انهيار العملة يُسقط مجلس الرئاسة

منذ مطلع سبتمبر وحتى الآن منتصف أكتوبر، احتفلت شرائح واسعة من الشعب اليمني، بذكرى الثورتين الخالدتين اللتين منحتاه الكرامة، وشقتا له الطرق للسير في طريق الكرامة، في ظل دولة جمهورية ديمقراطية، كما يطمح وتعبر عنها مختلف القوى السياسية والاجتماعية والمهنية القائمة.


غير أن تلك الاحتفالات والتظاهرات لم تتحول وتترجم إلى منظمات سياسية واجتماعية ومهنية واقتصادية، وبالتالي فإن أثر تلك المظاهر التي طالت اليمن كله، لم تكن مؤثرة كما يجب خاصة في المناطق المحررة من مليشيا الحوثي.


من الصادم حقا، أن تستمر انهيارات العملة المحلية وسقوط قوى اجتماعية بالملايين من هذا الشباب في وحول الفقر المدقع دون أي تحرك يطالب السلطات المحلية والمركزية بالمعالجات أو إجبارها على الرحيل.


جريمة كبرى أن تقف الحكومة المعترف  بها دوليا متفرجة بمستوياتها الثلاثة: مجلس القيادة والحكومة والسلطات المحلية أمام سقوط الشعب اليمني كله في الفقر والجوع والذل وهو واقع يناقض كليا مضامين وأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وكأن الأمر لا يعنيها.


الأشد استغرابا هو صمت الناس والقوى السياسية والاجتماعية التي تنخرط فئات منها في هيكلة الحكومة وتعمل على تعطيل قواها عن التظاهر والرفض لهذا الانهيار المريع الذي لم يعد ينجو منه أحد، لا تاجر ولا رجل أعمال ولا غيرهم، فضلا عن تلاش تام للطبقة الوسطى وتحولها إلى فقر مدقع، أما الشريحة التي كانت في فقر مدقع أصلا فهم يموتون يوميا بالعشرات والمئات في أبواب المستشفيات وأمام براميل القمامة وفي البيوت والطرقات، وبعضهم تحول إلى مجرم يشنق عائلاته وأقاربه.


إذا لم تترجم الاحتفالات الشعبية بذكرى ثورتي سبتمبر وأكتوبر إلى مؤسسات سياسية واقتصادية ونقابية تعمل على مواجهة السلطات المحلية والحكومية والمركزية وتشكل تهديدا شديدا على استقرار المسؤولين والقوى المشاركة في الحكومة بمختلف مستوياتها، فإن تلك الاحتفالات تفقد معناها، والوعي السياسي الهائل بقيم الثورتين سيتراجع، وستصبح مجرد احتفالات أشبه باحتفالات أعياد الميلاد والإنجازات الشخصية، وموسما استهلاكيا يشكل عبئا على الشعب الذي يعتصره الجوع والفقر والمرض.


إن الطريق إلى مواجهة الانهيار المريع للعملة المحلية، يقتضي أولا نزع الشرعية والرضى عن مجلس القيادة الرئاسي المستمتع أفراده بالرحلات في المنافي الخارجية الاختيارية، وعدم تشكيل أي خطر على مناصبهم. وبالتأكيد الطريق إلى تهديدهم لا يكون بالسلاح، بل بالقانون وأدواته مثل التظاهرات والاعتصامات والإضرابات ورفع الدعاوي القضائية والتحركات النقابية والمهنية وغيرها.


لم يعد هناك من وقت لتأخر الحراك الشعبي ضد حكومة مجلس القيادة في مختلف المحافظات، وإذا تحركت فعاليات أقل بكثير من الفعاليات التي نظمت بذكرى ثورة 26 سبتمبر بلا شك سيدرك مجلس القيادة أن بقاءه على المحك، فإما أن يعالج المشكلة وهو أمر مستبعد ولكن قد يحد من سرعة الانهيار غير المبرر للريال أو يستعد للرحيل.


المصدر: يمن شباب نت