غلاء الأسعار يخطف من اليمنيين فرحة عيد الأضحى

يشكو اليمنيون من ارتفاع ملحوظ في الأسعار نتيجة استمرار تراجع العملة في البلد الفقير، الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.


وأدى هذا التضخم إلى حرمان اليمنيين من فرحة استقبال عيد الأضحى المبارك، نتيجة عدم قدرة الكثيرين على توفير متطلباته الأساسية، بما في ذلك شراء ملابس جديدة.


ولم تعد أسعار الأضاحي في متناول غالبية اليمنيين بسبب ارتفاعها، وتدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية (الريال)، وارتفاع أسعار متطلبات الحياة الأساسية.


وللمرة الأولى، يستقبل اليمنيون هذا العيد في ظل تراجع غير مسبوق في سعر العملة المحلية، حيث وصل سعر الدولار إلى قرابة 1800 ريال.


كان سعر الدولار يبلغ 215 ريالا يمنيا نهاية عام 2014، حينما اندلعت الحرب بين الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي.


وتجاوز متوسط سعر رأس الماعز أو الضأن الذي يزن بين 20 و 30 كيلوغراماً 200 دولار، في عدد من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، أي ما يزيد على 100 ألف ريال يمني (حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يبلغ 530 ريالاً).


بينما يبلغ سعر رأس الماشية نفسها في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن 100 دولار؛ حيث وصل سعر الدولار أخيراً إلى 1800 ريال يمني.


هذا الغلاء في أسعار الأضاحي، دفع غالبية اليمنيين إلى العزوف عن القيام بشعيرة الأضاحي في العيد، لعدم مقدرتهم المالية.


مهيوب قاسم، رب أسرة يقيم في مدينة تعز جنوب غربي اليمن، يشكو من ظروف معيشية بالغة الصعوبة، حرمته الفرحة بقرب عيد الأضحى المبارك.


ويقول قاسم للأناضول: "نعيش أسوأ أيامنا بسبب الحرب نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة".


وأضاف قاسم الذي يعمل في تنظيف السيارات لإعالة أسرته المكونة من 7 أشخاص، أن "الظروف ساءت أكثر بسبب تراجع العملة خصوصا هذا العام، حيث أصبح الكثيرون غير قادرين على شراء أساسيات الحياة".


وحول استعداداته للعيد يتابع: "وضعنا المادي صفر ولا نملك حتى تكاليف شراء ملابس جديدة لأطفالنا أو توفير أضحية".


وأردف: "كل شيء أصبح غاليا بسبب تراجع العملة.. الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لمعظم اليمنيين متردية".


أما المواطن سليم الحكيمي، فرد على سؤال الأناضول بسؤال تعبيرا عن سخطه من الظروف المعيشية الصعبة: "كيف سنستقبل العيد ونحن بهذه الأوضاع المزرية؟


"لا عيد بالنسبة لنا.. كل شيء أصبح مرتفعا ومكلفا على جيوبنا.. استقبال العيد مهم فقط للمسؤولين الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة الصعبة"، أضاف الحكيمي.


وتابع: "نحن نعاني كثيرا.. حتى لو حصلنا على بعض المال، فلا يكفي لشراء الدقيق بسبب الغلاء".


** رواتب لا تغني من جوع


الواقع المعيشي الصعب يعاني منه حتى الموظفون الذين يشكون كثيرا من تراجع قيمة رواتبهم بسبب تدهور العملة.


فقبل اندلاع الحرب، كان متوسط الرواتب حوالي 70 ألف ريال ( قرابة 350 دولارا)، أما الآن بات هذا المبلغ يساوي نحو 40 دولارا وفقا لأسعار الصرف.


مختار المريري، موظف حكومي، يقول للأناضول، إن العيد يقترب والعديد من الموظفين بلا أجور.


"ومن لديهم رواتب فهي لا تكفي حتى لشراء أحذية لأفراد الأسرة بسبب تدهور قيمة الريال اليمني"، أردف المريري.


وأضاف: "نحن نفتقر لأدنى الخدمات الأساسية.. والرواتب أقل من 100 دولار لا تكفي حتى إيجار سكن.. متوسط رواتب الموظفين 70 ألف ريال (39 دولارا) ماذا سنفعل بها".


وتابع: "مع اقتراب عيد الأضحى، العديد من اليمنيين أصبحوا يعانون وضعا يشبه المجاعة".


**صراع مالي


ويأتي استمرار الأوضاع الصعبة في اليمن، مع تواصل الصراع المالي بين الحكومة وجماعة الحوثي.


ومؤخرا، أعلنت الحكومة اليمنية وقف التعامل مع 6 من أكبر بنوك البلاد لتعاملها مع الحوثيين، فيما ردت الأخيرة بوقف التعامل مع 13 بنكا في مناطق نفوذ الحكومة.


ويقول الخبير المالي عبدالسلام الشجاع، في تصريح للأناضول، إن "تراجع العملة اليمنية في الآونة الأخيرة جاء نتيجة قرارات البنك المركزي اليمني في عدن، والقرارات المضادة من البنك المركزي في صنعاء".


وأوضح أن هذه الصراعات "أدت إلى اضطراب في الجهاز المصرفي والاقتصاد بشكل عام، وانعكس على عدم ثقة المواطنين والتجار بالعملة المحلية، ما أدى إلى استمرار تراجع الريال اليمني".


وأشار إلى أن "هذا الوضع أضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وأثر سلبا على الناس بعدم قدرتهم على شراء احتياجات العيد أو المستلزمات اللازمة".


وتابع: "قبل الحرب كان كثير من الناس يجهزون احتياجات العيد، نتيجة انتظام صرف المرتبات ووجود القدرة الشرائية في كافة أرجاء اليمن، أما الآن فهذا الأمر يخص فئة معينة لديها قدرة مادية".


ويعاني اليمن أزمة مالية كبيرة، زاد من تأثيرها توقف تصدير النفط منذ عام ونصف العام، نتيجة تداعيات الصراع بين الحكومة وجماعة الحوثيين، والذي بدأ عقب سيطرة الأخيرة على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014.


واشتد النزاع منذ مارس/ آذار 2015، بعد تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.


الأناضول