مأرب.. تاريخ من التضحية والنضال

صمود مأرب وتضحياتها أمام صلف جحافل التمرد وجنازير الانقلاب، أعاد للأذهان تاريخ طويل من النضال والكفاح الذي قدمته هذه المدينة وأقيالها منذ القِدم، وعزز من ثبات ومواقف كل الاحرار، والتفافهم الجمعي خلف مأرب في هذه المعركة الفاصلة، والتمسك بالثورة، والحفاظ على الجمهورية، ومقاومة هذه السلالة وأفكارها الدخيلة على المجتمع والهوية اليمنية.


رغم المحاولات البائسة في طمس هذه الملاحم في العقود ما قبل ثورة فبراير 2011م، ومحاولة رسم صورة قاتمة عن مأرب بفعل الاوضاع والنظام الحاكم في تلك الفترات.. إلا أنها كانت في صدارة المشهد، وفي طلائع الحشود، وأول الصفوف إلى جانب الثورة والوطن والدولة الاتحادية.


عقب اجتياح مليشيا الحوثي للبلاد وانقلابها على الدولة ونهب مؤسساتها وانتهاك حقوق الشعب ونهب مقدراته وثرواته، وارتكاب كل الجرائم بحقه قبل أكثر من ست سنوات، اتجهت هذه الجماعة صوب مأرب، لما تمتلكه من ثروات كبيرة، ولما تمثله من أهمية استراتيجية واقتصادية وحضارية واجتماعية.


وكانت الفرصة سانحة لمملكة سبأ لأن ترسم صورتها الطبيعة بكل وضوح، وتجدد حضورها وتبرز تاريخها المرصع بالدم والنضال.


فنقلت موقعها إلى صدارة المشهد الوطني، وترجمت مفاهيم الدولة والحضارة واقعاً. تحولت من دورها الهامشي إلى دور رئيس تعمل مع غيرها للدفاع عن الجمهورية ومداميك الثورة واستعادة الدولة والأحلام المختطفة.


ترجمت مأرب مفاهيم تفعيل مؤسسات الدولة على الأرض كما لم تشهدها منذ زمن بعيد، واستجماع روح المقاومة والنضال في الميدان كما عهدها الجميع .


قدمت وساهمت وما تزال بكل إمكانياتها وجهودها وتضحياتها ومعها كل الأبطال للحيلولة دون كسرها واستباحتها من قبل جحافل التمرد والانقلاب.


إذ غدت اليوم مأرب مثال للتضحية والفداء كما عهدناها على مر التاريخ، وآخر قلاع الجمهورية في هذه المعركة المصيرية والغير متكافئة، ومحراباً للنضال الوطني، وقبلة للدولة المنشودة .


بقت وستبقى حامية الجمهورية، ودرعها الحصين، ونموذج للهوية اليمنية، حيث نضال وحضارة وأصالة الماضي والحاضر والمستقبل، شاهدة ومعاصرة لذلك، وها هي تتمحور في كيانها، جامعة لمعالم التاريخ في أبهى صورة وهي تدافع عن الوطن والجمهورية .


أصبح الجميع ينظر إليها بإكبار واعتزاز وهي تقف بصمود وثبات، تصنع مجدها مجدداً بحبر نضالها، وكفاحها، وتواجه صلف السلالة الإمامية ومعتقداتها، وتكبده الخسائر المتلاحقة ..


ومن يشاهد اليوم مأرب وهي تخوض معركة نيابة عن الجميع، وما تسطره من بطولات وما تقدمه من تضحيات على امتداد جبهاتها، تتعزز قناعة تامة وإيمان راسخ لدى كثيرين عن أن مأرب كانت ولا زالت وستظل مصدر إلهام في التضحية والنضال، وهي تستشعر اللحظة الحرجة والفارقة، وتسهم في الالتفاف الجمعي، وإعادة اللحمة الوطنية والشعبية وتوحيد الصف الجمهوري خلف معركة اليمنيين ودولتهم، في كبح جماح الحوثي ومشاريعه الهدّامة على كل المستويات.