جهود أمريكية إسرائيلية خليجية لتكثيف زيارة المسلمين للأقصى
قال كاتب إسرائيلي إن "الرادار الإعلامي يراقب عن كثب تأثير التطبيع الإسرائيلي الإماراتي على تراجع خطة جلب مليوني سائح مسلم إلى الحرم القدسي كل عام، فالفلسطينيون الذين دعموا سابقًا "إغراق" المسجد الأقصى بالمسلمين من جميع أنحاء العالم، باتوا اليوم يعارضون الأمر بشدة، لأنه يمر عبر هذه الاتفاقية المرفوضة".
وأضاف نداف شرغاي في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم ترجمته "عربي21" أن "الملصقات الضخمة قبل أيام قليلة في الحرم القدسي وتحمل شعار (محمد بن زايد خائن)، وحرقت صوره أمام قبة الصخرة لا تبشر بالخير بالنسبة لرؤية جاريد كوشنر للسلام الديني، بعد أن أعلن الشيخ محمد حسين مفتي القدس المعين من السلطة الفلسطينية أنه: لا يجوز للمسلمين الصلاة بالمسجد الأقصى تحت رعاية اتفاق الخيانة بين إسرائيل والإمارات".
وأشار إلى أن الفلسطينيين لا يجدون صعوبة في ابتلاع التطبيع الإماراتي الإسرائيلي فقط، بل يمتد الأمر إلى تبعاته الدينية، حيث تتحدث رؤية كوشنر المعلنة، صهر الرئيس ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط، عن توافد جموع المسلمين القادمين من دول الخليج للصلاة في المسجد الأقصى، برسالة سياحة وانفتاح وتسامح، معتقدا أن هذه الجماهير ستدرك بأعينها أن "الأقصى ليس في خطر على الإطلاق".
وأوضح أن رؤية كوشنر تهدف لدحض رواية الفلسطينيين ورجال الدين في جميع أنحاء العالم الإسلامي لسنوات عديدة بأنهم بعد زيارتهم هنا سيصبحون سفراء النوايا الحسنة، ويبدأون بنفي المزاعم في جميع أنحاء العالم الإسلامي، حتى إن أبا مازن الذي شجع علنًا حتى يومنا هذا الزيارات الإسلامية للقدس من جميع أنحاء العالم، بات متناقضا مع رسالة كوشنر.
وأكد على أن الإسرائيليين والأمريكيين يتحدثون في مباحثات غير رسمية، عن أن لديهم هدفا مبدئيا يتمثل بتوافد مليوني سائح مسلم لدولة الاحتلال سنوياً، معظمهم سيزورون المسجد الأقصى، تحت اسم "السلام الديني"، مع أنه في 2018 زار 98 ألف سائح مسلم فقط القدس والأقصى، وأن نتنياهو من جهته "يتوافق مع كوشنر، ويتحدث عن ترتيبات خاصة للمسلمين الذين سيأتون من الإمارات والخليج كي يصلوا في المسجد الأقصى".
وأشار إلى أنه "في السنوات الأخيرة، نسقت إسرائيل عدة زيارات لوزراء الخارجية العرب للحرم القدسي، كمقدمة لما يمكن توقعه الآن، ففي آذار/ مارس 2018 قام وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة بزيارة الأقصى، وبعد ستة أشهر وصله وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، وفي 2019 زار وفد خاص من الكويت الأقصى، بعد التنسيق مع مكتب رئيس الوزراء.
وأوضح أنه لا يزال الوقت مبكرا لتقييم كيف سيستقبل الفلسطينيون وشوارع القدس المحتلة موجة السياحة الإسلامية، إذا حدثت فعلا، رغم أن المستشرق عيران صدقيا، عضو منتدى التفكير الإقليمي وطالب الدكتوراه في معهد العلوم السياسية في باريس، الذي يقوم بجولات إرشادية في الحرم، سمع من أحد المعلمين المسلمين في القدس أن الأحذية والطماطم ستلقى على كل من يزور القدس من المسؤولين العرب تحت رعاية دولة الاحتلال.
وقال: "قبل عام واحد فقط شهدنا طرد المدون السعودي محمد سعود من الحرم القدسي، وهو ضيف وزارة الخارجية الإسرائيلية، وتم شتمه، ورشق الكراسي باتجاهه، ولم يكن سعود أول من تم استقباله بهذه الطريقة في ظل معارضة الفلسطينيين للتطبيع مع إسرائيل، فقد سبقه وزير الخارجية المصري الأسبق أحمد ماهر في عام 2003، حيث تم استقباله بالحجارة والعصي، ووصف بـ الخائن والمتعاون".
وأشار الكاتب إلى أن "زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات للقدس في 1977 أثارت في حينه استياء شيخ الأزهر، المرجع الديني الأعلى في العالم السني، واستقبلها الفلسطينيون بازدراء، ولم يحبوا زيارة الحجاج من ليبيا في 1993، ولا الزائرين من الدول الإسلامية الذين زاروا الحرم بعد محاولة يعقوب نمرودي تأسيس شركة "زيارة" لتشجيع السياحة الإسلامية لإسرائيل".
وأوضح أنه "في تلك السنوات جاء مسلمون من مصر والمغرب والأردن وإندونيسيا وماليزيا وكازاخستان وأوزبكستان إلى الحرم القدسي، بالإضافة إلى الشيخ السعودي أسخان إدريس، حيث أثارت زيارته حماسًا كبيرًا في إسرائيل، لكن قبل 8 سنوات، وتحديدا في فبراير 2012، غير أبو مازن الاتجاه، حين ألقى كلمة أمام المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس في قطر، ودعا كل مسلم لزيارة القدس لتعزيز السيطرة الفلسطينية عليها".
وأضاف أن "موقف أبي مازن الجديد طعن في مواقف العديد من رجال الدين المسلمين، والرأي الذي يحمله كثير من الفلسطينيين آنذاك، بأن هذه الزيارات تضفي الشرعية على التطبيع مع إسرائيل، وتتصالح مع "احتلال" الأضرحة الإسلامية، لكنه في تلك الأيام حصل عباس على دعم مفتي القدس محمد حسين، الذي يهاجم حاليًا خطط زيارة الإمارات للأقصى.
وأشار إلى أن "أبا مازن اليوم حاشيته لديهم معضلة حقيقية، فقد قاتلوا لسنوات مع المدرسة المنافسة، التي منعت زيارات المسلمين للمسجد الأقصى، لأنه دأب على استخدام حكاية "الأسير" كناية عن القدس والأقصى، وضرورة زيارة هذا الأسير، لأنها لا تدل على أي معنى للتطبيع مع السجان، لكنه الآن يواجه معضلة صعبة".
وأوضح أن عباس قد يكون قادراً على ابتلاع الزيارات من الإمارات، إذا اتخذت طابعًا مختلفًا؛ وتشمل استثمار أموال في القدس، لتعزيز صمود الفلسطينيين، أو أن الضيوف الجدد سيقيمون في الفنادق الفلسطينية، عندها فقط هناك احتمال بأن يتقبل الفلسطينيون ما سيحدث، لكن من السابق لأوانه إعطاء التقييم المتوقع".