مخاوف من انهيار الدولة عبر بوابة الانتقالي الذي استخدم اتفاق الرياض غطاء لشرعنة وضعه السياسي
برزت بشكل كبير خلال الفترة القصيرة الماضية مخاوف جمّة من احتمالية انهيار الدولة في اليمن جراء الأوضاع العصيبة التي تعيشها الحكومة الشرعية، التي كلما خرجت من أزمة عصفت بها موجات عاتية من الأزمات المتلاحقة، والتي تشكل تهديداً حقيقياً لاستمراريتها في ظل هذا الوضع الحكومي الرخو وغير المتماسك منذ بداية الحرب الراهنة في اليمن.
إسقاط الحكومة الشرعية
كانت البدايات في الحرب اليمنية نهاية العام 2014 مُنصبّة حول مقارعة ميليشيا جماعة الحوثي في الشمال، واليوم أصبحت تتقاذف اليمن ميليشيات أخرى في الجنوب تابعة للمجلس الانتقالي ومدعومة وممولة بشكل سخي من الإمارات العربية المتحدة، وكلاهما يوحدهما الهدف العام وهو إسقاط الحكومة الشرعية، وربما يتخادم كل منهما ضد الحكومة الشرعية لتحقيق هذا الهدف، من أجل سيطرة كل منهما على ما سيطرت عليه من الأرض خلال الفترة الماضية.
الفارق بين الميليشيا الحوثية والميليشيا الانفصالية في الجنوب أن العداء الحكومي مع الأولى واضح ويقف كل منهما في الجبهة المقابلة في خنادق الاقتتال، بينما العداء مع الثانية مشوب بالضبابية مع رعاية دول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات للمجلس الانتقالي الجنوبي وتسهيل مهامه العسكرية والسياسية للسيطرة على المحافظات الجنوبية الواحدة تلو الأخرى.
وأبرز هذه التسهيلات دعم دولة الإمارات تشكيل وحدات عسكرية للانتقالي الجنوبي ودعمه في السيطرة على محافظات عدن وسقطرى وغيره، والضغط على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي للموافقة على توقيع اتفاق الرياض وإشراك الانتقالي الجنوبي في الحكومة بمبرر إدماجه في الحكومة الشرعية مقابل انسحاب ميليشياته من عدن، لكن السعودية راعية الاتفاق سهّلت للمجلس الانتقالي المشاركة في الحكومة اليمنية الجديدة، في حين لم يلتزم بتنفيذ البنود الرئيسية المهمة لاتفاق الرياض، وهي المتعلقة بالجانب العسكري وانسحاب ميليشيا المجلس الانتقالي من عدن وأبين.
كل المؤشرات تقول إن مشاركة المجلس الانتقالي في الحكومة لم يكن سوى شرعنة وضعه الانقلابي الجديد على الحكومة في الجنوب، والذي بدأت خطواته العملية تبرز إلى السطح تدريجياً مع مرور الأيام، والذي أصبح يستخدم الحكومة الشرعية وسيلة لتحقيق أهدافه في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرته، تهرباً من الأعباء المالية والإدارية والخروج من المأزق في حال تحمل المسؤولية بمفرده لإدارة المحافظات الواقعة تحت سيطرته، وأضحت الحكومة التي عادت مؤخراً إلى عدن تحت رحمة الميليشيا الانفصالية، تدير سياستها وتحركاتها وفقاً لمزاجها.
هذا الوضع بدأ يخرج عن السيطرة، وبدأت بعض الأصوات في السلطة والمعارضة تتعالى وتتذمر من هذا الوضع في الجنوب، الذي يهدف بشكل واضح إلى الانقضاض على كيان الدولة.
لا بديل عن الدولة
إلى ذلك، قالت قيادة اللواء الرابع حماية رئاسية، في تغريدة لها عبر حساب اللواء في موقع (تويتر) أمس: "لم يتم تنفيذ أي بند من بنود اتفاق الرياض المتعلقة بالجانب العسكري من قِبل مليشيا الانتقالي، ومع ذلك لا نرى أي ردة فعل من قِبل رعاة الاتفاق". وذيلت التغريدة بوسم (#لابديل_عن_الدولة).
وقال المستشار الإعلامي في مكتب رئاسة الجمهورية، مختار الرحبي، إن "بقاء شلال شائع (مدير أمن محافظة عدن المُقال) في عدن يهدد بنسف اتفاق الرياض، حيث يعتبر من الشخصيات التى شملهم اتفاق الرياض، وتم الاتفاق على بقاء شلال وعيدروس وهاني بن بريك ومجموعة أخرى من القيادات خارج عدن. وإن استمرار بقاء شلال يشكل خطراً كبيراً على اتفاق الرياض في ظل معلومات أنه أنشأ مليشيات جديدة في عدن".
وذكر الكاتب السياسي عبد الناصر المودع، في تغريدة له، أنه "لو كان قادة الانفصال لديهم كرامة أو مبادئ أو قضية لما قبلوا بأن يكونوا سفراء ووزراء ومحافظين تابعين للجمهورية اليمنية التي يسمونها بدولة احتلال، ولا قبلوا كذلك بأن يؤدوا اليمين الدستورية تحت علمها. وأوضح: "لأنهم مجرد وصوليين تافهين، استخدموا موضوع الانفصال لابتزاز الداخل والارتزاق من الخارج.
وقال القيادي البارز في المجلس الانتقالي الجنوبي، فضل الجعدي: "سيكون من الصعب تنفيذ أي قرارات ليست محل توافق، انطلاقاً من الحرص على تنفيذ ما جاء في اتفاق الرياض ومنع إجهاضه والالتفاف عليه، كون المعركة الحقيقية ضد مليشيات الحوثي تتجسد بالقوى التي جمعها اتفاق الرياض في بوتقة المواجهة، كجدار صلب لإحراز الانتصار".
إلى ذلك، قال القيادي السابق في المقاومة الجنوبية عادل الحسني: "أخرجت جماعة الحوثي يوم أمس، هذه الحشود على الأرض، وقابلتها الشرعية بهاشتاغ #الحوثي_جماعة_إرهابية". وأوضح أن "قانون البقاء للأقوى والأذكى تلعبه جماعة الحوثي، بينما تكمن مشكلة الشرعية في اختيارها لحلفائها ووضع كل بيضها في سلة واحدة" في إشارة إلى التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات. وأوضح أن "الشعب يتطلع لقيام الدولة اليمنية ذات السيادة الكاملة".