صمت الشرعية المخزي على إجراءات سعودية لترحيل اليمنيين

لا يزال الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس وزرائه وكبار قيادات الشرعية المتواجدون في العاصمة السعودية، أبعد ما يكونون عما يجري لمواطنيهم في المملكة العربية السعودية التي أجبرت قيادتهم على المكوث في الرياض قسرياً أو في وضع الإقامة شبه الإجبارية حتى يتسنى لها ترتيب الأمور في الداخل اليمني وفقاً أولوياتها التدميرية وليس من أجل عودة مظفرة لهذه القيادات إلى الوطن.


ما من سبب يدفعني إلى رفض الفرضية القائلة إن تعريض مئات آلاف اليمنيين لإجراءات الطرد والترحيل القسريين من السعودية، هي مقدمة لإنهاء العملية العسكرية السعودية في اليمن وانسحاب هذه الدولة من أول عمل عسكري مباشر وطويل الأمد تنفذه خارج حدودها، وهو إجراء سيقتضي بالضرورة التخلص من القيادات التي تمارس الصمت المطبق حيال الإجراءات التعسفية التي تنفذها السلطات السعودية ضد اليمنيين على أراضيها.


لا يحق للسعودية ابتداء أن تقدم على أي إجراء استثنائي يضع اليمنيين أمام خطر الموت أو المجاعة أو التهجير، ما دامت تتحكم بشكل كامل بقرار الدولة اليمنية وتتحكم في برها بحرها وجوها، وتقود حرباً من بديهياته هي أن تبقي اليمنين في مأمن من تداعياتها.


ولكن كيف للسعودية أن تتبنى هذه الإجراءات التعسفية وهي تسعى إلى تحقيق النصر في اليمن؟. بالتأكيد لن تكون الإجابة نموذجية على سؤال تقليدي بشأن ما إذا كانت السعودية تسعى إلى النصر في حربها الحالية في اليمن أو أنها تتجه إلى حسم المعركة بطعم الانتصار، فالسعودية كما الولايات المتحدة، غلفت تدخلها العسكري بشعارات مثالية أخوية وأخلاقيةُ، لكنها في الحقيقة جاءت لتنفيذ أهداف مختلفة تماماً وسيئة ولا أخوية، فغاية ما ترديه السعودية هو يمن ضعيف وممزق، وهي ما حاولت إنجازه طيلة السنوات السبع الماضية من الحرب.


لهذا لا نستبعد أبداً في أن يكون استهداف اليمنيين المقيمين على أراضيها يأتي في سياق سياسة جهنمية وغاشمة وغوغائية وتفتقد إلى بعد النظر. إذ كيف تفكر السعودية أن تعيش بأمان وقد قطعت كل أواصر الجوار والمنافع المتبادلة، والمصالح المشتركة، وقضت على الأمل بإمكانية العيش المشترك وهو المستوى المفترض والطبيعي بين شعبين متجاورين، خصوصاً أن عمليتها العسكرية تحمل اسم "إعادة الأمل".


لا السعودية دولة هي الدولة اليهودية ولا اليمن فلسطين، حتى تذهب الأمور في هذا الطريق السام والقاتم واللا إنساني، هذا الاستعلاء المرفوض يمكن تقوض أسسه قريباً، ونحن نرى العالم يتجه إلى التخلص من الوقود الأحفوري، وقد بدأ بالفعل في تقليص اعتماده على النفط الخام، وهو أمر سيقتضي بالتأكيد إعادة تحديد هوية السعودية من دولة نفطية ريعية إلى دولة قائمة على موارده متنوعة إحداها السياحة الدينية والصناعات التحويلية ما يضطرها إلى التعامل مع اليمن باعتباره أكبر سوق استهلاكي في منطقة الجزيرة العربية.


من المؤسف أن مأساة التسريح والتهجير التي تطال اليمنيين لا تشغل بال القيادات اليمنية في الشرعية، التي دخلت منذ منتصف هذا الشهر في سبات، منصرفة عن هذا الحدث الخطير وغيره من الأحداث.


وفي حين نقرأ تغريدات للنجل الأكبر للرئيس هادي يُذكِّرُ فيها باستمرار بأن والده رئيساً منتخباً، نراه يتعاطى على استحياء مع أحد أهم الواجبات التي تميلها على والده مسؤولياته الدستورية تجاه شعبه خصوصاً عندما يتعرض لخطر وجودي.


الأمر ينطبق على حسابات الرؤساء الثلاثة: الحكومة والشورى والنواب من تغريدات تعكس اهتمامهم بالتهديدات الوجودية التي يتعرض لها اليمنيون في السعودية حيث تقيم هذه القيادات وتعيش حياتها بأريحية أو أنها تطبعت على البقاء في بلد يعمل بكل السبل الممكنة لتقويض الشرعية، واللعب على معادلة الصراع مرسلاً خيوطاً واهية إلى الأطراف لتبقى على ثقة بأنها ستكون في مأمن إذا ما سارت في الخط الذي يمضي فيه المشروع السعودي.


الصمت المطبق تجاه الإجراءات السعودية وتجاه المقاربة السعودية للأزمة اليمنية وتعاطيها مع مجريات المعركة، يقابله هامش من التعبير أتيح للقيادات اليمنية لكي تعبر عن سخطها من السلوك الإماراتي السيئ على كل حال، ولكن مهلاً، فالاتكاء على وتر تنافر المصالح السعودية الإماراتية لن يحمي بلدنا من مخطط احتوائه التي تنفذ من كلا البلدين دون هوادة ودونما اكتراث لرأس الدولة وللشعب اليمني للأسف الشديد.


نقلاً عن اليمن نت