تساعد على الثبات!.
الجندي الذي جُرح من قبل، يستعير بندقية من زميله الجريح ليذهب إلى الجبهة، أطفاله بلا مصروف ومنزله بلا أغراض، يعرف أنه سيذهب إلى خط النار، سيواجه كل عتاد الحوثي، زملاؤه أصيبوا بقنبلة نزلت من طائرة مسيرة، وأمامه حط صاروخ باليستي، ورأى في طريقه مدنيين يسقطون برصاص القناصات، نيران الأسلحة المتوسطة تنطرح في المكان الذي ارتفعت منه قدمه، والقذائف تنهمر حول موقعه، لن يذهب إلى نزهة، يعرف بأنه قد لا يعود، لا وقت للوصية، يكتفي بجملة أو اثنتين لزميله أن ينتبه على الأولاد أثناء الغياب المؤقت، أو الغياب الطوييييييل..
لا تنظروا إلى مستلزمات الجنود في أوكرانيا وروسيا، من الخوذ إلى الدروعات، إلى الأسلحة والذخيرة، والتغطية المصاحبة لتحركاتهم من الجو، المدججون يتوارون للخلف، أو يتقدمون بحذر رغم التجهيز العالي والتكتيك المتقدم، يظهر جندي أوكراني في مقطع مصور يتحدث إلى والديه بفزع: إنهم يسحقوننا!..
أعرف مقاتلاً في تعز، اشترى فرشاً صغيراً إلى المترس، كي يقسم لوالدته أنه فوق الفرش إذا ما اتصلت لتطمئن عليه!.
قارنوا مستلزمات المقاتل اليمني بمستلزمات دولة مجاورة، أو حتى دولة وضعها مشابه للوضع اليمني. شكلياً المقارنة مفاجئة. الآن قارنوا الجندي/ المقاتل في أي محافظة يمنية بالمقاتل/ الجندي في الجيش الوطني بتعز، من الناحية الشكلية أيضاً ستكون المقارنة مفاجئة، حتى من ناحية البزات العسكرية. إلى جوار مستلزمات الفرد، أضيفوا العتاد والتموين والرواتب وغيرها..
المقاتل الذي تغلب على الأوضاع القاهرة، وصمد هذه الفترة الطويلة من القتال، هو البطل المفترض أن نراهن عليه، رغم أنه لا يرى شيئا من صفات البطولة في نفسه، ويبدي إعجابه عندما يرى أي قادم لمهاجمة العدو: المهم أن نزيل الشرذمة الدامية من أرضنا..
الصامدون هم الأبطال، عند الدفاع يبقون في أماكنهم ثابتين، يبحثون عن وسائل تقوي خط الدفاع بشتى الوسائل، يبنون ويحفرون، وكم من حجر تود أن تزحزحه يحتاج إلى جهد ومشقة..
الصامدون هم الأبطال، عند الهجوم لا ينظرون إلى ما يملكه العدو من عتاد، يفكرون فقط كيف سينفذون إليه، وكم من خطوة يسيل لها العرق..
ندين بصمودنا أمام مليشيا الحوثي، للذين يواجهونه بمبدأ راسخ وقناعة صلبة، للذين يندفعون لقتاله مسرعين، لا تبطؤهم شحة الإمكانيات، الصابرون في الجبهات لم تغرِهم جفجفة النقود هنا وهناك، ولم تقعدهم صعوبة واقعهم "وضعهم العسكري، أو وضعهم المادي". وسط ظروف الحياة الداعية للعزوف عن المواجهة آثروا الوقوف أمام مليشيا الموت.
يمن شباب نت