وكالة: السعودية تخشى الحرب مع الحوثي وتهدد الحكومة بتقليص الدعم
ذكرت وكالة بلومبيرج الأميركية، أن المملكة العربية السعودية تشعر بقلق متزايد بشأن الوضع في اليمن المجاور، حيث صعد المسلحون الحوثيون المدعومون من إيران أعمالهم العدائية مع إسرائيل وهددوا بمهاجمة المملكة الغنية بالنفط بسبب مزاعم بأنها تشن حربًا اقتصادية ضدهم.
وتخشى الرياض الانجرار إلى صراع مباشر جديد مع الحوثيين، بحسب ما نقله تقرير للوكالة عن عدة أشخاص مطلعين على استراتيجية الحكومة السعودية، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الأمر.
ووفقا للتقرير، فقد ارتفعت التوترات في الأيام الأخيرة بعد أن قتلت طائرة بدون طيار تابعة للحوثيين رجلاً في تل أبيب في 19 يوليو/تموز، وهو ما ردت عليه إسرائيل بشن غارات جوية على ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون في اليوم التالي.
وفي الوقت نفسه تقريبًا، زعم زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي أن المملكة العربية السعودية تتواطأ مع إسرائيل والولايات المتحدة للحد من هجمات الجماعة على الشحن في البحر الأحمر، والتي بدأت في أواخر العام الماضي.
وهدد بإلحاق "خسائر مروعة" بالمملكة وإفشال رؤية 2030، خطة التحول الاقتصادي والاجتماعي التي تبلغ قيمتها عدة تريليونات من الدولارات لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وهاجم الحوثيون المملكة العربية السعودية بانتظام خلال حربهم - بما في ذلك منشآتها النفطية - قبل الهدنة الهشة في عام 2022. ومن المرجح أن يؤدي أي استئناف لتلك الهجمات إلى ارتفاع أسعار النفط الخام.
وبعد دعم حملة المملكة العربية السعودية في البداية، مارست الولايات المتحدة ضغوطًا هائلة على المملكة والإمارات العربية المتحدة لإنهاء الصراع وبدء محادثات السلام مع تفاقم الأزمة الإنسانية.
ونفت وزارة الدفاع السعودية أي علاقة لها بالضربات الإسرائيلية على الحديدة، فيما دعت وزارة الخارجية "جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس".
ويعكس هذا الموقف تحولاً كبيراً في السياسة الخارجية لولي العهد في السنوات الأخيرة. فبعد أن اتخذ في البداية موقفاً عدوانياً ضد إيران ووكلائها الإقليميين، نجح العام الماضي في تحقيق انفراجة مع طهران ووقع اتفاقاً مع الحوثيين حيث أعطى الأولوية للتنمية الاقتصادية وجذب المستثمرين والسياح الأجانب.
وقالت ندوى الدوسري، الخبيرة في الشؤون اليمنية والمقيمة في واشنطن والمستشارة لعدة حكومات غربية، إن جدوى هذه الاستراتيجية على المدى الطويل مشكوك فيها، حيث ينظر الحوثيون إلى أنفسهم بشكل متزايد كقوة إقليمية تريد التفوق على المملكة العربية السعودية وتكثيف المقاومة لإسرائيل والولايات المتحدة.
وأضافت إن "الأيديولوجية هي التي تحرك الحوثيين، الذين تم التقليل من شأنهم من قبل الكثير من الناس".
وقال خمسة أشخاص على دراية مباشرة بهذه المناقشات إن المسؤولين السعوديين حاولوا تهدئة الموقف من خلال حث الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ومحافظ البنك المركزي على إعادة النظر في الإجراءات المالية المصممة لإضعاف الحوثيين.
وقال الأشخاص إن الرياض قالت إنها قد تقلل من الدعم الاقتصادي والعسكري للحكومة اليمنية إذا تم تنفيذ التحركات ضد الحوثيين وأنها ستواجه بمفردها صراعا جديدا محتملا.
وأكد السعوديون في المقابل للحوثيين أنهم يفعلون كل ما في وسعهم لوقف تنفيذ الإجراءات، بحسب شخصين مطلعين على الأمر.
وقالت الأمم المتحدة هذا الأسبوع إن الأطراف اليمنية توصلت إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى إلغاء القيود المالية المفروضة على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، والتي تضم ما يقرب من 20 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية الدولية والتحويلات المالية من الخارج.
وأقر البيان بـ"الدور المهم للمملكة العربية السعودية في التوصل إلى هذا الاتفاق".
ولم يستجب مسؤول بوزارة الخارجية السعودية لطلبات التعليق.
وكانت السعودية والولايات المتحدة قد دعمتا في السابق إجراءات البنك المركزي للضغط على الحوثيين، معتقدتين أنها ستساعد في إنهاء الأعمال العدائية البحرية وبدء محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة لحل الصراع في اليمن، حسبما ذكرت بلومبرج نيوز في أوائل يونيو.
وفشلت أشهر من الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد أهداف الحوثيين منذ يناير في إنهاء الهجمات في البحر الأحمر.
ولكن في الأسابيع الأخيرة، صعّد الحوثيون حملتهم البحرية إلى مستويات لم نشهدها منذ ديسمبر/كانون الأول. فقد نشروا لقطات لمواقع خططوا لاستهدافها في المملكة العربية السعودية، ثم شنوا الهجوم على تل أبيب.
ولم يتضح بعد الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في إبطال هذه الخطط. فقد رفضت وزارة الخارجية التعليق، في حين لم تستجب وزارة الخزانة لطلب التعليق.
وقالت فاطمة أبو الأسرار، الباحثة في معهد الشرق الأوسط، إن المملكة العربية السعودية تواجه خيارات صعبة في ضوء "القفزة الكبيرة" في قدرات الحوثيين منذ عام 2015 - كما يتضح من إرسال طائرة بدون طيار على بعد حوالي 2000 كيلومتر (1242 ميلاً) من اليمن إلى قلب تل أبيب. وأضافت أن الاستمرار في تقديم التنازلات من شأنه أن يشجعهم.
وقال برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون، إن السعوديين يشعرون بالقلق من احتمال اندلاع مواجهة جديدة مع الحوثيين وإيران.
وأضاف أن "السعوديين استوعبوا الدرس وأدركوا أن الأميركيين قد يكونون هنا اليوم ويرحلون غدا، لكن إيران والحوثيين موجودون هنا اليوم ولن يرحلوا غدا".