الخدمات ومسؤولية سكان تعز

‫منذ أيام تعمل السلطة المحلية في تعز ليل نهار على ترقيع الخطوط الرئيسة داخل المدينة، وانتشال أطنان القمامة التي تستوطن المدينة منذ 2015. وانتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي صورا لمسؤولي السلطات المحلية في المدينة والمديريات وهم يتسابقون على إنجاز الأعمال خاصة في مجال الطرقات والنظافة، وصولا إلى مكاتب أخرى كالصناعة والتجارة مرحبين بزيارة مرتقبة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى تعز.


إن ما تقوم به السلطة المحلية ابتداء من المحافظ نبيل شمسان وحتى أصغر موظف من مختلف الأحزاب السياسية في المدينة لإثبات جدارتهم أمام رئيس مجلس القيادة، تشير إلى اختلال هائل في بنية السلطة المحلية ومنظومتها القيمية وواجباتها القانونية والدستورية، ذلك أن تلك المهام يفترض أن يعملوها باستمرار دون كلل من أول يوم لاستلامهم المنصب.


النفاق والتملق عادة المسؤولين في الدول التي لا تحترم شعوبها، ولا يحكمها القانون، بل الغلبة والقوة، والعصابات، وتظهر بأشد تجلياتها وصورها في تعز هذه الأيام.


يتحمل مجلس القيادة والأحزاب والسلطة المحلية مسؤولية هذا النفاق، الذي يصل إلى حد الإجرام بحق ملايين المحاصرين منذ تسع سنوات، الذين يعيشون أسوأ الأوضاع على مختلف المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحقوقية والسياسية.


رغم ذلك، يقع اللوم على سكان المدينة ومكوناتها الذين يعيشون في حالة تيه وجمود وعجز واستسلام منذ بدء الحصار والحرب الحوثية عليهم، فبينما يقدم السكان شجاعة لا نظير لها في مواجهة الحوثي والاحتلال الإيراني وحصاره الغاشم، وإقدام وتضحيات وكل ما يتطلبه المقاومة، إلا أن السكان يقفون في موت حقيقي واستسلام غير مبرر أمام إهمال السلطات المحلية وعدم القيام بواجبها، تجاه سكان المدينة، الذين يمولون السلطة المحلية بالكامل من قوت أنفسهم وعائلاتهم وأطفالهم، عبر الضرائب ونقاط الجبايات وغيرها.


تكشف الأعمال الحالية للسلطة المحلية عن مسؤولية كبرى تقع على عاتق السكان في المدينة، يستلزم منهم أن يقوم كل فرد في كل حي وحارة وشارع بأن يشكل ضغطا حقيقيا على السلطات المحلية بمختلف مستوياتها لتلبية خدمات السكان ومحاسبتها ومراقبتها ليل نهار، وإجبارها على أن تقوم بواجباتها وفق الدستور والقانون وأيضا وفق ما يحتاجه في حياته، بما يلبي له العيش بأمن وكرامة.


إن اللوم الحقيقي في الفضيحة التي تضرب هذه الأيام السلطات المحلية التي ظهرت فجأة بأعمالها في الشوارع، تقع على السكان وخاصة نخبهم من المحامين والصحفيين والقيادات المجتمعية وأئمة المساجد وأساتذة الجامعات والمعاهد والتجار الذين صمتوا عن الحياة المهينة التي يعيشونها خلال السنوات الماضية من الحصار الظالم، بينما تتنعم السلطات المحلية بالجبايات والرفاهية هم وعائلاتهم مقابل بؤس ملايين السكان المحاصرين في المدينة.


هناك إشارات ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي لتحركات شعبية وفردية جادة لكنها غير مؤسسية وغير فعالة بما يكفي لاستمرارها، مثلا ما يقوم به الناشطون في حملة "تعز من القاع" التي تكشف انهيارات الطرق وسوء الأوضاع في المدينة، جيدة، وهي تراقب بفعالية ما تقوم به السلطات منذ أكثر من سنة، وحققت نجاحات عدة في الماضي، رغم بساطتها، وعادت هذه الأيام للظهور مجددا لنشر أعمال السلطة المحلية ومسؤوليها المتسابقين أمام الإعلام، تحت عنوان حملة الترقيع، إلا أنه ينبغي تطوير هذه الحالة لتكون مؤسسة حقيقية لديها القدرة على تبني مصالح الشارع ومواجهة السلطات المحلية، ومعلوم أن مسؤولين بهذا الهوان لن يستطيعوا مواجهة تحرك شعبي وسينصاعون للاستجابة لمطالب الشارع أو سيكونون مجبرون على الرحيل من مناصبهم.


يمن شباب نت