معهد أمريكي: كيانات جيبوتية تقدم مساعدات مالية للحوثيين
شكك معهد أمريكي من حياد جيبوتي في أزمة البحر الأحمر، وكشف عن مساعدات تصل الحوثيين من كيانات في جيبوتي، وقال المعهد الأمريكي "أن جيبوتي أصبحت لاعباً مهماً في التجارة في منطقة القرن الأفريقي لكنها تعمل أيضًا كقناة للنفوذ الصيني".
ووفق معهد الشرق الأوسط الأمريكي (MEI)، "جيبوتي ارتبطت بجهات فاعلة خبيثة مثل إيران والحوثيين، وواجهت مزاعم بالتورط في أنشطة مختلفة في السوق السوداء، بما في ذلك غسل الأموال والتمويل غير المشروع وتهريب النفط والاتجار بالأسلحة".
وأشار، بأن المساعدة المادية التي تقدمها الكيانات الموجودة في جيبوتي للحوثيين تقوض حيادها المزعوم وجهودها الظاهرية لتعزيز السلام، معتبرا "أن جيبوتي تتهرب من التدقيق، رغم علاقاتها بالصين وإيران والحوثيين وارتباطاتها بالأنشطة غير المشروعة".
وتابع "يشمل ذلك شركة جيبوتية شحنت 40 ألف صاعق كهربائي في أغسطس 2020، والتي تم اكتشاف بيعها لاحقًا في السوق السوداء في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وفي مارس 2021، ألقت الحكومة اليمنية القبض على نفس الكيان الجيبوتي أثناء نقل 225 طنًا من المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع المتفجرات والصواريخ.
وفي 16 يونيو 2024، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، أن المتمردين الحوثيين أنشأوا طريقًا جديدًا عبر جيبوتي، باستخدام السفن المدنية لنقل الأسلحة من الموانئ الإيرانية. وبحسب المعهد الأمريكي "كل هذا يثير المخاوف بشأن استحواذ جيبوتي مؤخرًا على طائرتين للمراقبة الاستخباراتية العسكرية، والتي من المفترض أنها مخصصة لأغراض أمن الحدود".
شكوك حول حياد جيبوتي
واعتبر المعهد الأميركي، أن هذه الإجراءات تثير شكوكاً كبيرة حول حياد جيبوتي كشريك، مما يثير التساؤل حول سبب عدم انتقاد حلف شمال الأطلسي لها لفشلها في وقف تهريب الأسلحة الإيرانية المزعوم، وتمويل الإرهاب، وغسيل الأموال، على غرار الموقف الذي تبناه تجاه دول مثل بيلاروسيا وإيران وكوريا الشمالية في إعلان قمة حلف شمال الأطلسي الأخيرة.
وقال بأنه لم يتم التدقيق عن كثب في حياد جيبوتي المزعوم ودعوتها للسلام، داعياً إلى إلقاء نظرة جديدة في ذلك من أجل استقرار المنطقة وأمن المياه الدولية.
وعلاوة على ذلك، رفضت حكومة جيبوتي إدانة الهجمات الحوثية على حركة الملاحة البحرية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وسمحت لسفن التجسس الإيرانية بالرسو في القاعدة العسكرية الصينية، وهو ما قد يوفر معلومات استخباراتية حاسمة للحوثيين أثناء تنفيذهم للهجمات على الشحن.
وقد ذهب وزير خارجية جيبوتي محمد علي يوسف إلى حد إعلان دعمه للحوثيين وهم ينفذون هجمات على حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وباب المندب، مبرراً ذلك بأنه "إغاثة مشروعة للفلسطينيين" وسط الحرب المدمرة في غزة. ومع ذلك، كان موقفه محيراً نظراً لأن إغلاق باب المندب من شأنه أن يشل اقتصاد جيبوتي واقتصادات الدول الأفريقية الأخرى، حتى مع سعيه إلى انتخابه رئيساً للاتحاد الأفريقي.
ووفقاً لمقابلة مع رئيس موانئ جيبوتي والمنطقة الحرة، أبو بكر عمر هادي، أجرتها بلومبرغ، فقد استفادت جيبوتي من الفوضى في جنوب البحر الأحمر. وقال: "نحن نستفيد من سوء حظ الآخرين"، مما يقوض التصور بأن جيبوتي كانت ضحية غير مباشرة لهجمات الحوثيين على التجارة البحرية.
وشدد المعهد الأميركي على أن ما وصفه باستغلال الحوثيين لأزمة البحر الأحمر لتحقيق مكاسب مالية باستخدام باب المندب كبوابة فدية ينتهك مبادئ التجارة العادلة بموجب منظمة التجارة العالمية ويقوض آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن المصممة لمراقبة وتفتيش الشحنات التجارية المتجهة إلى موانئ اليمن على البحر الأحمر.
في أبريل 2024، ارتفعت صادرات الصين إلى الحوثيين إلى أكثر من 1900 حاوية، بزيادة 427٪ مقارنة بما كانت عليه في أكتوبر 2023.
الحوثيين والصين
لقد منح الحوثيون الصين ممرًا آمنًا شاملاً لشحناتها، مما ساهم في ارتفاع حركة الشحن في جيبوتي. وتعامل الميناء مع كميات هائلة من الحاويات المنقولة من موانئ البحر الأحمر إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، في الحديدة غربي اليمن، ويتم ذلك باستخدام سفن مملوكة ومدارة من قبل جيبوتي.
قبل أزمة البحر الأحمر، كان حجم التجارة بين الصين والحوثيين ضئيلًا للغاية، حيث كان يتم استيراد أقل من 365 وحدة معادلة لعشرين قدمًا شهريًا من الصين. ومع ذلك، في أبريل 2024، حدث تحول ملحوظ حيث ارتفعت صادرات الصين إلى الحوثيين إلى أكثر من 1900 حاوية، بزيادة 427٪ منذ أكتوبر 2023.ويشير هذا إلى أن "الأعمال التجارية الجيدة" في جيبوتي ربما كانت مبنية على سوء حظ الآخرين.
لفترة طويلة للغاية، كانت جيبوتي تعمل كممر لجهات فاعلة مثل الصين وإيران بينما يتم حمايتها من قبل الولايات المتحدة ودول الخليج بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي المهم.
وبحسب المعهد الأمريكي "لكن القلق الأكبر يكمن في روابطها مع الحوثيين، الذين يمثلون تهديدًا ليس فقط للتجارة البحرية العالمية ولكن أيضًا للكابلات البحرية الحيوية التي تحمل بيانات الإنترنت الحيوية وتريليونات الدولارات في المعاملات المالية اليومية".
العقوبات على الحوثيين وآلية التفتيش
ورأى المعهد الأمريكي، بأن هناك، حاجة إلى إصلاحات جادة واضحة؛ بحيث تصبح جيبوتي شريكًا يمكن الاعتماد عليه في منطقة القرن الأفريقي، وتحمل مسؤولية تجاه تفاقم الفوضى والصراع وعدم الاستقرار في البحر الأحمر وخليج عدن. وقدم توصياته كالتالي-
أولا، ينبغي إصلاح العقوبات المفروضة على الحوثيين في اليمن وإنفاذها من خلال التحقيق في سفن جيبوتي ومراقبتها؛ وخطوط الشحن الدولية مثل CMGA وMaersk وPIL؛ وخطوط الشحن الصينية؛ والدول التي ترفع أعلام كاذبة، والتي سهلت تسليم السلع التجارية إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون منذ عام 2023.
ثانيًا، يجب إصلاح آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش بشكل كامل. على الرغم من تعليقها منذ فبراير 2023 بسبب زيادة الشحنات المحظورة التي تصل إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، إلا أنها كانت غير ذات صلة قبل ذلك بكثير بسبب قيود التمويل والقدرات البشرية.
وقد ثبت عدم فعاليتها حيث يمكن لأي جهة حكومية تحمل شحنات محظورة متجهة إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون أن تتجنب عمدًا طلب تفتيش آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش لتجنب العقوبات.
في مثال واضح على ذلك، في 30 يونيو 2024، حصلت سفينة تحمل العلم الروسي تحمل حبوبًا من المحطة الخاضعة للعقوبات في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا على تصريح من مفتش الأمم المتحدة في جيبوتي للتوجه إلى ميناء الصليف الذي يسيطر عليه الحوثيون.
ورأى المعهد الأمريكي أنه "يجب إصلاح آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش بشكل كامل وإدخال نظام متقدم لفحص البضائع آليًا، ولكن أولاً وقبل كل شيء يجب نقله من جيبوتي إلى المملكة العربية السعودية أو منطقة خاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية".
كما شدد على ضرورة أن تعمل جيبوتي على معالجة هذه القضايا بشكل عاجل لصالح الاستقرار الإقليمي، حيث تحتاج البلاد إلى القيام بجهود إصلاحية جادة لإصلاح نموذجها الاقتصادي، وتعزيز عقوباتها وإنفاذها، ودعم الرقابة المالية، وتعزيز التعاون والتنسيق مع الدول المجاورة.