"المشكلة التي تبدأ بالحوار تنتهي بالحرب، والتي تبدأ بالحرب تنتهي بالحوار"

تواصلت أمس البارحة بالأخ الرئيس السابق علي ناصر محمد وذكّرته بهذه العبارة التي بين القوسين، واستأذنته بنشرها بمناسبتها وحيثياتها فأذن لي بذلك.

 الحكاية من بدايتها هي: انني في مطلع عام ٢٠٠٩م تقريبا زرته الى مقر اقامته في دبي وسلمته في حينها وثائق اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني وبجانبها دعوة من رئيسها الشيخ المناضل حميد الاحمر، للانضمام الى مسار الحوار.


المعلوم أن هذه اللجنة شكلت بتوافق من أحزاب اللقاء المشترك بهدف التحضير لعقد مؤتمر حوار وطني شامل، يتم من خلاله مناقشة الأزمة اليمنية الحاصلة، والاختناق القائم بين أحزاب المشترك وسلطة الرئيس صالح والمؤتمر الشعبي العام. استقبلني فخامته بحفاوة ودار بيني وبينه نقاشا مستفيضا ودردشة مفتوحة استمرت ساعات طويلة من الليل بعد أن عرف انني من منطقة خطوط التماس الحدودي السابقة في جبال "القبيطة" التي دارت فيها مجمل الصراعات بين الشطرين.


 سألني فخامته عن تفاصيل مقالة طويلة لي كنت قد نشرتها في مجلة "نوافذ" بعنوان "هكذا علمني الرئيس حمل المسدس " وفيها وثقت مجمل الاحداث في هذه المنطقة الحدودية بالتفصيل.

 

سألني سيادته عن بعض تفاصيل تلك المقالة وعن أشخاص في تلك المنطقة وردت اسمائهم في المقالة ومنهم عمي بالمصاهرة الشيخ عبد الجليل محمد اليوسفي رحمه الله ، الذي هو شيخ المنطقة ومسئول نقطة الحدود في الشريجة، وقائد حرس الحدود، وعن اخيه الشيخ عبد الله محمد شيخ ضمان المنطقة رحمه الله ؛ والشيخ علي عبد الجليل العبسي رحمه الله ، والبعض من ابناء المنطقة ورموزها وحتى بعض ممن كانوا في حرس الحدود من رجال الجيش والأمن والمخابرات.


 كما تحدثنا عن امور ذات صلة باستقبال المنطقة للنزوح الذي اعقب احداث يناير، بما في ذلك استقبال وتأمين بعض المسئولين بطريقة معينة..... وكذا استقبالها للفلسطينيين من اصحاب جورج ونايف واصحاب الرايات .... وامور اخرى ربما نتحدث عنها لاحقا باذن جديد من سيادة الأخ الرئيس كونها لا علاقة لها بموضوع هذه العبارة "المقوّسة" اما فيما يخص هذه العبارة الواردة في هذا العنوان فالرجل سألني عن طبيعة وماهية الحوار الذي يعتمل..؟ وعن مهام اللجنة التحضيرية التي يرأسها الشيخ حميد الاحمر رغم أن الرجل كان على تواصل مستمر مع الشيخ حميد.


 في المجمل العام قلت لسيادته إن الامر لم يصل الى مستوى الحوار حتى الآن، ولكنه مجرد تشاور وتواصل قد يفضي الى الحوار الشامل. وربما يفضي الى حوار مع النظام والرئيس صالح.

 رد سيادته على كلامي قائلا :اعتقد ان المشكلة بين المشترك والرئيس صالح ليست بهذا التعقيد الذي لا يحل الا بحوار وطني شامل وجامع، لأن هذه من الخلافات السياسية التي تحل في اطارها السياسي.


وأضاف قائلا: المشكلة الكبرى هي في قضية صعدة، والقضية الجنوبية، واعتقد أن مجمل عناصر المشكلتين ليست بيد المشترك، ولا اللجنة التحضيرية للحوار، وبالتالي ليس بمقدور هؤلاء جميعا التحكم بمخرجاتهما، لاسيما وهناك اطراف إقليمية ودولية تسعى الى تأجيج هاتين القضيتين، في حين أن الرئيس صالح ربما وجد مبتغاه في اللعب على تناقضاتهما بالقدر الذي يربك احزاب المشترك ومن اجل ان يتنصل من بعض الاستحقاقات الوطنية.


 بعد هذا الحديث عن الحوار شعرت بان الرجل كان متحفظا من اي مشاركة في الحوار، وليس لديه اي تفاعل مع اطرافه سوى البقاء على خط التواصل والبقاء بالقرب من كل الاعتمالات والاحتمالات حتى تستبين الامور اكثر، وهو ماعزز من قناعاتي المسبقة بعدم جدوى هذا العمل الحواري في حينيها الا في حدود انجاز توصيف للمشكلة وايجاد توافق سياسي على هذا التوصيف ولو بحده الأدنى. 


عاد سيادته ليسألني عن القائد علي محسن ..؟ وعن حاله..؟ وعن علاقتي به..؟ قلت له علاقتي به طيبة منذ منتصف التسعينات ولازلت اتردد عليه بين الحين والآخر، قاطعني بالقول ان على محسن هو صديقة وهو من أوفى الناس معه ومع مجموعته في صنعاء وامور اخرى......... 

 سألني ايضا عن راي علي محسن في المشترك وما موقفه من الحوار .....؟

 قلت له علي محسن رجل عسكري ومنشغل بأمور الجيش وحرب صعدة 

 قاطعني بالقول هو اكبر من عسكري ومن اي سياسي بل هو ممسك اهم الملفات ..

 قلت له هو جزء من نظام صالح ولا علاقة له بالمشترك ولا بالحوار وفي الاخير سينفذ اوامر صالح كونه احد اركان حكمه...


 رد علي بشكل قاطع قائلا :اذا لا فائدة من الحوار ولا من النضال طالما وعلي محسن خارج هذه العملية، واضاف قائلا: اي ملف يتحرك خارج مستمسكات علي محسن فمصيره الفشل... وانتهى حديثه معي عند هذه العبارة الصادرة منه، ولم يضف بعدها شيئا ، الا انني اوضحت له باننا امام معادلة جديدة يقف على رأسها الشيخ حميد بن عبد الله ، وهي معادلة تشبيكية نادرة تجمع بين تأثير الإصلاح، وقبيلة حاشد، والمشترك وهي جديرة بإنتاج معادل وطني جديد وبإمكانك الاستمرار بالتواصل بالشيخ حميد وهو اقدر على ايصال فكرة الحوار اليك بكل تفاصيلها ومساراتها وقضاياها.


 رد علي قائلا: افهم ذلك كله والشيخ حميد رجل التوازنات وصاحب تدبير وانا على اتصال به على الدوام ، لكن الازمة ربما اكبر من اي تدبير، وانتهى لقائنا على هذا الوضع.


 استاذنته بالمغادرة.. قال لي الوقت متأخر الان نام عندي هنا وانا قد ابلغت ادارة الفندق أن يحجزوا لك غرفه فربما أحتاجك لو طلع براسي شيئ، قلت له عندي زملاء بانتظاري في الفندق وهو قريب منك وبإمكانك تتصل بي في اي وقت وانا اجيك واعطيته رقم تليفوني وودعته لكن الرجل اصر على مرافقتي الى نهاية الطارود حيث المصعد الكهربائي وقبل ان اغادر ناداني يا بن سالم قلت له مرحبا واقترب مني وقال بصوت خافت الاتي :

 شوف يا بن سالم لي كلمة معك وانا صاحب تجربه وتاريخ ومعرفه قلت له اتفضل قل وانا اسمع ..قال : "شوف اي مشكلة تبدأ بالحوار عادة ما تنتهي بالحرب... واي مشكلة تبدأ بالحرب تنتهي بالحوار" قلت له هل اصرح بهذا اعلاميا نقلا عنك ضمن ما سأصرح به عند عودتي الى صنعاء ..؟ قال لا ابد لا تصرح بهذا الكلام ولكن خليه في بالك واشار بأصبع السبابة الى راسي ..

 قلت له الى متى اتكتم عن هذا الكلام والى متى سيظل في بالي ،قال خليه في ذهنك حتى يأتي موعده وسيبرز الى المشهد وهو سيتحدث عن نفسه بنفسه والمهم انك انت ستقول في حينها هذا ما اخبرني به الرئيس علي ناصر محمد..