شبوة اليمنية.. الصراع ينقلها من التهميش إلى الصدارة
تتميز محافظة شبوة اليمنية (جنوب)، بموقعها الجغرافي وأهميتها الاستراتيجية وثرواتها النفطية، ومن الغرب محافظتي البيضاء وأبين الواقعة شرقي العاصمة المؤقتة عدن.
وتحد شبوة من الشرق محافظة حضرموت ذات المساحة الكبيرة والأهمية الاقتصادية والاستراتيجية، ومن الجنوب، بحر العرب، ومن الشمال، محافظتي حضرموت ومأرب.
تتكون شبوة من 17 مديرية، وعاصمتها مدينة عتق، حيث تقدر مساحتها بنحو 45 ألف كيلومتر مربع، ما يجعلها ثالث أكبر محافظة من حيث المساحة على مستوى اليمن.
وتعد إحدى أهم المناطق التي تحوي النفط والغاز، وتضم أكبر شركة لتسييل الغاز في اليمن، وعدة حقول نفطية (حاليا تنتج حقول شبوة نحو 8 آلاف برميل نفط يوميا).
كما تضم المحافظة، ميناء "بلحاف" لتصدير الغاز، المطل على بحر العرب، ومشروع بلحاف لإنتاج الغاز المسال، الذي بدأ العمل فيه عام 2009، وتقدر طاقته الإنتاجية بـ 6.7 مليون طن من الغاز، و تقارب إيراداته 4 مليارات دولار سنويا.
توقف العمل في المشروع عام 2015 بسبب الحرب، وبعد تحرير شبوة من الحوثيين تحول المشروع إلى ثكنة عسكرية إماراتية، مما عرقل جهود الحكومة الساعية لاستئناف تشغيله.
وبرزت محافظة شبوة إلى الواجهة في السنوات الأخيرة بسبب الصراعات الداخلية المرتبطة بأطراف خارجية، بعدما ظلت تعاني الإهمال والتهميش لعقود من الزمن.
الصراع السياسي
تشهد شبوة منذ تحريرها من سيطرة الحوثيين (2017) صراعا سياسيا وعسكريا، بين القوات الحكومية، وقوات انفصالية شكلتها الإمارات في 2016، وسمتها "النخبة الشبوانية".
كانت مواجهات أغسطس/آب 2019، أبرز محطات الصراع بين الطرفين، وحسمتها القوات الحكومية بالسيطرة على المحافظة بشكل كامل وطردت منها قوات النخبة.
بعد ذلك شهدت المحافظة استقرارا نسبيا استفادت منه السلطات المحلية في إقامة عدد من المشاريع الخدمية والتنموية، فيما ظلت القوى التابعة للإمارات تعمل جاهدة من أجل العودة إلى شبوة، خاصة بعدما توترت العلاقة بشكل غير مسبوق بين محافظ المحافظة محمد بن عديو، وسلطات أبوظبي، عقب مطالبة المحافظ بطرد القوات الإماراتية من منشأة بلحاف الغازية.
دفعت أبوظبي بأنصارها في المجلس الانتقالي المشكل عام 2017 بدعم إماراتي، للاحتجاج على المحافظ بن عديو، حيث نفذ الانتقالي خلال الفترة الماضية، فعاليات واعتصامات احتجاجية مناهضة للمحافظ والسلطات المحلية بشبوة.
والأسبوع الماضي، صدر قرار من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بتغيير محافظ شبوة وتعيين محافظ جديد معروف بارتباطه بالإمارات التي يقيم فيها منذ سنوات طويلة.
صراعات سابقة
عرفت شبوة إبان الصراعات السابقة التي شهدها جنوب اليمن قبل الوحدة مع الشمال، بتحالفها الوثيق مع محافظة أبين المجاورة (شرق عدن)، في مقابل تحالف جنوبي آخر يضم محافظتي الضالع ولحج (شمال عدن).
وخاضت الكتلتان صراعا دمويا عنيفا في ما عرف بأحداث يناير (كانون الثاني) 1986، سقط خلالها الآلاف وانتهت لصالح الكتلة الثانية، فيما أجبر المنهزمون من محافظتي شبوة وأبين، وعلى رأسهم علي ناصر محمد رئيس البلاد حينها، وقيادات الجيش والدولة على مغادرة الجنوب إلى الشمال، ومنهم الرئيس الحالي منصور هادي، الذي كان حينها ضابطا في وزارة الداخلية.
ويربط مراقبون ما يجري في الوقت الراهن من صراع بين الحكومة من جهة والمجلس الانتقالي الذي تدعمه الإمارات من جهة ثانية، بالصراعات السابقة، خاصة وأن حلفاء الرئيس هادي يشكلون كتلة كبيرة في شبوة، فيما تنتمي أغلب قيادات المجلس الانتقالي إلى محافظتي لحج والضالع.
الحوثيون في شبوة
في أبريل/نيسان 2015، تمكنت قوات الحوثيين المتحالفة مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح حينها من السيطرة على معظم مناطق شبوة بما فيها العاصمة عتق، غير أن هذه القوات لم تستقر سوى أربعة أشهر حيث أجبرتها القبائل والقوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي على مغادرة العاصمة وعدد من المناطق.
استقر الحوثيون في شمال غرب المحافظة، فيما يعرف بـ"وادي بيحان"، واستمرت المواجهات هناك حتى تكللت بانتصار القوات الحكومية مطلع 2018، واندحرت قوات الحوثي إلى محافظة البيضاء المجاورة.
وأواخر سبتمبر/أيلول الماضي، استطاع الحوثيون استعادة السيطرة على وادي بيحان لتنسحب القوات الحكومية خارج الوادي الذي يضم ثلاث مديريات هي عين، بيحان، عسيلان.
وأهم التحديات التي تواجه المحافظة في الوقت الراهن، إلى جانب المواجهات مع الحوثيين لتحرير المناطق الخاضعة لسيطرتهم، مخاطر أمنية حالت دون استئناف العمل في حقول النفط المتوقفة بسبب الحرب، ولم يعد إلى العمل سوى قطاع واحد، تديره شركة النفط والغاز النمساوية (OMV).
وكانت قطاعات النفط في شبوة تنتج قبل الحرب نحو 70 ألف برميل يوميا، بحسب بيانات رسمية.
الأناضول