
دراسة حقوقية: حصار الحوثيين لتعز جريمة حرب وسياسة ممنهجة لكسر إرادة سكانها
أكد المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) في دراسة جديدة بعنوان "المعنى السياسي لحصار تعز"، أن حصار جماعة الحوثي للمدينة منذ عام 2015 لم يكن مجرد وضع عسكري مؤقت، بل سياسة ممنهجة ارتقت إلى جريمة حرب استهدفت المجتمع المدني بصورة مباشرة، وحوّلت الحصار إلى أداة للعقاب الجماعي وكسر إرادة السكان، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
وأوضحت الدراسة، التي أعدها الباحث وسام محمد وراجعها الدكتور مصطفى الجبزي، أن استمرار الحصار لأكثر من ثماني سنوات أدى إلى انهيار شامل في الخدمات الأساسية، وحرمان مئات الآلاف من المدنيين من الغذاء والدواء والمياه والتعليم والتنقل، ما فاقم المعاناة الإنسانية وخلق أوضاعًا كارثية طالت مختلف جوانب الحياة اليومية.
وبحسب ما وثقته الدراسة بالأرقام، فقد خلّف الحصار آلاف الضحايا بين قتيل وجريح، بينهم مئات الأطفال والنساء، نتيجة القصف وأعمال القنص والاستهداف المباشر، إلى جانب آلاف آخرين توفوا بسبب الحرمان من الرعاية الطبية والعلاج.
وأكدت الدراسة أن الحصار لم يكن وسيلة عسكرية فحسب، بل أداة للابتزاز السياسي، استخدمتها جماعة الحوثي لإخضاع المجتمع المحلي وإجباره على الاستسلام لشروطها، الأمر الذي انعكس بصورة مدمرة على البنية الاجتماعية والاقتصادية للمدينة، وأدى إلى تفكيك نسيجها المدني وتدمير مقومات العيش الكريم للسكان.
وفي ضوء هذه الانتهاكات، دعت الدراسة المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى تحمّل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية، والعمل العاجل على رفع الحصار بشكل كامل وفوري، وضمان حرية تنقل المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود، مع إحالة ملف الحصار إلى الآليات الدولية المختصة، باعتباره جريمة حرب تستوجب التحقيق والمساءلة.
وشددت على ضرورة ضمان العدالة وعدم إفلات الجناة من العقاب، عبر تحقيقات مستقلة وملاحقة المسؤولين أمام القضاء الدولي، معتبرة أن أي عملية سلام أو تسوية سياسية في اليمن ستظل ناقصة ما لم يُعالج ملف الحصار ويُحاسب المتورطون فيه.
كما أكدت أهمية تعويض الضحايا وجبر الضرر من خلال إعادة الإعمار وتأهيل البنية التحتية وإعادة الخدمات الأساسية للسكان، كخطوة نحو العدالة الانتقالية وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم.
وجددت الدراسة التأكيد على أن استمرار حصار تعز يمثل وصمة عار على جبين الإنسانية، وجريمة مركبة لا تحتمل التأجيل في رفعها ومحاسبة المسؤولين عنها.