إب.. السيول لنا والسيولة لهم

مشهد الفتاة التي جرفها السيل مع طفلها، لا يزيد إلا من وجعنا، ولا يغير من الحال شيئا؛ فهو لا يختلف عن مشاهد قتلى السيول السنوية..!!

 

كل عام تودع مدينة "إب" أطفالًا ونساءً ورجالًا، يزهق الإهمال أرواحهم حين تجرفهم السيول. وكل عام ترتفع الأصوات بالنواح والاستنكار والتنديد بجرم إهمال السلطة وإهمال الناس أنفسهم..!!

 

العجيب أن ضحايا هذا العام لم يجدوا ذلك الصدى الكبير الذي كان متوقعا..!! وكأن الناس اعتادت أن للسيل ضحاياه التي يجب أن يحملها معه...!!

 

أصوات خافتة هنا وهناك.. وكأنما لا يحق لأبناء "إب" أن يرفعوا أصواتهم بالشكوى! فأساليب الموت تعددت لمن وفى أجلهم، وقدّر الله لهم الموت فقط..!

 

إذ ما الفرق بين من يموت بالسيل، أو من يموت بالرصاص الراجع، أو من يقاد إلى محارق الحرب، أو من تزهق روحه في تفشي الجريمة الجنائية؟!

 

أبناء "إب" أكثر من يعرف أن حكم الحوثي، كحكم أسلافهم من الأئمة، لن يصنع شيئا لهذه المحافظة التي يراها مصدر دخل ومورد للجبايات والاستغلال بكافة أشكاله!!..

 

بل يرى المحافظة كما لا يرى غيرها؛ فمؤخرا رفُعت قيمة الضرائب في "إب" بمقدار 100%، بخلاف صنعاء 50% فقط!!

 

لذا؛ فإن إصلاح الطرق ومجاري السيل، أو إقامة مشاريع خدمية غير نفعية لهم، هي آخر اهتماماتهم وما يمكنهم فعله..!

 

ولأن تكاتف أبناء المدينة، في مسألة المقاومة، أمرا مستبعدا، لذا فليتكاتفوا- على الأقل- على إصلاح طرقهم ومجاري السيل التي تبتلع أبنائهم.

 

هذا التكاتف، الذي نراه كثيرا في مناطق يائست من وجود الدولة المسؤولة أمام الله فيمن يحكمونهم..

 

أصبح أهالي المناطق يهتمون ببناء مرافقهم الخاصة، وتعبيد طرقهم ورصفها، وشق الجديد منها.. بل أصبحت هناك مناطق تعمل على بناء الحواجز المائية التي تحتفظ بسيول الامطار  للاستفادة منها.. فيما تذهب سيول مدينة "إب" إلى صحراء الجنوب بأرواح الغارقين فيها..!!

 

هذه السيول، التي تزهق سنويا أرواحا بريئة، يعود أثم إزهاقها لأولئك الذين سرقوا ثروات المدينة دون أن يكلفوا أنفسهم تحسين وجههم القبيح فيها..!؛ كما يعود إلى أولئك الأهالي الذين يرمون مخلفات البناء ومخلفاتهم في مجاري السيل، مما يسبب انسداد فتحات مجرى السيل.

 

في الأعوام السابقة، قبل احتلال المليشيا مدينة "إب"، كانت الجرافات قبل موسم الأمطار تعمل على تنظيف- وأحياناً توسعة- مجاري السيول، برفع المخلفات المتراكمة طوال العام في محاولة لتلافي الخسائر المحتملة.

 

الآن؛ غياب كامل للدولة المعنية بهذا الشأن، ولامبالاة مخيفة بأرواح الناس. وما زالت مدينة "إب" كعادتها تلك المدينة التي حظها من الاهتمام كحروف اسمها وأقل..!!