المجلس الانتقالي الجنوبي يبحث عن مخرج لاحتواء الغضب السعودي
يفتّش المجلس الانتقالي الجنوبي، المطالب بالانفصال عن اليمن، منذ أيام، عن مخرج آمن يخفّف من وقع الغضب السعودي ضده الذي تفجّر عقب التطورات الأخيرة في جنوب وشرقي اليمن، خصوصاً بعد سيطرته على حضرموت والمهرة ورفضه الانسحاب منهما رغم الاتفاق الذي رعته الرياض، في وقت تفيد معلومات حصلت عليها "العربي الجديد" أمس عن تصاعد التوتر في وادي حضرموت خصوصاً في الساعات الماضية. ويريد المجلس الانتقالي الجنوبي احتواء التوتر مع الرياض، لكن يسعى في الوقت نفسه للحفاظ على المكاسب التي حققها، وسط مخاوف لدى قياداته من أن تكون الرياض قد "أغلقت الباب" أمام أي نقاش مباشر معه، وبدأت مرحلة جديدة من التعامل معه تقوم على التجاهل والتهميش وربما إعادة صياغة موازين السلطة داخل معسكر الشرعية وتحديداً مجلس القيادة الرئاسي.
المجلس الانتقالي الجنوبي متخوف على نفوذه
وتبدي قيادات في المجلس الانتقالي حرصاً على عدم فقدان ما تحقق خلال السنوات الماضية من نفوذ سياسي وعسكري داخل الشرعية وانعكس على الأرض في تمددها في مختلف مفاصل السلطة والأجهزة، وتسعى إلى إعادة فتح خطوط تواصل مع السعودية، حتى وإن كان ذلك عبر خطوات رمزية أو رسائل غير مباشرة. وخلال الأيام الماضية، أطلق مسؤولون في "الانتقالي" تصريحات متكررة أكدوا خلالها تقديرهم للسعودية والالتزام بالتنسيق مع التحالف العربي. كما لجأ "الانتقالي" إلى رسائل رمزية واضحة أبرزها رفع علم السعودية وصورة ولي العهد محمد بن سلمان إلى جانب صورة رئيس الإمارات محمد بن زايد في ساحة الاعتصام المفتوح الذي بدأه أنصار "الانتقالي" قبل أيام في ساحة العروض في خور مكسر في العاصمة المؤقتة عدن، بعد أن كانت صورة بن زايد وحدها تتصدر الساحة.
وتحدثت مصادر متابعة لـ"العربي الجديد" عن مساعٍ يقوم بها بعض الأطراف لدفع "الانتقالي" إلى التراجع عن بعض الخطوات التصعيدية التي اتخذها بما يخفف من التوتر مع الرياض، إلا أن المجلس يتخوّف من انعكاسات التراجع عليه من جهة ومن تصعيد الموقف ضده إلى مستوى فرض عقوبات من جهة ثانية، لذلك يحاول في الوقت نفسه وضع خيار مواصلة التصعيد لمواجهة التصعيد المضاد. ويستغل "الانتقالي" بشكل أساسي سيطرته على الأرض في الجنوب اليمني، بوصفها ورقة لتحسين موقفه وإجبار الأطراف الأخرى إلى الجلوس معه على الطاولة. في موازاة ذلك، يحاول "الانتقالي" استخدام ورقته الأقوى، وهي الشارع، فقد دفع خلال الأيام الماضية بحشود جماهيرية كبيرة في ساحة الاعتصام بعدن لإظهار التأييد الشعبي لخطواته، والتأكيد أن ما يقوم به يعبّر عن "رغبة الجنوبيين".
انتقادات غير مسبوقة
في موازاة ذلك، رُصد تشدد في وسائل إعلام سعودية أو محسوبة عليها تجاه "المجلس الانتقالي الجنوبي" لتحمل لهجة انتقادية غير مسبوقة، فيما انخرط بعض الإعلاميين المحسوبين على "الانتقالي" في مهاجمة السعودية واستضافة قنوات تابعة لها قيادات من "التجمع اليمني للإصلاح" أو ما يسمونه "الإخوان" ويقولون إنها تستضيف إرهابيين. وبعدما كان مصدر مسؤول في مجلس القيادة الرئاسي اليمني، قال في تصريحات لـ"العربي الجديد"، قبل أيام، إن رئيس المجلس رشاد العليمي سيدعو أعضاء المجلس للاجتماع "قريباً" في الرياض، ذكرت بعض الشخصيات التي تحدثت أمس لـ"العربي الجديد" أنه من غير الواضح ما إذا كان رئيس "الانتقالي"، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، عيدروس الزبيدي مشمولاً بالدعوة أم لا. وأضافت: حتى إن وُجهت له الدعوة فالنقاشات داخل "الانتقالي" تتركز حول ما إذا كان يستطيع السفر إلى الرياض، إذ هناك مخاوف من عدم السماح له بالعودة إلى اليمن. ويتوقف البعض عند حقيقة أنه لم يغادر إلى أبوظبي كالمعتاد في مثل هذه الحالات.
الاجتماع المرتقب للمجلس الرئاسي قد يتناول إعادة تشكيله من جديد، بما يشمل تقليص عدد أعضائه
وبحسب بعض التلميحات، فإن الاجتماع المرتقب قد يتناول إعادة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي من جديد، بما يشمل تقليص عدد أعضائه إلى اثنين أو ثلاثة، وتمكين رئيس الحكومة من ممارسة صلاحيات الرئيس مؤقتاً لإجراء تعديلات حكومية وتعيينات خلال الفترة المقبلة. هذه السيناريوهات، إن حدثت، قد تُضعف موقع "الانتقالي الجنوبي" داخل بنية السلطة وتفتح الباب أمام ترتيبات جديدة. وكان رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي قد أشاد الخميس "بجهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية، من أجل خفض التصعيد ودعم استقرار محافظتي حضرموت، والمهرة، مجدداً دعم الدولة الكامل لهذه الجهود.
ميدانياً، برز في اليومين الماضيين تصاعد العمليات ضد القوات التابعة للمجلس الانتقالي، وتحديداً في شبوة، بما يثير تساؤلات عما إذا كان "الانتقالي" قد بدأ يواجه حرب استنزاف في مناطق سيطرته. وأمس أعلن المتحدث باسم القوات الجنوبية المقدم محمد النقيب، التصدي لهجوم في شبوة، معلناً أن "قواتنا المسلحة الجنوبية، ممثّلة بقوات دفاع شبوة، تمكنت من إلحاق خسائر في صفوف العناصر الإرهابية الإخوانية التي فرت من أوكارها في وادي وصحراء حضرموت، والتحقت، كسابق عهدها، بالجيش الموالي لجماعة الإخوان"، مضيفاً أنه "أثناء التصدّي ارتقى ثلاثة شهداء من أبطال قواتنا وأُصيب سبعة آخرون"، قائلاً إن "هذا العمل العدائي الإرهابي لن يمرّ بدون رادع".
العربي الجديد