جنازة السبتمبري وجُموع "المومري"!
الأمة التي لا تقدّر رموزها ومناضليها أمة ميتة، فقدت شعورها الوطني، واستسلمت لعمليات التغييب لذاتها الوطنية، والتغريب عن جوهر انتماءها وولاءها الوطني إلى انتماءات وولاءات أخرى أو إلى اللا انتماء.
يوم أمس، تم موارة جثمان الثائر السبتمبري اللواء علي عبدالله السلال -رحمه الله- إلى مثواه الأخير بالعاصمة صنعاء، عاصمة الجمهورية المحتلة من قِبل الكهنوت السُلالي. والمؤسف أن جنازة هذا الثائر الكبير ونجل مؤسس الجمهورية الأولى الزعيم الخالد عبدالله السلال، كانت باهتة وعلى غير المتوقع!
العشرات فقط من المحبين للراحل ونهجه الوطني هم الذين حضروا جنازته، فيما غاب الشعب عن هكذا حدث وطني أليم، وكان المفنرض شعبياً أن تخرج صنعاء عن بكرة أبيها في وداع بطل جمهوري خالد، إكراماً له ولنقائه الجمهوري، وتخليداً لدور والده في إخراج اليمنيين مع رفاقه من براثن العصابة السلالية العنصرية.
قبل أسابيع فقط، امتلأ ميدان السبعين بعشرات الآلاف من الناس بدعوة من أحد "المهرجين" على وسائل التواصل الاجتماعي، يُدعى "المومري"، وبعيداً عن كون ذلك الحضور الكثيف طبيعياً في مثل هكذا حالات أم لا، إلا أن غياب الحضور الشعبي عن جنازة بطل جمهوري كبير، عرفتهُ ميادين النضال مقاتلاً شجاعاً، ذائداً عن حق الأمة اليمنية في الحرية والعزة والكرامة، يُعبّر عن مقدار التراجع الكبير في الحس الوطني لدى الكثير من أبناء أمتنا اليمنية!
نعلم أن الكهنوت السلالي لم يرغب في أن يرى تشييعاً مهيباً لهذا القيل الكبير، الذي ساهم مع رفاقه في هدم عرش الكهنوت الإرهابي في أيلول الخالد، ويسوءه أي ذكر لرموز اليمن ومناضليها، ولو بيده القدرة لعمل على اجتثاثهم كليّة من الوجدان الوطني الجمعي.
لكن أن تكون جنازة علم من أعلام اليمن الثوري باهتة إلى هذه الدرجة لا أجد له أي تفسير سوى أن هناك خلل كبير في الذاكرة الشعبية الوطنية، وإعطاب ممنهج لها، فما قيمة أن يتغنى الناس بثورة سبتمبر دون أن يقدّروا رموزها وأقيالها الأحرار، أحياء يرزقون وأمواتا عند ربهم خالدون؟!
رحم الله الفقيد الكبير اللواء علي عبدالله السلال ووالده العظيم وكل رموز الأمة اليمنية الذين وهبوا حياتهم من أجل وطنهم الكبير الشامخ المفدّى.