مصدر مقرب من الحكومة السعودية: لا يمكن السماح للإمارات بإبقاء النار مشتعلة في الخليج
كشف مصدر مقرّب من الحكومة السعودية لوكالة الصحافة الفرنسية أن الإمارات العربية المتحدة تقاوم إيجاد حل للأزمة الخليجية المستمرة منذ 2017.
وأكد المصدر أنه "لا يمكن السماح للغضب الإماراتي بإبقاء هذه النار مشتعلة“، موضحا أن "الوقت حان لإنهاء هذه الأزمة".
وتسعى السعودية للوصول إلى تسوية لإنهاء الأزمة الخليجية المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات، لكنّ الحل الشامل يبقى أمرا بعيد المنال على الرغم من الاستعداد لتقديم تنازلات، بحسب مصادر مقرّبة من المفاوضات الخاصة بملف الخلاف.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قال لوكالة الصحافة الفرنسية الأسبوع الماضي إن حلفاء بلاده "على الخط نفسه" في ما يتعلّق بحل الأزمة الخليجية، متوقعا التوصل قريبا إلى اتفاق نهائي بشأنها.
ويأتي هذا في وقت تستعد فيه دول الخليج لموعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، الذي سيرحّب بحل الخلاف.
وقطعت السعودية وحلفاؤها -الإمارات والبحرين ومصر- علاقاتها مع قطر، وبدأت حصارها في يونيو/حزيران 2017، ومنعتها من استخدام مجالها الجوي، متهمة إياها بتمويل ما يسمى "الإرهاب"، وهو ما تنفيه الدوحة بشدة.
وعرضت الدول المحاصرة على قطر قائمة من 13 مطلبا، من ضمنها إغلاق قناة الجزيرة والحدّ من العلاقات مع إيران وإغلاق قاعدة عسكرية تركية على أرضها، لكن الدوحة رفضت هذه المطالب.
وتقول مصادر مطلعة على المفاوضات إن الدول المحاصرة لقطر بقيادة الرياض مستعدة لتخفيف حدة مطالبها بشكل كبير في الاتفاق النهائي.
وأشار مصدر مقرّب من الحكومة السعودية إلى أن المملكة مستعدة لتقديم تنازلات عبر فتح مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية، في حال توقّفت الدوحة "عن تمويل معارضيها السياسيين وكبحت جماح وسائل الإعلام التابعة لها".
وقال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية إن "السعودية تدفع باتجاه ذلك، والسعودية تملك المفتاح الرئيسي وهو المجال الجوي".
وتسببت الأزمة بقطع روابط النقل وتفريق العائلات وكلّفت خسائر بمليارات الدولارات في مجالي الاستثمار والتجارة، وألحقت أضرارا قد لا تكون اقتصادات دول الخليج قادرة على تحمّلها مع مسعاها للخروج من أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأعربت الإمارات ومصر الثلاثاء عن دعمهما للجهود الرامية إلى حل النزاع، ولكن مصدرا مقربا من السعودية أشار إلى أن الإمارات -وهي خصم قوي لقطر- تقاوم ذلك.
اتفاق "محدود النطاق"
من جهته، قال مصدر آخر في الخليج مقرّب من ملف المفاوضات إن العملية التي تقودها المملكة حاليا قد تؤدي إلى نوع من السلام، ولكنها لن تحل كل القضايا الأساسية.
ومن المرجّح أن يكون الاتفاق النهائي على شكل وثيقة مشتركة تحدد الشروط، وقد يشبه على الأرجح اتفاق الرياض عام 2014 بين قطر والدول الخليجية، وهو اتفاق سري يُعتقد أنه كان يدعو لعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
وبحسب دبلوماسي غربي في الخليج، فإن الوسطاء من الكويت يدفعون باتجاه إقناع القادة الثلاثة الرئيسيين: ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وأوضح أنه سيتعين على القادة الثلاثة "الموافقة"، موضحا أنه على الرغم من معارضة الإمارات، فإن ولي عهد أبو ظبي "منخرط بشكل وثيق" في العملية.
وأوضح "نحن نبحث عن حل مؤقت محتمل في غضون أسابيع قليلة (..)، لا أعتقد أن أي شخص يتوقع حلا كاملا. سينظر الجميع في مدى دفء صياغة البيان".
ونقل دبلوماسيون في الدوحة عن مسؤول قطري كبير قوله إن الاتفاق النهائي "تم الاتفاق عليه مبدئيا"، ولكنه "محدود النطاق".
وأشاروا إلى أنّ المسؤول أوضح أن السعودية لا ترغب في الإعلان عن الاتفاق قبل نهاية حكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الأرجح، بهدف تسجيل نقطة إيجابية لدى إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الذي توعد بإعادة تقييم الروابط مع الرياض على خلفية سجلّها في حقوق الإنسان.
وتسعى الولايات المتحدة إلى رفع إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات القطرية الذي دفعها لتغيير مسار رحلاتها لتمر فوق إيران، التي أشارت تقارير إلى أنها حصلت على 100 مليون دولار سنويا لقاء ذلك.
خلافات "جوهرية"
وأشاد المعلق السعودي طارق الحميد في صحيفة "عكاظ" السعودية المقربة من الحكومة بالتصريحات "المتفائلة"، مؤكدا على ضرورة "وحدة وتماسك مجلس التعاون الخليجي".
ولكنه أشار إلى أنّه "لا بد من آلية تضمن تعلمنا من التجارب، وعدم تكرارها، لأن الخلافات جوهرية، ووجودية، وليست خلافات تنتهي فقط بمصافحة".
وسيكون المؤشر الحقيقي مستوى التمثيل القطري في قمة مجلس التعاون الخليجي المرتقبة قبل نهاية العام الجاري، والتي لم يحدد مكانها بعد، وسيشكل حضور أمير قطر مؤشرا على حدوث التقارب.
من جانبه، يرى كريستيان أولريشسن من معهد "بيكر" للسياسة العامة بجامعة رايس الأميركية، أن " الأمر سيستغرق وقتا طويلا وجهودا مستمرة من كافة الأطراف لإعادة بناء العلاقات".
وتابع "أي اتفاق سيكون بداية لعملية أطول للمصالحة بدلا من نقطة نهاية أو عودة إلى الوضع القائم السابق قبل عام 2017".