عالم يمني ضمن أهم فريق بحثي دوائي في تركيا

تحتفظ ذاكرة التاريخ وأيقونة الإنسان بالسيرة العظيمة لجيل الرواد والرعيل الأول من الجمهوريين وحركة التصحيح تحديداً لتذكرنا اليوم بالرمز الجمهوري حميد حنش الشهابي، فقد كان أحد الذين تركوا بصمات في المسار الجمهوري في سلك الدولة الإداري وفي وزارة المالية (الخزانة سابقا") وفي رئاسة الجمهورية وفي مكتب رئاسة الوزراء وفي مجلس الشوى مؤخرا.

 
مسلك نبيل ونزيه في الحياة بشكل عام وفي الوظيفة العامة بشكل خاص.
 
استهليت صدر مقالتي بهذه الكلمات لسبر أغوار الواقع واستنطاق العبرة التاريخية بأنه لا ندم في السلوك النزيه في الحياة إن لم تأتي ثمرته بشكل مباشر إلى الأبناء فتتجسد في أخلاقهم وأفعالهم، فمعظم أولاد ناهبي المال العام والذين تربوا على السحت في مربع الحياة الفاشلة والعبثية دونما إنجاز يذكر او ينفع الناس فيمكث في الأرض.
 
لم يخلف حميد الشهابي ثروة جناها من المال العام، إنما شكل قدوة علمية ووطنية لأولاده وحثهم على التعليم والتمدن.
 
اليوم الدكتور عصام حميد حنش الشهابي، عضو هيئة التدريس بجامعة صنعاء. وعضو بمركز أبحاث إكتشاف الأدوية وتطويرها بجامعة إسطنبول ماديبول-تركيا يحضر ضمن فريق الباحثين الأتراك، وهو اليمني والعربي الوحيد، ليساهم في إنجاز علمي تركي لدواء يسمى الفافيبيرافير والمصنف عالميا" كواحد من الأدوية الأكثر فعالية كمضاد لفيروس كورونا.
 
مؤخراً تمكن الفريق البحثي المكون من 12 باحثا" من بينهم الدكتور عصام الشهابي وبالتعاون مع عشرين مشارك في المصنع من تحضير مشتق البيرازين كاربوكساميد أو ما يسمى الفافيببيرافير بإستخدام مواد أولية ومحلية في مايقارب 27 مادة كيميائية وفي غضون 40 يوما" من العمل المتواصل ليلا" ونهارا.
 
ثمة عدة طرق لتحضير هذا الدواء ومع ذلك فقد تم إختيار الطريقة الأمثل وتتضمن ثمان خطوات وبما يتناسب مع الإمكانيات المحلية التركية. ومن جانب آخر وكامتداد لهذه الدراسة البحثية يقول فريق البحث بأنه عازم مستقبلا" لخفض عدد تلك الخطوات إلى النصف تقريبا" ناهيك عن استخدام مواد أخرى جديدة أقل تكلفة مادية الأمر الذي سيمكن الفريق من التطوير وتسجيل هذه الدراسة كبراءة اختراع.
 
وفي ضوء هذا النجاح الباهر الذي تحقق تم منح الترخيص وتحديدا" في العاشر من شهر تموز 2020 من قبل وزارة الصحة التركية بإنتاج مصنع اتاباي للأدوية لدواء الفافيبيرافير Favipiravir تحت مسمى الفافيكوفير Favicovir وذلك بعد إجراء دراسة التكافؤ الحيوي (Bioequivalence) للدواء الأخير والمصنع محليا".
 
جاء ذلك تنفيذا" لتوجيهات رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان في تصريح لسعادته الشهر المنصرم حزيران 2020. مباركا" هذا الإنجاز الوطني والذي سيستخدم في مواجهة فيروس كورونا داخل تركيا.
 
الجدير بالذكر أن دواء الفافيبيرافير Favipiravir هو ليس دواء جديدا" كمايعتقد البعض فلقد أنتج هذا الدواء في عام 2014 من قبل شركة توياما اليابانية Toyama Chemical (Fujifilm group)
 
وفي عام 2016 تم الترخيص بإنتاج هذا الدواء للشركة الصينية Zhejiang Hisun Pharmaceutical Co.
 
ومؤخرا" ومع ظهور جائحة كورونا في ديسمبر 2019 اعتبر هذا الدواء من المستحضرات الدوائية العامة Generic Drugs الأمر الذي يسمح ويمكن من يرغب في تصنيعه عالميا".
 
وبالتالي تمكن الفريق البحثي من العمل على تصنيع نسخة محلية وطنية من هذا الدواء من بين عدد إجمالي 3 الى 4 أدوية أخرى لاحقه بإمكانيات ذاتية ومحلية والتي ستستخدم في مداوة المصابين بفيروس كورونا داخل تركيا.
 
هذا الأمر في حد ذاته سيقلل من الإعتماد على الخارج في هذا النطاق ولاسيما في الظروف الراهنة التي يمر بها العالم ومن جانب آخر استعدادا" وتأهبا" لمواجهة فيروس كورونا في شتاء العام القادم.
 
هذا وقد وهب مصنع أتاباي Atabay للأدوية بمدينة Gebze عدد عشرة الآف عبوة دوائية من دواءFavipiravir (Favicovir) (200مليجرام، 40قرص) لوزارة الصحة التركية لمداواة المصابين في داخل تركيا حيث أن مريض الكوفيد19 الخالي من الأمراض المزمنة يتماثل للشفاء خلال أربعة إلى خمسة أيام بدلا" من أحد عشر يوما" وذلك بتطبيق البروتوكول الجديد لدواء (Favipiravir) التي تؤكده نتائج دراسة حديثة إكلينيكية صينية مما يبث الطمأنينة والأمل في نفوسنا جميعا".
 
ومن ناحية أخرى تعتزم الحكومة التركية على تصدير هذا الدواء إلى جميع أنحاء العالم كما جاء في رسالة واضحة على لسان الدكتور مصطفى فارانك وزير الصناعة التركية في مؤتمر صحفي له الشهر المنصرم حزيران 2020.
 
نود الإشارة ايضا" بأن هذا المشروع البحثي تم بإشراف مؤسسة البحث العلمي والتقني التركية (التوبيتاك TÜBİTAK) والتي بدأت أولى فعالياتها بعقد مؤتمر ضم 14 مشروعا" بحثيا" لتطوير أمصال وأدوية ذات الصلة بالكوفيد19 بتاريخ 2 نيسان 2020 وبالتالي كان لها دورا" هاما" وفعالا" في خلق وسط لدعم العمل المشترك كماهو الحال في هذا المشروع البحثي فيمابين قطاع المؤسسات الأكاديمية والبحثية والممثل بجامعة اسطنبول ماديبول MEDİPOL UNIVERSITY بقيادة الأستاذ الدكتور مصطفى قوزال وبين القطاع الصناعي الممثل بمصنع اتاباي للادوية(Atabay Pharmaceuticals and Fine Chemicals Inc) بإدارة السيدة زينب أتاباي تاشكنت.
 
هذا العمل المشترك يعتبر الحدث الأول في تاريخ التصنيع الدوائي في تركيا والذي يلتقي فيه كل من قطاعي البحث العلمي والصناعي في عمل مشترك واحد لصناعة الأدوية.