على هامش التواجد النيابي العارض في حضرموت
ما من شك أن تواجد هيئة رئاسة مجلس النواب إلى حضرموت قد بعث الآمال بشأن تحرك مفترض من جانب الشرعية ومؤسساتها وفي ومقدمتها مجلس النواب، لاستعادة الدور الضائع والهيبة المهدرة، والنفوذ المتآكل، والتي مثلت جميعها هدايا غير مستحقة لأعداء الدولة اليمنية والمتربصين بها من الداخل والخارج.
لكنني صدمت حينما سمعت رئيس مجلس النواب وهو يستبق التوقعات بشأن نتائج زيارته بالتأكيد على التحديات الأمنية التي تعترض خطط عقد اجتماعات مجلس النواب في سيئون، ومنها أن القدرات النوعية لميلشيا الحوثي تزايدت مع وجود الصواريخ والطائرات المسيرة.
لقد كانت تصريحات كهذه مثيرة للإحباط، فالجميع يعلم أن الحوثيين يتلقون أسلحة نوعية من إيران وهناك أطراف عديدة تتورط في تسهل حصول الحوثيين على هذه الأسلحة لكن ذلك لا يعني بالضرورة تفوقاً نوعياً بقدر ما يعكس التسيب الذي يهمين على أداء السلطة الشرعية، والتآمر الواضح من جانب الدول التي شكلت تحالفاً عسكرياً قسرياً وتدخلت في اليمن بحجة حماية الشرعية.
حسناً لقد أعطت تصريحات البركاني انطباعاً بأن الحرب عبثية فوق ما يتصوره العقل، إذ كيف تنتهي الحملة العسكرية الشاملة على مدى سنوات واستخدمت فيها أكثر الأسلحة تطوراً وفتكاً إلى نهايات سيئة كالتي نراها اليوم.
لا يعني ذلك سوى أن المتدخلين العسكريين لم يكن هدفهم هزيمة الحوثيين بل تحطيم أكبر قدر من أسلحة الدولة اليمنية التي وضعت في أيديهم، وترك الباقي لكي يبقى معهم قوة التدمير الذاتية الكافية للدولة اليمنية، في مقابل وضع كميات موازية في أيدي جماعات معادية للدولة مثل المجلس الانتقالي أو مناهضة للسلطة الشرعية كقوات العميد طارق عفاش، في وقت بقي فيه الجيش الوطني أسير الحاجة إلى السلاح وتحت ضغط هائل لا يسعه معه إلا الدفاع عما تبقى تحت يديه من أرض وعرض.
وهنا يجدر بنا أن نلفت اهتمام دول تحالف دعم الشرعية إن كان لهذا التحالف من بقية، بأنها أيضاً تدفع جزء من الثمن المستحق عن ترك الحوثيين وإيران يعبثون في الساحة اليمنية، فقط لأنهم يحققون بعضاً من الأهداف التي تعكس مواقف موتورة وقصيرة النظر لدول تحالف دعم الشرعية المزعوم، إلى الحد الذي يمكن معه القول إن ما تتعرض له هذه الدول وبالذات السعودية من ضربات في عمقها الاستراتيجي بأسلحة إيرانية ووفقاً لتدخلات إيرانية مباشرة وغير مباشرة، هي شكل من أشكال ترويض الموقف العسكري لهذه الدول ليكون أكثر قابلية للتكيف مع الأهداف الخطيرة لإيران ومنظومتها الطائفية في المدى المنظور.
هذا يعيدنا إلى تقييم زيارة رئيس مجلس النواب وأعضاء هيئة رئاسة المجلس إلى حضرموت في السياق العام، باعتبارها زيارة تكتيكية من النوع الذي لن يترك أثراً قوياً في مجرى الأحداث ولن يضيف شيئاً إلى رصيد السلطة الشرعية.
لذا ثمة من يذهب إلى أن هذه الزيارة لا تتعدى كونها مجرد رسائل سياسية، هدفها تغيير بعض الانطباعات السيئة حول توجهات السعودية وخططها بشأن اليمن، في ظل التعثر الواضح والمقصود لذاته، بالنسبة لاتفاق الرياض.
وثمة من يؤول الزيارة على أنها جزء من تكتيك يهدف إلى ترويض ما تبقى لدى الرئيس عبد ربه منصور هادي من قناعات بشأن منصبه الرئاسي، وهي قناعات لا ترتبط مباشرة بالمصلحة العليا للوطن، بقدر ما ترتبط بمسعاه الشخصي للاحتفاظ بموقعه الرئاسي حتى لو كان بالوضعية البائسة التي هو عليها اليوم.
لقد عاد الرئيس من الولايات المتحدة بعد رحلة علاجية استمرت شهراً تقريباً، ولا نتوقع أن تتبعها تطورات حقيقية يمكن أن تجعل من زيارة رئيس مجلس النواب بداية تحول حقيقي نحو حضور أكثر تأثيراً للسلطة الشرعية على أراضيها.
وإذا لم يحدث ذلك فإن زيارة رئيس مجلس النواب ستتحول في محصلتها إلى النهائية إلى محاولات حثيثة للإبقاء على الجسم النيابي الشرعي حياً إلى حد ما، رغم أن ذلك لا يتم عبر زيارات ميدانية لقيادات المجلس، بل من خلال استعادة دوره التشريعي والسيادي، خصوصاً أن هناك أولويات دستورية ملحة أهمها منح الثقة للحكومة الحالية التي ستبقى بدون هذا التفويض مجرد حكومة تصريف أعمال.
اليمن نت