ناشطون في تعز لخدمة الحوثي بالمجان.. الدوافع والأهداف


فجر الحادي والعشرين من مارس / آذار 2015 كانت جماعة الحوثي المسلحة تجتاح مدينة تعز (جنوب غربي اليمن) بأرتال عسكرية ومسلحين متمردين، بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء في العام نفسه، عقب إنقلاب عسكري على الحكومة اليمنية والرئيس هادي.



منذ ذلك الحين شنت المليشيا المدرجة مؤخراً في قوائم الجماعات المثيرة للقلق أمريكياً حرب إبادة بحق سكان المدينة، بعد أن حاصرت كل مداخلها، وقصفتها بالصورايخ والدبابات.


وامام كل تلك الجرائم كان الموقف الدولي  يأتي باهتاً، ويغيب أمام الكثير من الإنتهاكات بسبب اعتماد الجانب الدولي ومنظماته على تقارير حقوقية مزيفة وآراء ناشطين من داخل المدينة عمدوا مع كل جريمة حوثية الى تزييف الحقائق بحسب مراقبين، الأمر الذي ساهم في ضياع حقوق الضحايا ومنح الحوثيين فُرصاً بلا عدد لمواصلة جرائمهم.



في هذا التقرير حاول محرر موقع «تعز بوست »، الوقوف على هذه الظاهرة، ودراسة ابعادها القانونية، وتأثير مثل هذا التناول مستقبلاً على حقوق أهالي الضحايا.



هوس غير مبرر


السادسة والنصف صباحاً من يوم السبت 12 ديسمبر 2020 كانت مدينة تعز على موعد مع جريمة تضاف لسجل جرائم الحوثيين، تمثلت بقصف ملعب النادي الأهلي والأحياء المحيطة به بقذائف الهاوزر، الأمر الذي أدى الى مقتل اللاعب والكابتن ناصر قاسم الريمي، وابنه عمران الذي لم يتجاوز 7 سنوات، وإصابة طفلين آخرين. 



لم يكن الأمر بالنسبة كذلك للناشطة أروى الشميري، التي تابع محرر التقرير منشور في صفحتها على موقع فيس بوك قالت فيه "أن القصف الحوثي جاء رداً على قصف آليات الجيش الحكومي في جبل جرة لمناطق الحوثي" ، ما جعل الأمر يبدو في نظر البعض بمثابة تبرير واضح للجريمة، واستهتار بدماء الضحايا واهاليهم.



الناشط فارس جرمل، في سياق رده على منشور الناشطة الشميري، كتب قائلاً "رحم الله الشهداء وقاتل الله المضللين والمضللات، حَمَلت الجيش الوطني المسؤلية واعتبرت جريمة الحوثي ردة فعل، وهذا عملها وعمل غيرها منذ 2012م" 



الحوثي جلاد أم ضحية؟! 


ظاهرة تبرير جرائم الحوثي، او مقارنتها بوقائع أخرى أخذت أشكال عدة، ولم تتوقف على ناشطة بعينها او عدد من النشطاء، بل أخذت قالباً حقوقياً في بعض الحالات، وهذا ما رصده الموقع في حادثة إستهداف قوات الحوثي المتمركزة في أطراف مدينة تعز لسجن النساء في مارس من العام 2020م


ست نزيلات من النساء قتُلن بقذيفة حوثية على السجن المركزي عصر الخامس من مارس 2015، ورصد الموقع بالتزامن مع ذلك عينةً من تناولات لناشطين محسوبين على الوسط الحقوقي، يعمل بعضهم مع منظمات محلية وخارجية، والتي كانت على النحو التالي. 


الناشطة الحقوقية ألفت الدبعي ، علقت حينها بمنشور رصده الموقع قائلة "أن الرد على قذائف الحوثيين لسجن النساء في تعز بقذائف من قبل الجيش تستهدف المدنيين في الحوبان هو ايضاً جريمة اخرى ينبغي ادانتها" 



في حين علق الناشط الحقوقي أكرم الشوافي على الجريمة بالقول" قتل السجينات انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب مشتركة يجب ادانة الطرفين فيها. 


وعقب مثل هذه التناولات رصد الموقع ايضاً ردود الفعل الدولية، ومنها لجنة الصليب الأحمر الدولي، التي أدانت الجريمة دون تحديد الحوثي كطرف رئيس للجريمة. 



منظمات عالمية تقع في الفخ


في شهر مارس من العام 2018، اصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً حمل عنوان "يجب على سلطات تعز معالجة حالات اغتصاب الأطفال والإعتداء عليهم في ظل حكم المليشيات"، وبعد صدور التقرير تبين أن المنظمة إستندت على تقارير غير واقعية تضمنت آراء ناشطين، بغرض حرف البوصلة عن انتهاكات الحوثي، وتشويه صورة الجيش الوطني، بحسب رد الجهات الرسمية آنذاك.



واثناء مراجعة قسم التحري في موقع تعز بوست، لسجل التقارير الدولية الصادرة بشأن تعز، وجدنا ان بعضها إعتمدت على رصد لمنظمات تعمل لخدمة الحوثي، مثل منظمة مواطنة، والتي ترأسها الناشطة رضية المتوكل، إضافة الى إعتماد بعض وسائل الإعلام والمنظمات الدولية تصريحات لناشطين سُجلت شبهات على نشاطهم الحقوقي كما في حالة الناشط عبدالستار الشميري، الذي يرأس تكتل "توق".



الناشطة في مجال حقوق الإنسان خديجة عبدالملك علقت على تناولات البعض التي تتناغم مع الطرف الحوثي بتوجيه اللوم لقيادة الجيش الحكومي في تعز وقيادة المحور، و التوجيه المعنوي لسكوتهم عن مثل هذه التناولات التي تبيض صفحة الحوثي وتبرأة من جرائم قتل المدنيين في تعز. 



الجانب القانوني


المحامي عمر الحميري يرى أن الظاهرة تمثل سلوك لا يمكن تبريره أخلاقيا ومهنياً، مضيفاً ان المسئولية القانونية تتطلب البحث حول القصد من وراء هذا السلوك

لانه قد يمثل جريمة تقديم مساعدة لاحقة للجريمة، وتضليل العدالة.



وأضاف الحميري في تصريح لتعز بوست، أن الأمر يحتاج لدراسة كونه يتعلق بالنوايا والهدف، ويمكن اعتباره سلوك غير مبرر، خاصة عند صدوره من ضحايا محتملين في مدينة تتعرض للقصف اليومي ويسقط فيها ضحايا مدنيين بشكل مستمر.



موقف الجيش واهالي الضحايا


عن إشراك الجيش واتهامه في جرائم قتل المدنيين من قبل بعض الناشطين، توجهنا بالسؤال لمصدر عسكري  في محور تعز ، والذي رد بالقول"ان مثل هذا النهج الذي يسلكه بعض الناشطين جريمة اخرى بحق الشهداء والجرحى"، واضاف "قدمنا عدة ملفات للجهات المختصة لملاحقة هؤلاء قضائياً كونهم ينشطون في خدمة مشروع معادي للأمن والسلم المجتمعي" 




على الطرف الآخر يرى حقوقيون أن اهالي الضحايا الذي سقطوا بنيران الحوثي بإمكانهم مقاضاة كل من يثبت انخراطة في تمييع قضايا القتل الذي طال اهاليهم، عبر محاولة تبرأة الحوثي وإخراجه من دائرة المسئولية واستفزاز الآف الأسر.



لكن السؤال الأصعب ربما بالنسبة للبعض، يتعلق بالجانب الأخلاقي، وكيفية إستمراء البعض للعمل في خدمة المشروع الحوثي الذي قتل الآف من ابناء مدينتهم ودمر احيائها وهجر ساكنيها وحولها الى مدينة منكوبة.