تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
فجّر الحوثي أول طلقة رصاص للحرس الثوري الإيراني باسمه في صعدة قبل أكثر من عشرين سنة بالضبط من الآن، دون أن تسبقها أي اضطرابات اجتماعية أو اقتصادية أو حتى عسكرية في صعدة في ذلك الوقت، سوى أنه كان قادرا على تفجيرها ولديه العدة الكاملة لتلك الحرب. ما بين 2004 تاريخ أول حرب حوثية، وأبريل 2022 تاريخ الهدنة المستمرة حتى اليوم، فجر الحوثي مئات المعارك، وهاجم معظم المحافظات اليمنية، بوحشية استخدم فيها كل قوته كما تفعل الصهيونية في غزة، وكما تمثل الصهيونية الغرب الاستعماري، يمثل الحوثي الاحتلال الإيراني.
منذ أكثر من سنة عادت التهديدات الحوثية بالعودة للحرب مرة أخرى، ومهاجمة المحافظات اليمنية المحررة منه، ووصل التهديد به مؤخرا إلى تهديد واضح قبل أيام للسعودية شمل التهديد صراحة بإغلاق البنوك والمطارات والموانئ السعودية، بعد سلسلة قرارات اتخذتها الحكومة اليمنية عبر البنك المركزي تعمل على تمكين مؤسساتها المالية الاقتصادية من السيطرة على السوق اليمنية، وإعادة ضبطها وفقا للقانون اليمني.
بين تفجيرات الحوثي للحروب وهجماته واحتلاله للمدن اليمنية والمحافظات والأرياف، وبين تهديداته الحالية ثمة فجوة لا يعترف الحوثي بها، أو هو غير قادر على رؤيتها، وهي عجزه الواضح عن العودة إلى الحرب، تطبيقا للمثل القائل: الكلب النباح لا يعض. لا ينطبق المثل على الحوثي تماما، فهو ربما قد يشن هجوما بشكل أو بآخر في آخر محاولة منه للفت انتباه السعودية لدفع التقدم في المفاوضات معه خطوة إلى الأمام، ولكن تلك الهجمات التي يرجح أن تكون على الممر البحري، وعلى سفن سعودية، لن تكون قادرة على التأثير برأي كثير.
اعترف الحوثي نفسه في آخر خطاب له، بأنه يتجنب العودة إلى الحرب حتى الآن بألا تقع مشكلة، وهو الأمر الذي لم يكن يخطر بباله على الإطلاق من قبل، بل إن النتائج المدمرة للحرب كان يستغلها الحوثي لصالحه، وهو ما اختلف الآن. لذلك عاد الحوثي واعترف بأن خيار العودة إلى الحرب خيار انتحاري: "فلتقع ألف ألف مشكلة".
لكن الحوثي يتناسى عدة متغيرات محلية وإقليمية ودولية لم تعد في يده كما كان سابقا: على المستوى المحلي صارت الإضرابات النقابية والمظاهرات القبلية والمهنية، والشعبية حقيقة واسعة تقوض قدرة الحوثي، وازدياد المقاومة الفردية ضد الحوثيين في تصاعد مستمر، آخرها بالحديدة قبل يومين، والانشقاقات العسكرية في صفوف الحوثي والاستنزاف المالي لقدراته ارتفعت في الأشهر الأخيرة. لم تؤدي هجمات الحوثي البحرية بزعم نصرة غزة، لم تؤد إلا تغيير في المزاج الشعبي، الناقم ضد الحوثيين، ولم يكتسب أي شرعية، ولم تؤد إلى تغيير في الموقف الإقليمي من الحوثييين، رغم تطور هجماته إلى هجمات مشتركة يزعمها مع المليشيات التابعة لإيران في العراق، كما أن الاتفاق السعودي الإيراني حتى الآن ما زال نافذا منذ مارس 2023 رغم غموضه وغموض الملف اليمني فيه، إلا أن الحوثي لا يمكنه تجاوز ذلك الاتفاق على الأرجح.
دوليا فقد الحوثي الدلال والنفوذ الذي كان يستغله ويوظفه عبر الولايات المتحدة والأمم المتحدة للضغط على السعودية والحكومة اليمنية لتنفيذ مطالبه، وصار اليوم عاريا عن أي تأثير، وبدا الحوثي مجنونا حد الهوس في خطابه الأخير، بسلسلة القرارات الحكومية خاصة المتعلقة بالبنوك، وللتغطية على عجزه الفاضح، ذهب الحوثي لتهديد السعودية مع أنه أصدر سلسلة من القرارات ردا على قرارات البنك المركزي في عدن، لكنها بلا قيمة حتى الآن.
بالخلاصة فإن الحوثي صار عاجزا أكثر عن الهجوم رغم امتلاكه سلسلة أضخم من الصواريخ الإيرانية بأنواع عدة وطيران مسير وزوارق مسيرة أيضا، لكنها لم تعد كافية لتمكينه من تحقيق أهدافه كما كان في السابق.
يمن شباب نت