الجيش الوطني تضحيات برسم الانتصار في مأرب

تقدم لنا المعارك التي تدور حالياً في جنوب مأرب دليلاً آخر على أن القتال لا يحتدم ولا تتضاعف كلفه إلا عندما يكون الجيش الوطني بقياداته المرتبطة بالوطن المؤمنة بالله طرفاً فيها، إذ يهيمن على مقاتليه الأبرار اعتقاد راسخ بأن المعركة يجب أن تنتهي إلى دحر جماعة الحوثي الإرهابية واستئصال شأفتها ووأد مشروعها السياسي الطائفي.

المعارك في الجوبة كما كانت بالأمس في العبدية وقبل ذلك وحتى الآن في المشجح والكسارة وصرواح، معارك ملحمية، تتصاعد خلالها أرواح الشهداء كل يوم ويتم فيها حصد المعتدين الحوثيين، الذين يعرفون أكثر من غيرهم أن وصولهم إلى مدينة مأرب مستحيلاً، مع هذا الحائط المنيع من الرجال الأبطال الأبرار من المدافعين على الجمهورية اليمنية.

وما من شيء أثمن من هؤلاء الشهداء، وأكثر وطأة من أن يفقد أعظم مقاتلو مأرب ملاذاتهم الآمنة في العبدية والجوبة وجبل مراد، وأكثر ما يحز في النفس ويعمق الألم هو أن نهج التحالف الكارثي المهيمن على مجريات المعارك، هو الذي يضاعف خسائرنا في هذه الحرب، بتكتيكاته وحقده على الجيش الوطني، وسعيه الحثيث نحو توجيه مسار التضحيات الغالية هذه نحو نتائج لا تصب في تحقيق أهداف وتطلعات أبطالنا الأماجد.

كان مجيئ الحوثيين إلى جنوب مأرب فرصة متوقعة استفادوا منها كثيراً، فالترتيبات التي يقوم بها التحالف وقائدته السعودية، هي التي أوجدت هذه الفرصة، عندما اعتقدت أن ميناء بلحاف يمكنه أن يبقى سجناً عتيداً بيد القوات الإماراتية وقادة التحالف، وأن سعي الحكومة والمحافظة إلى إعادة إحياء دوره الاقتصادي الهام ينبغي أن يتوقف.

هذا الأمر رأوا أن إمكانية تحقيقه تتوفر من خلال الضغط العسكري على شبوة ومأرب، لهذا كانت الطريق سالكة أمام مسلحي جماعة الحوثي الذين تقدموا باتجاه شبوة من محافظة البيضاء، وسيطروا بسهولة لافتة على أربع مديريات في شمال غرب شبوة.

كانت الصفقة أن يصل الحوثيون إلى جنوب مأرب ويمارسون ضغطاً عسكريا أكبر على أهم مدينة في البلاد تابعة للسلطة الشرعية بالكامل، ومعها تبقى شبوة مهددة  بانقطاع شريان الإمدادات التي تصلها بمأرب، وهي وصفة كاملة لشل قدرة الشرعية على التحرك والمناورة.

تعتقد الرياض وأبوظبي أن بإمكانهما السيطرة على المعركة ونتائجها إلى ما لا نهاية، ودائماً ما يُستدعَي الحوثيونَ لإنجاز ما يريد إنجازه هذا التحالف وهو يعيد تصميم خارطة الصراع التي تعكس النوايا الحقيقية لهذا التحالف، وهو يسعى عملياً إلى التخلص من الشرعية الحالية ومعسكرها وأجنداتها.

دعونا أولاً نقر بحقيقة أن هذا التحالف لم يعد حليفاً وأن الإمارات على وجه التحديد، هي عدو كامل بالنسبة لليمن وشعبها وسلطتها الشرعية، وأنها تتساوى في الأجندة العدائية مع الحوثيين، وإلا كيف نفسر أن يتزامن انسحابها من معسكر العلم في الوقت الذي يزداد فيه الضغط العسكري على شبوة.

هذا الانسحاب بالنسبة لأبناء شبوة كان هو الإجراء الذي لم يفاجئهم بل كان ما يريدونه بالتحديد، بعد أن تحول معسكر العلم إلى مصدر تهديد كبير للسلطة المحلية بالنظر إلى دوره في التحريض ودعم الميشيات.

 ويكفي اليوم أن يدرك العالم أن الوجود العسكري الإماراتي في اليمن بات خطيراً على السيادة اليمنية وعلى وحدة البلاد وأن لا علاقة له بالتحالف أو دعم الشرعية، وآن الأوان للسعودية أن ترفع الغطاء على الوجود الإماراتي بشكل واضح، وإلا فإنها مثل الإمارات في نظر اليمنيين، ولذلك أثره المستقبلي على وجود السعودية نفسها.

فهي إن كانت تعتقد أن حربها في اليمن هو أحد الإجراءات الوقائية لحماية أمنها القومي، فإن الحرب بهذه الطريقة، يهدد أمنها القومي ويعرضه للإنكشاف، ولهذا فإن معركة مأرب تكستب أهمية حيوية إذا أنها النقطة الفاصلة ليس فقط في الحرب بين الأطراف اليمنية، بل على مستوى المواجهة الإقليمية التي تدور بين السعودية وإيران، ويكفي أن نقرأ ما يصدره الإعلام الإيراني عن أهمية مأرب لندرك إلى أي مدى تخاطر السعودية وهي تمضي قدماً في استهداف حلفائها بكل صلف وعدم اكتراث.


اليمن نت