
من أجل التعليم في تعز
تشهد تعز مؤخرا بوادر حلول إسعافية طارئة ومؤقتة لأزمة التعليم المتعثرة منذ أشهر عديدة لعدم قيام مؤسسات الدولة بوظائفها تجاه التعليم. يمثل التعليم العام في تعز الركيزة الأولى لمستقبلها وحاضرها وماضيها، ولا قيمة لتعز ولا تأثير من دون التعليم.
على مدى العقود الماضية انتشر أبناء المحافظة في جميع المحافظات اليمنية والمهجر وبشكل مكثف بفعل التعليم فقط مهما كان مستواه ومعياره. لكن التعليم منذ أشهر في المحافظة يواجه انهيارا خطيرا، التسرب من التعليم العام الأساسي والثانوي والجامعي مهول فعلا والأرقام خطيرة جدا وفق البيانات الرسمية التي تصدر بما فيها جامعة تعز، تقدر اليونسيف قبل سنوات أن مليوني طالب على الأقل تسربوا من التعليم وملايين آخرين خارج التعليم كليا.
يخوض المعلمون في تعز إضرابا منذ نهاية الفصل الأول للعام الدراسي 2024-2025، ويدخل الطلاب حاليا في المدارس الأساسية والثانوية الاختبارات النهائية، بدون تعليم للفصل الثاني، وهو واقع خطير: الحكومة بمستوى مجلس القيادة ومجلس الوزراء والسلطة المحلية والمكاتب التعليمية لم تفعل شيئا لحل الإضراب سوى إعادة انتظام صرف المرتب الذي صار قيمته أقل من 10% عما كان قبل عشر سنوات، ووعود بحلول أخرى. ويصر بعض المعلمين على مواصلة الإضراب.
من الأفضل إنقاذ العملية التعليمية وإكمال العام الدراسي، على أن يطور المعلمون من الآن إجراءات سياسية لتحركاتهم لانتزاع حقوق المعلم وكرامته والطلاب أيضا. المعلم المهان والضعيف والجبان لا ينشئ ولا يربي جيلا بقيم الحرية والكرامة والعمل.
في الأشهر الماضية اقتصر غضب المعلمين عبر الإضراب على مطالب حقوقية محدودة، ولأن السلطة عاطلة وغائبة وفاسدة لم تتهدد أي من مصالحها بالإضراب، ولم تستجب وبالتالي تلقى الحراك التعليمي ضربة قوية بدلا أن يضرب بها السلطة بمستوياتها المختلفة.
المعلمون أدرى بأنفسهم كيف ينتظمون وينظمون مصالحهم، ولكن من المهم أن يشارك أيضا أولياء الطلاب في الحراك التعليمي، فهم الخاسرون أيضا أكثر من المعلمين، مستقبل أبنائهم يعتمد على التعليم، ولذا من المهم التحرك مع أولياء الأمور.
يمثل الطلاب شريحة واسعة بالملايين في اليمن، ومئات الآلاف في تعز، وقد يكون أهم خطوة في المستقبل إشراك هؤلاء في أي حراك جديد من أجل انتزاع حقوق المعلمين، والطلاب على حد سواء.
الاكتفاء بالمطالب الحقوقية في ظل حكومة فاسدة وغائبة وتعيش في المنفى لا يجدي، خاصة مع تواطؤ القوى السياسية الحزبية مع تلك السلطة. تحويل الحراك المطلبي الحقوقي المقتصر على المرتبات وقيمتها والحوافز وما شابه لن يكون له نتيجة كما رأينا في الأشهر الماضية، ومن المهم مراجعات تمس كل شيء يقوم به المعلمون ونقاباتهم المختلفة ضمن إطار سياسي وطني يمتلك رؤية جامعة تجمع مصالح شرائح واسعة من المجتمع اليمني، عنوانها وجوهرها سياسي يتعلق إسقاط الحكومة القائمة ومنظومتها وتشكيل بنية جديدة للحكومة والمؤسسات، يكون من أدوات هذا الحراك التظاهر والاعتصام والإضراب والحراك النقابي والمهني والتفاوض وحتى إسقاط الحكومة نفسها، بدون ذلك نخسر حاضرنا البئيس ومستقبلنا المجهول.
المصدر: يمن شباب نت