ما إمكانية نجاح اتفاق تبادل الأسرى وتحريك ملف السلام في اليمن؟ (تقرير)

توصلت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي عقب أيام من المشاورات في جنيف السويسرية، إلى اتفاق سيتم بموجبه إطلاق سراح نحو 1081 أسيرا من كلا الطرفين، كما ستشمل الصفقة جنودا سعوديين.

 

وجاء هذا التقدم عقب تعثر المشاورات في هذا الملف أربع مرات خلال سنوات الحرب الماضية، بسبب عدم جدية الحوثيين بالتعاون، وتقديمهم أسماء غير موجودة ضمن الأسرى، كما تقول الحكومة.

 

وذكر رئيس لجنة شؤون الأسرى التابعة لجماعة الحوثي عبد القادر المرتضى في تغريدة على تويتر، أن المشاورات خلصت إلى تنفيذ الشق الأول من اتفاق عَمان الذي يقضي بالإفراج عن 680 من أسرى الحوثيين مقابل 400 من أسرى الحكومة بينهم 15 سعوديًا و4 سودانيين.

 

وبحسب المتحدث باسم التحالف العقيد تركي المالكي، فإن الأسرى السودانيين والسعوديين لدى الحوثيين هم 400 أسير.

 

ومن المتوقع أن يتم عقد اجتماع آخر للجنة الإشرافية، بهدف تنفيذ ما تبقى من مخرجات اجتماع عمّان الذي عُقد في شباط/فبراير الماضي، والالتزام بالعمل على الإفراج عن باقي الأسرى والمعتقلين.

 

ترحيب

 

لاقى ذلك الاتفاق ترحيبا من قِبل منظمة "سام" للحقوق والحريات، والتي دعت أطراف الصراع للإسهام في إزالة العراقيل وفتح الباب أمام اتفاق سياسي شامل يُنهي معاناة اليمنيين من الحرب وويلاتها.

 

أما أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، فحث الأطراف على البناء على هذا الزخم، ووضع اللمسات الأخيرة على الترتيبات من أجل الإفراج عن جميع المعتقلين المتبقين، مطالبا بالانخراط مع مبعوثه إلى اليمن مارتن غريفيث للاتفاق على إعلان مشترك يشمل وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وتدابير اقتصادية وإنسانية واستئناف عملية سياسية جامعة وشاملة لإنهاء الحرب.

 

استبعاد الصحفيين

 

ولم يشمل ذلك الاتفاق العشرة الصحفيين المعتقلين لدى جماعة الحوثي منذ 2015، فقد تم استبعادهم من قائمة تبادل الأسرى.

 

ويتعرض الصحفيون في سجون الحوثيين، للانتهاكات المختلفة والتعذيب، وهم يعانون ظروفا نفسية غاية في السوء، إضافة إلى تدهور وضعهم الصحي، وفق تقارير حقوقية مختلفة.

 

إمكانية التنفيذ

 

يقول مسؤول ملف الأسرى في جماعة الحوثي، عبد القادر المرتضى، إن تنفيذ الاتفاق سيبدأ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وسيكون عبر الطيران من الرياض وعدن ومأرب إلى صنعاء والعكس بإشراف الصليب الأحمر.

 

الكاتب والصحفي حسين الصوفي، يأمل أن يتم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، لكنه لا يشعر بالتفاؤل، بسبب التجارب السابقة مع الاتفاقات المختلفة التي تم التوصل لها سابقا.

 

وأفاد في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن ملف المختطفين هو إنساني لكن تم تسييسه وتوظيفه سياسيا، وهذا هو الدافع لتحمس غريفيث وحضور الحوثيين وتفاؤلهم.

 

وأضاف الصوفي "الملف تم ربطه بجولات سياسية، وانتزاع وعود من أجل التمهيد لما يطلق عليه غريفيث مبادرة السلام النهائية أو الحل الشامل".

 

وذكر أن الوضع اليمني معقد للغاية، لافتا إلى أن ربط ملف المختطفين بالجانب السياسي للأزمة يعد جريمة وشرعنة للحوثيين، وتورطت في ذلك حتى الأمم المتحدة والحكومة.

 

وفسر سبب حماس الحوثيين في هذا الاتفاق الجديد قائلا: "لقد انتزعت الجماعة مكاسب كبيرة ووجدت من يشرعن لها جريمة الاختطاف، كما أنها استطاعت أن تحقق الهدف من الاختطاف وحصلت على مكاسب مالية وسياسية".

 

أما السبب الثاني فهو -بحسب الصوفي- أن "الاتفاق ألغى الاتفاق السابق "إستوكهولم" الذي كان متركزا حول ملف التبادل، ومن بعده ظهر موضوع الحديدة وكان مرتبطا بمطار صنعاء ورفع حصار تعز، مشيرا إلى أن غريفيث ركز فقط على الحديدة وتجاهل باقي القضايا، فلم تعد جماعة الحوثي ملتزمة بإطلاق سراح كل المعتقلين كما كان متفق عليه، ولم تعد تتلقى أي ضغط من أجل رفع حصار تعز".

 

التأثير على عملية السلام

 

يبدو المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث متفائلا بشأن هذا الاتفاق، فهو يرى أنه يمكن البناء عليه، وتمهيد الطريق أمام وقف إطلاق النار في جميع أنحاء اليمن، على أن يعقب ذلك حل سياسي شامل.

 

كذلك الأمر بالنسبة للتحالف العربي، فقد قال الناطق باسمه العقيد تركي المالكي، إنه ينظر بإيجابية للاتفاق الخاص بالأسرى، باعتباره ملفا إنسانيا سيساهم في بناء الثقة بين الأطراف اليمنية.

 

عضوة رابطة أمهات المختطفين، أسماء الراعي، في تصريحات تلفزيونية، أكدت أن مبادلة المدنيين بأسرى الحرب الحوثيين "يشجع الحوثيين على مزيد من الاختطاف، ويجعل وتيرة الاختطاف للمدنيين من قبل مليشيا الحوثي مستمرة كذلك".

 

في هذا الصعيد، يؤكد الكاتب والصحفي الصوفي أن ملف التبادل معقد، ويشك في نجاح هذه الصفقة، موضحا أنها مجرد استعراض أوصلت من خلاله جماعة الحوثي رسائل سياسية عبره، أما غريفيث فعاد للواجهة محققا نجاحا شخصيا ووظيفيا.

 

وانتقد تفريط الحكومة بهذا الملف المهم وإهماله، وتجاهلها له برغم أهميته، برغم أنها كانت يمكن أن تحقق من خلاله مكاسب كثيرة.

 

وبدأت المشاورات في جنيف بين الحكومة اليمنية والحوثيين، في 18 سبتمبر/ أيلول الجاري، برعاية الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

 

وما يزال هناك آلاف المعتقلين والأسرى والمختطفين والمخفيين قسريا لدى جماعة الحوثي، تم اعتقال كثير منهم بسبب مناوءتهم لها، أو بغرض ابتزاز أهل آخرين ماديا.