كيسنجر العميد
تعجبنا حذاقة نبيل الصوفي وهو يلعب دور منظِّر العميد.
يفكر طويلاً في كيفية تكريس فكرة أن "شمال البلاد معزول عن جنوبها" وكيف يمكنه صرف انتباه اليمنيين عن جريمة تمزيق وحدة الدولة، وعن تورّط العميد طارق في دعم الانفصاليين واجتياحهم حضرموت.
يفكر ويفكر قبل أن يشرح ويشرح، فتخطر له فكرة بارعة، وربما أشد براعة من فكرة كيسنجر في إبعاد الصين عن روسيا.
ما الفكرة يا كيسنجر العميد؟
استحضار قضية جمعة النهدين، واشتعال النيران في جسد الزعيم قبل خمسة عشر عاما، حين كاد أن يموت لولا مبادرة السعودية ورعايتها الطبية له.
هنا يتخيل كسينجر وهو يشرح للعميد، ويُطنب في الشرح، كيف سيندفع الجميع للانشغال بهذه القصة، بعيدا عن ترتيب مسرح العمليات في حضرموت، وفزعة العميد مع بو قاسم.
بعيدا عن خفّة وبلاهة الاعتقاد بأن فكرة كهذه يمكن أن تصرف انتباه الناس عن مخاطر اجتياح حضرموت والمهرة، وتمزيق البلاد، ودعم الانفصاليين.
يا للهول.. كيف لم يخطر ببال كيسنجر العميد أن أقصى ما يمكن أن تثيره فكرة النهدين، اليوم هو شعور السعوديين بالندم لأنهم أطفأوا النار في جسد الزعيم؟ وأنه لو تُركت النار مشتعلة، لما خرج بعدها ليصطف مع الإيرانيين ويسلم لهم سلاح الدولة وجيشها ومعسكراتها، ويتفاخر بالضربات الصاروخية على الرياض، ويحاجج علنا بخفّة طفولية قائلا: هذه صواريخ صالح.
ستتبادر إلى ذهن أبسط موظف في السياسة السعودية فكرة واحدة: لو تُركت تلك النار، لما سقطت صنعاء في يد إيران، ولما رأينا عيدروس يعلن استعداده للتطبيع علنًا مع إسرائيل، ثم يجتاح حضرموت بدعم ومباركة من العميد.
(من صفحة الكاتب)