أعمال الدراما الرمضانية تتنوّع في اليمن رغم الحرب

على الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن الذي يعاني من حرب مندلعة منذ تسع سنوات، غير أن الفنانين اليمنيين مستمرون بإنتاج عدد من الأعمال الدرامية، فهم يرون في الحرب دافعاً للعمل والإنتاج لإعلاء قيم السلام، والدعوة للحياة والتعايش، ونبذ الحروب ومآسيها.


ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، بدأت قنوات التلفزة اليمنية بالإعلان عن مسلسلات جديدة أُنتِجَت لعرضها في شهر رمضان، في تحدٍّ للظروف الصعبة التي يعانيها اليمن ويعانيها الوسط الفني في البلاد، حيث لجأت بعض القنوات للتصوير خارج البلاد.


وفي بلد يفتقر إلى البنى التحتية للفنون والثقافة والآداب، ويفتقر إلى برامج وفعاليات وأنشطة وزارة الثقافة وهيئاتها، ويعاني من تغييب تام لدور الفنان والفن بشكل عام، يُعَدّ إنتاج أعمال درامية بمثابة تحدٍّ حقيقي للواقع المر الذي يعانيه الوسط الثقافي، وهو ما يجعل من الطبيعي أن تفتقد هذه الأعمال الدرامية النجاح المنشود، إذ تبقى محصورة في الغالب في إطار المشاهد المحلي. 


واللافت أن الحرب التي تعانيها البلاد وما خلفته من مآسٍ ونكبات قد ألقت بظلالها بشكل أو بآخر على مضامين الأعمال الدرامية اليمنية، بما فيها الأعمال التي جاءت بقالب كوميدي.


من أبرز المسلسلات التي أُنتِجَت هذا العام مسلسل "ممر آمن"، ويعرض على قناتي يمن شباب والعربي 2، وقد صُوِّر المسلسل في مدينه تعز ووادي الضباب وسط اليمن والساحل الغربي لليمن، وهو من إنتاج يمن شباب والجند ميديا.


و"ممر آمن" من تأليف الكاتبة نور ناجي، وإخراج ياسر الظاهري، وشارك في الموسيقى التصويرية للعمل المايسترو الشاب محمد القحوم.


ويحكي المسلسل قصة مدينة تعيش في اللاحرب واللاسلم، وتدور الأحداث حول مواطن بسيط يتلقى رسالة من شخص مجهول تقلب حياته، وتدخله في صراع مع الأمن والشيخ وتجار الحرب، ويضطر إلى الاختيار بين الموت أو الهروب والبحث عن ممر آمن.


وبحسب تصريح المخرج ياسر الظاهري لـ"العربي الجديد"، فإن ميزة المسلسل تكمن في أنّ "قصته تُروى من زاوية المواطن البسيط الذي يتحمل ضريبة الصراع المتداول على مرّ العصور، واقتربنا فيه أكثر من المواطن بحيث يشعر أن هناك أحداثاً مرت عليه في حياته وكأنه جزء من هذا الصراع".


ومن الأعمال الدرامية اليمنية التي أُنتِجَت أخيراً مسلسل "ماء الذهب"، وهو مسلسل درامي اجتماعي يعكس أحداثًا مثيرة وغامضة، ويتمحور حول قضية تهميش الإرث والتاريخ. والمسلسل من إنتاج شركة دوت نوشن، ومن تأليف الروائي اليمني وجدي الأهدل والكاتبة يسرى عباس والكاتب الشاب محمد الأخشر، والموسيقى التصويرية للموسيقار محمد القحوم، وإخراج المخرج هاشم حمود هاشم.


صُوِّر المسلسل في عدة مدن، بما في ذلك مدينة إب وريمة وظفار وذمار وصنعاء، حيث اختيرت هذه المواقع لتعكس تنوع البيئات وتعميق التواصل مع القضايا المطروحة.


يعرض المسلسل، الذي استغرق تصويره ثلاثة أشهر، على منصة تلفز الجديدة وقناتها على "يوتيوب" خلال أيام شهر رمضان.


وكشف مخرج المسلسل لـ"العربي الجديد" عن سبب عدم عرض المسلسل على قناة تلفزيونية، بأن ذلك يعود إلى "عدم اهتمام بعض القنوات وعدم استعدادها لتحمّل التكاليف الإنتاجية، ما دفع الفريق إلى اختيار العرض عبر منصة تلفز اليمنية الجديدة وقناتها على يوتيوب".


أما مسلسل "خروج نهائي"، فهو من إنتاج وإخراج الفنان الكوميدي محمد الربع، وتدور أحداثه في إطار كوميدي، يُسلّط الضوء من خلاله على العديد من القضايا الاجتماعية المعاصرة بطريقة ساخرة، وصُوِّر في مدينة المارينا العقارية بمحافظة المهرة شرقيّ اليمن، وهو يُعرَض على قناة المهرية.


تدور فكرة "خروج نهائي" حول شخص مغترب قرر العودة إلى اليمن نهائياً، وفي أثناء العودة خرج معه صديقه أو كفيله السعودي وزميله المصري ليوصلاه إلى المنفذ اليمني، ولكن بعد خروجهم من المنفذ السعودي إلى المنفذ اليمني ضاعت جوازاتهم بين المنفذين. وتقع أحداث المسلسل في هذه المنطقة الافتراضية، بين حدود الدولتين، حيث يُضطَر ثلاثتهم إلى الجلوس في استراحة عبارة عن محطة، ويعملون فيها مقابل الأكل والشرب وحلّ مشكلة جوازاتهم الضائعة.


ومسلسل "قرية الوعل"، يُعرَض خلال شهر رمضان على قناة الجمهورية من إنتاج شركة النبيل للإنتاج الفني وتأليف محمد المليكي، وإخراج معتز حسام.


صُوِّرَت أحداث المسلسل في مصر، وشارك في التمثيل نخبة من الفنانين اليمنيين، أبرزهم نبيل حزام ونبيل الآنسي ومحمد قحطان وسالي حمادة وحسن الجماعي وكمال طماح، بالإضافة إلى الفنان وعازف العود يوسف البدجي.


أما على قناة السعيدة، فيعرض مسلسل "لقمة حلال" الذي يعكس قضية الصراعات في الحياة، وكيفية مواجهة مشاكلها بأسلوب الإثارة والأكشن.


المسلسل من تأليف وإخراج محمد فاروق الغصيني، وشارك في التمثيل مجموعة من الفنانين، أبرزهم عبد الله يحيى إبراهيم ورغد المالكي ويحيى إبراهيم وتوفيق الماخذي وسوادي الكنيعي وبدر القحطاني.


وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، يرى الناقد الفني محمد عبد الرقيب نعمان أن الدراما اليمنية "تعاني من الاجتهادات الشخصية الفاقدة للمعرفة والوعي، وعدم وجود استراتيجية علمية فكرية وسياسية شاملة؛ وغالباً ما يفتقر صناع هذه الدراما إلى الرؤية والهدف".


وأشار نعمان إلى أن الممثل اليمني يفتقد المسرح المدرسي والأنشطة الطلابية والمدرسية، ثم المسرح الجامعي، ويعاني من انعدام دور الأندية باعتبارها أندية رياضية/ثقافية، وكذا ندرة المعاهد الفنية المتخصصة، والانقطاع التام للابتعاث لدراسة الفنون، بما فيها دراسة فن التمثيل والإخراج، وكذا وفاة المسرح الوطني بفروعه، وغياب الفرق المسرحية الخاصة والأهلية؛ كل ذلك أدى إلى انعدام فرص الظهور، واكتساب الخبرة، إضافة إلى موسمية العمل الدرامي واحتكاره على مجموعة من الوجوه التي تتكرر بحكم العلاقات الشخصية والتمثيل بالوراثة.


ويلفت نعمان إلى أن الدراما اليمنية تفتقد الرؤية الفكرية والاستراتيجية والمشروع. أما المؤلف والمخرج والممثل والناقد والمنتج وكل الكفاءات والقدرات، فهم موجودون في ثنايا أحلامهم المصادرة.


ومع التطور الملحوظ في الأعمال الدرامية اليمنية، إلا أنها تبقى أعمالاً موسمية، وهذا الأمر فرضته الضرورة؛ نظراً لتكاثر القنوات الفضائية اليمنية الخاصة وتنوعها؛ وهي محاكاة لمعظم القنوات الفضائية العربية في موسم الدراما الرمضانية وحاجتها لتعبئة الخريطة البرامجية لشهر رمضان.


العربي الجديد