المظلومية المنسية: حكاية الإصلاح والإصلاحيين في زمن الالتباس
صحيحٌ أن حزب الإصلاح قدّم تضحياتٍ جسيمة في سبيل الوطن والقضية، ووقف في الصفوف الأولى دفاعًا عن الجمهورية والشرعية ووحدة الصف الوطني، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يُغفل مظلوميته الخاصة، تلك التي تعرّض لها على أيدي أعدائه وخصومه وشركائه على حدٍّ سواء.
فالحوثيون استهدفوا الإصلاح استهدافًا ممنهجًا، اغتالوا رجاله وزجّوا بقياداته وأعضائه في السجون والمعتقلات، وطاردوا ناشطيه ولا يزالون في كل المحافظات، وأغلقوا مؤسساته، في حملةٍ شعواء لا لشيء سوى لأنه كان الصوت الأبرز في مقاومة مشروعهم الكهنوتي.
وفي المقابل، لم يسلم الإصلاح من شركائه وحلفائه، إذ ظلّ بعضهم ينظر إليه بريبةٍ وشكّ، ويتعامل معه كأنه خصمٌ لا شريك، أو كأنه نسخةٌ أخرى من الحوثيين، في ظلمٍ مضاعف لا يليق بحزبٍ قدّم هذا القدر من الوفاء الوطني.
من حق الإصلاح، بل من واجب قيادته، أن يرفع صوته ليكشف عن مظلوميته، وأن يتحدث عنها بوضوحٍ وكرامة في خطابه الإعلامي، وعلى لسان قياداته، فالصمت في موضع البيان ليس تواضعًا، بل تضييعٌ للحق وإهدار للقضية.
ما زال خطاب الإصلاح الرسمي حتى اليوم يُقدَّم نفسه باسم “الحكومة” و“الأحزاب” و“الشرعية”، دون أن يتحدث صراحةً بلسانه، وكأن الحزب مجرد وكيلٍ للآخرين لا كيانٌ وطنيٌّ مستقل له تاريخه وتضحياته وحقّه في الإنصاف.
ليس من المعقول أن تلتقي قياداته بالسفراء والمبعوثين الدوليين في البلد دون أن تكشف لهم عن حجم ما يواجهه الحزب من تضييقٍ واستهدافٍ سياسي وإعلامي وأمني على مستوى كل المحافظات اليمنية، أو أن تكتفي تلك اللقاءات بتكرار عبارات دعم الحكومة ووحدة المجلس الرئاسي، وكأن الإصلاح بلا جراحٍ ولا قضيةٍ إنسانية تخصه.
إن أي حزبٍ آخر لو حمل هذه المظلومية التي يحملها الإصلاح، لملأ الدنيا بها حديثًا وضجيجًا، ولجعلها قضيةً إنسانيةً وسياسيةً تتداولها العواصم والمنظمات الدولية.
أما الإصلاح، فقد آثر الصمت والاتزان،والأختباء أحيانا، وتحدث باسم القضية وباسم الجميع إلا نفسه، حتى كاد الناس ينسون أنه أكثر الأطراف التي دفعت الثمن.