الشقب... منطقة يمنية في فوهة قنص الحوثيين
يعاني أهالي منطقة الشقب في محافظة تعز اليمنية من تحوّلهم إلى أهداف دائمة لقناصة جماعة الحوثيين. الطفل إسماعيل إبراهيم أحمد الحاج (10 سنوات) كان آخر ضحايا استهداف الحوثيين إذ أصيب برصاص قناص يوم الثلاثاء الماضي بمنطقة الشقب، جنوب غربي البلاد. وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن الطفل أصيب بشظايا طلقة قناص حوثي أطلقها من تبة الصالحين التي يتمركز فيها مسلحون حوثيون، وإنه تم إسعاف الطفل إلى مركز الشقب الطبي لتلقي الإسعافات الأولية بعد تعرضه لجروح.
249 ضحية برصاص قناصة الحوثيين ويعد الطفل إسماعيل الضحية رقم 249 من أبناء منطقة الشقب برصاص قناصي جماعة الحوثيين، إذ أفادت منظمة سام للحقوق والحريات، لـ"العربي الجديد"، بسقوط 249 ضحية للقنص من قبل قناصة الحوثيين في منطقة الشقب، قتل منهم 44 وأصيب 205 أشخاص من المدنيين، وذلك منذ بدء الحرب قبل نحو 10 سنوات.
وجاءت إصابة الطفل بعد أقل من أسبوع من مقتل هائل علي صالح (60 عاماً) بطلق ناري أصابه في القلب بشكل مباشر، أطلقه قناص حوثي يتمركز في تبة الصالحين. وتعد الشقب التابعة لجبل صبر بمحافظة تعز أكثر منطقة يتم استهدافها من قبل قناصي جماعة الحوثيين التي تسيطر على مواقع مهمة في المنطقة الاستراتيجية. وتقع منطقة الشقب إدارياً ضمن مديرية صبر الموادم جنوبي تعز، على المنحدر الجبلي المتسلسل من جبل صبر من ناحية الشرق، وتبعد عن مركز المحافظة 40 كيلومتراً، وتقع ضمن منطقة إستراتيجية تشرف على عدد من القرى، وهو ما جعل جماعة الحوثيين تسعى للسيطرة عليها من أجل الاستحواذ على جبل صبر الذي يحتضن مدينة تعز، ويشرف على ريف الحجرية جنوباً.
يبلغ عدد سكان الشقب أكثر من 10 آلاف نسمة، وتتكون المنطقة من 32 محلة، وتسكنها أكثر من 1500 أسرة. وتعيش المنطقة أزمة إنسانية في ظل انعدام الخدمات العامة، والاستهدافات المتكررة لمسلحي جماعة الحوثي ضد السكان المدنيين، حيث تعد الشقب من أكثر المناطق اليمنية التي سقط فيها ضحايا نتيجة القنص والألغام المزروعة في المنطقة. شهاب محمد، مواطن من أبناء المنطقة، قال، لـ"العربي الجديد"، إن مليشيا الحوثيين تسيطر على محلتين من أصل 32 تتكون منها منطقة الشقب. وتقع المحلتان شرق الشقب، وفيها تبة الصالحين التي يتمركز فيها قناصة الحوثيين، بينما البقية تحت سيطرة الجيش الوطني التابع للسلطات المعترف بها دولياً، وتحديداً اللواء 22 ميكا، واللواء 35 مدرع، وفيها تبة مزعل وموقع الحصن المطل على الأقروض والمسراخ.
استهداف كل ما يتحرك في الشقب
وأضاف شهاب محمد أن القوات التابعة للحوثيين تواصل القنص بصفة مستمرة وممنهجة لمنازل المواطنين ومزارعهم، واستهداف كل ما يتحرك أقصى شرق الشقب في حي نجد المرقب، وشهر، والأوعيدن، والفراحي، وكذلك استهداف أي تحرك على الطريق العام. وطالب قوات الجيش الوطني بالتدخل الفاعل لحماية المواطنين في الشقب من خلال تحرير التباب الشرقية، والتي تستهدف مليشيا الحوثيين من خلالها المواطنين وممتلكاتهم، داعياً السلطات الحكومية لإعلان الشقب منطقة منكوبة، وتوفير كافة الخدمات لها. من جهته، قال رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي، لـ"العربي الجديد"، إن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء استمرار جماعة الحوثيين بارتكاب جرائمها بحق المدنيين تتمثل بالإفلات من العقاب، إذ يشعر الحوثيون بضعف المساءلة، خاصة من قبل المجتمع الدولي، الذي يحرص على التواصل معهم من دون طرح قضايا الانتهاكات على طاولة المفاوضات، وهذه أهم الأسباب التي تشجع هذه الجماعة على الاستمرار في ارتكاب جرائمها.
وأكد الحميدي أن عملية قنص المدنيين تعد جريمة ضد الإنسانية بالقانون الدولي واليمني، حيث تنص المادة 22 من قانون الجرائم والعقوبات اليمني على أن كل من يُقدم بصورة عمدية على قتل أو قنص شخص مدني أو جندي أو أسير أو طفل محمي يعاقب بالمؤبد، إضافة إلى أن البرتوكول 76 الإضافي لاتفاقية جنيف الخاصة لعام 1977 يؤكد حماية المقاتلين والمدنيين الجرحى والأسرى. وأشار الحميدي إلى أن قنص المدنيين يعد بموجب القانون الدولي جريمة ضد الإنسانية. وأوضح أن المادة 7 على وجه الخصوص من اتفاقية روما المؤسِسَة لمحكمة الجنايات الدولية، ترى أن القتل العمد لعدد من المدنيين، عندما يرتكب في سياق عمل أو في جزء من عمل واسع النطاق أو منهجي، جريمة ضد الإنسانية، وبالتالي هذه النصوص تجعل هذه الجريمة من الجرائم الجسيمة التي تدعو المجتمع الدولي لفرض عقوبات على مرتكبيها والتحقيق فيها ومساعدة الضحايا.
دور المنظمات محدود
الراصد الميداني رضوان شمسان قال، لـ"العربي الجديد"، إن دور المنظمات، سواء المحلية أو الدولية، محدود، ويتمثل بإجراء الرصد والتوثيق وإعداد ملفات حقوقية للضحايا تمهيداً لتقديم مرتكبي الجرائم للمحاكمة، سواء أمام القضاء المحلي أو الدولي.
وأشار إلى أن الدور الأكبر يقع على عاتق المنظمات الدولية، كونها لها ارتباط مباشر بالأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، فهي القادرة على مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على جماعة الحوثيين المتمردة لإيقاف تلك المجازر وإدانتها بارتكابها على عكس المنظمات المحلية التي لها عمل محدود جداً.
وأشار شمسان إلى الصعوبات التي تواجه عمل الراصدين الميدانيين "والمتمثلة بعدم وجود وعي مجتمعي يدرك أهمية عمليتي الرصد والتوثيق لتلك الانتهاكات، وكذلك عدم وجود الدعم للاستمرار في عملنا في الرصد والتوثيق، وحفظ حقوق الضحايا خصوصا الأطفال".
العربي الجديد