
مركز أميركي يدعو ترامب لدعم الحكومة اليمنية من أجل القضاء الكامل على الحوثيين
دعا مركز أبحاث أميركي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إعطاء الأولوية لتعزيز الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا عسكريًا واقتصاديا، مؤكدا أن العمل العسكري قد يُضعف المتمردين الحوثيين على المدى القصير، إلا أن إضعاف الجماعة فعليًا والقضاء عليها في نهاية المطاف يتطلب من المجلس الرئاسي أن يحكم بفعالية، وأن يستعيد شرعيته.
وأشار مركز the Atlantic council, في تقرير تحليلي، إلى أن ترامب يقول إن إدارته ستضمن القضاء التام على الحوثيين في اليمن، حيث يُعزز قوته العسكرية لإثبات ذلك. وقد أمضى ترامب الأشهر الأولى من ولايته الثانية في تصعيد الضربات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين ردًا على هجماتهم على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وقال التحليل الذي أعده إميلي ميليكين، إن الحملة العسكرية الأمريكية المتجددة ألحقت أضرارًا جسيمة حتى الآن، حيث قُتل ما لا يقل عن 57 شخصًا، بينهم مسلحون حوثيون ومدنيون يمنيون. كما استهدفت الحملة مخازن أسلحة وطائرات مسيرة ومنشآت تخزين صواريخ، في محاولة لإضعاف قدرة الحوثيين على ضرب طرق التجارة في البحر الأحمر.
وأضاف، "مع الخسائر المتتالية الأخيرة لقيادات وكلاء إيران الآخرين، قد يبدو زوال الحوثيين أمرًا مفروغًا منه. إلا أن هذا الافتراض يُقلل من شأن قدرة الحوثيين على الصمود، وقدرتهم على التكيف الاستراتيجي، ونفوذهم المتجذر في اليمن".
المطلوب نهج أكثر دقة
وأوضح التقرير، أن تحديات استهداف المتمردين الحوثيين تتطلب اعتراف إدارة ترامب بأن النهج العسكري البحت لن يحقق هدف واشنطن المتمثل في "الإجتثاث الكامل".
وقال إن اشنطن اتخذت الأسبوع الماضي خطوةً مهمةً لتوسيع نطاق حملاتها ضد الحوثيين إلى ما يتجاوز القوة العسكرية، معلنةً فرض عقوباتٍ تستهدف شقيقين أفغانيين يقيمان في روسيا، واللذين ساعدا سعيد الجمل في تدبير شحنات حبوبٍ أوكرانيةٍ مسروقةٍ من شبه جزيرة القرم إلى اليمن. ومع ذلك، فإن استراتيجية إدارة ترامب تجاه الحوثيين تتطلب نهجًا أكثر دقةً يُعمّق هذه العناصر غير العسكرية.
وأكد أنه ينبغي لإدارة ترامب أن تستخدم استراتيجية متعددة الجوانب، تجمع بين زيادة العمليات الاستخباراتية على الأرض، وتكثيف عمليات الاعتراض البحري، والدبلوماسية الإقليمية القوية للضغط على الجهات الفاعلة الخارجية، وخاصة روسيا والصين، لمنعها من تعزيز قدرات الجماعة من خلال الحوافز الاقتصادية مثل تخفيف العقوبات أو التهديد بزيادة التعريفات الجمركية.
وأضاف، أنه رغم التدخل العسكري القوي للتحالف الدولي بقيادة السعودية ضد الحوثيين منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء عام ٢٠١٤، حافظ الحوثيون على سيطرتهم في اليمن ووسّعوها. وقد تطورت الجماعة المتمردة الصغيرة إلى قوة عسكرية هائلة، مع دعم دولي ناشئ يُمكّنها من توسيع تهديداتها البحرية.
وتكمن إحدى التحديات الكبرى في القضاء على الحوثيين في تحييد قياداتهم، وخاصة زعيمهم الكاريزمي عبد الملك الحوثي، الذي لعب دوراً حيوياً في التنظيم منذ توليه زعامته في عام 2004.
وقال إنه بخلاف التنظيمات الأخرى المدعومة من إيران، يتمتع الحوثيون بهيكلية أسرية، تتمحور بشكل كبير حول الحوثي وعائلته. وستُشكل خسارة الحوثي ضربة موجعة للجماعة، لا سيما وأن غياب خليفة واضح سيُجبر الجماعة على التركيز على إخماد التنافسات الداخلية بدلًا من العمليات. لكن القضاء على الحوثي سيكون مهمة شاقة.
ثغرات في الاستراتيجية الأميركية: تكتيكات القوة الصلبة والناعمة
من المرجح أن تُعيق محدودية المعلومات الاستخباراتية الميدانية في اليمن قدرة الولايات المتحدة على تعقب الحوثيين وقد تكرر هذا الواقع في أوائل العام الماضي عندما واجهت الولايات المتحدة صعوبة في تقييم نجاح عملياتها وترسانة الجماعة الكاملة بسبب نقص المعلومات الاستخباراتية. فبدون تواجد موثوق أو شبكة مخبرين، سيكون استهداف قائدٍ مُخبأٍ جيدًا كهذا أمرًا صعبًا.
وقال المركز إن مكافحة الرسائل الحوثية حول الحملة العسكرية تتطلب نهجا دقيقا أيضا: فقد استغل المتمردون الحوثيون الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية والإصابات المدنية الناجمة عن الغارات الجوية لصالح دعايتهم الخاصة.
أخيرًا، لمنع الحوثيين من الظهور مجددًا، سيتعين على الولايات المتحدة قطع مصادر إمداد الجماعة، وخاصةً من شركائها الدوليين. وقد اتسمت الجهود المبذولة لقطع إمدادات الأسلحة من طهران، الداعم الرئيسي للحوثيين، بالتذبذب.
وبسبب عوامل مثل تغير الأولويات الإقليمية والرغبة في تجنب التصعيد مع إيران، تذبذبت جهود البحرية الأمريكية لمصادرة شحنات الأسلحة الإيرانية المتجهة إلى الجماعة في السنوات الأخيرة.
في الوقت نفسه، تُصعّب مساعي إيران لتجنب الكشف عبر أساليب مثل استخدام قوارب التمويه، ونقل الأسلحة في البحر، وتمويه الشحنات على أنها قوارب صيد أو إخفاؤها على متن سفن شحن مدنية، عمليات الاعتراض. في الواقع، يُقدّر عدد سفن التهريب الإيرانية التي تم اعتراضها بين عامي 2015 و2024 بعشرين سفينة فقط .
في غضون ذلك، أعلن الحوثيون عن عدة تقنيات جديدة مثيرة للقلق يبدو أنها من أصل إيراني جزئيا على الأقل، بما في ذلك صاروخ يزعمون أنه يمكن أن يصل إلى سرعات تفوق سرعة الصوت وعدد من الطائرات الهجومية بدون طيار .
من أجل قطع الشحنات الإيرانية بشكل مستدام، ستحتاج الولايات المتحدة إلى زيادة دورياتها البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، مع العمل في الوقت نفسه على التعاون مع حلفائها في الخليج لخنق طرق التهريب وتجهيز خفر السواحل اليمني بتقنيات الرادار المتقدمة وقوارب الدورية التي من شأنها أن تسمح لهم بأن يكونوا أكثر فعالية على المدى الطويل.
المشهد المتطور
رغم أن الولايات المتحدة تمكنت من قطع شحنات إيران إلى الجماعة المتمردة، فإن الحوثيين يسعون إلى تنويع شركائهم خارج إيران وشبكتها من حلفائها ووكلائها المتدهورين في المنطقة، وفق التقرير.
على سبيل المثال، تشير تقارير من أغسطس/آب إلى أن ضباطًا من المخابرات العسكرية الروسية يعملون الآن في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ويقدمون لهم دعمًا فنيًا مهمًا. وهناك أيضًا مزاعم ببيع أسلحة روسية صغيرة بقيمة عشرة ملايين دولار للحوثيين، ومزاعم موثوقة بأن موسكو زودت الجماعة ببيانات استهداف لعملياتها البحرية، وتدرس بيعها صواريخ متطورة مضادة للسفن.
إن توسيع العلاقات بين الحوثيين وبكين قد يسمح لهم بإعادة بناء أنفسهم. على سبيل المثال، تزعم مصادر استخباراتية أمريكية أن الصين تُزود المتمردين الحوثيين بمكونات ومعدات توجيه متطورة لأسلحتهم مقابل منح السفن التي ترفع العلم الصيني العاملة في البحر الأحمر حصانة.
ونظرًا لقدرة الحوثيين الواضحة على الصمود، يتطلب هذا توسيع اتفاقيات تبادل المعلومات الاستخباراتية مع حلفائهم الإقليميين، ونشر تقنيات مراقبة متطورة لتتبع شحنات الأسلحة غير المشروعة، والتعاون الوثيق مع شركاء الخليج لتعزيز الأمن البحري.
يجب على واشنطن أيضًا إعطاء الأولوية لتعزيز الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والمعروفة أيضًا باسم المجلس الرئاسي ، عسكريًا ومن خلال مشاريع من شأنها تحسين حوكمتها واستقرارها الاقتصادي.
يمكن أن تشمل هذه الجهود تأمين شراكات لتنشيط إنتاج وتوزيع النفط والغاز في اليمن، بالإضافة إلى الخبرة الفنية لتحسين الإدارة المالية للمجلس ومساءلة القطاع العام. هذا، إلى جانب التدريب الأمني للقوات التابعة للمجلس، مثل خفر السواحل اليمني، من شأنه أن يساعد المجلس على إنشاء بديل موثوق لحكم الحوثيين، مع تعزيز هياكل الحكم المحلي والتحالفات القبلية التي يمكن أن تقوض قاعدة دعم الحوثيين من الداخل.
واختتم التقرير بالقول إنه "في حين أن العمل العسكري قد يُضعف المتمردين الحوثيين على المدى القصير، إلا أن إضعاف الجماعة فعليًا والقضاء عليها في نهاية المطاف يتطلب من المجلس الرئاسي أن يحكم بفعالية، وأن يستعيد شرعيته، وأن يقدم بديلًا عمليًا لليمنيين الخاضعين حاليًا لسيطرة الحوثيين. يجب على إدارة ترامب أن تضع هذه الغايات في اعتبارها عند صياغة استراتيجيتها تجاه الحوثيين".
* ترجمة: يمن شباب نت