من يجرؤ على الكلام؟!

قد يبدو مضمون ما أعلنه السيد خالد اليماني مفاجئاً وصادماً، فقد كان إلى عهد قريب يمثّل اليمن في أكثر المناصب حساسية وأهمية.

ومع أنه كان ممكناً أن يكون لأي منا موقفٌ وحدوي معلن، ومناهض للانفصاليين وداعميهم، في عهد الرئيس هادي، ولا يؤاخَذ عليه، أو يُقال من عمله بسببه، خلافاً لمن جاء بعده، لكن التعيينات التي تمت منذ 2015 لم يكن معيار الولاء المطلق للجمهورية اليمنية، ولليمن ووحدته، أساسياً في التعيين. وقد شوهد بن مبارك واليماني في حفل في أمريكا عام 2017، وأعلام الانفصال تغمر المكان ويكاد أن يغرقا في تلك الأعلام الانفصالية. بل إن بن مبارك امتدح، ضمناً، مضمون تلك الأعلام يومذاك.

وكان أحدهما وقتذاك سفير اليمن في واشنطن، والآخر مندوبها الدائم في الأمم المتحدة.

وهناك غيرهما في مواقع وبلدان لا تقل أهمية، بمواقف وارتباطات تشوبها الشوائب.

أما بعد تمكين الانفصاليين، بإرادة التحالف ودعمه، ودمجهم في الحكومة والرئاسة، وإصدار تعيينات تخدم الانفصال، وخضوع مجلس الرئاسة تماماً للانفصاليين، فلا غرابة أن يعلن أمثال السيد خالد اليماني رأياً مثل ذلك، ويتكاثر الذين يخطبون ودّ الانفصاليين والتقرب إليهم.

ونعلم أن أغلبية أبناء اليمن، في كل بقعة فيه، يدركون أن تجزئة بلدهم خطرٌ عظيمٌ وعارٌ تاريخي وإهانة بالغة، لا تخدم إلا مصالح وأطماعاً خارجية، قديمة وحديثة، ولذلك فإنهم ليسوا مع تجزئة بلدهم بالتأكيد.

لكن ما هي العلّة الآن؟

مقابل تصريحات مثل تصريحات  اليماني، لن نجد مسؤولاً يمنياً واحداً، لا في الرئاسة ولا في الحكومة ولا في السلك الدبلوماسي، يصرّح علناً بخلاف ما أعلنه اليماني، أو يستنكر ما أعلنه.ليس لأنهم غير مقتنعين بوحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه.لكنهم لا يجرؤون. 

لماذا لا يجرؤون؟ لم يعد هناك قادة في الواجهة.هناك موظفون، من أعلى السلم إلى أدناه، خانعون وخاضعون، ينفذون مشيئة الممولين الراغبين في تجزئة اليمن.

ما يزال اليمن العظيم يتيماً.ولكن إلى حين. واليُتم لا يستمر.