سوء التغذية في اليمن.. شبح جديد يهدد حياة الأطفال

بين رجل يحمل طفلا هزيلا تجاوز العاشرة من عمره لا يقوى على الوقوف، وسيدة تحمل فتاة شديدة النحافة تجاوزت الثانية عشرة من عمرها ويكاد عظمها يتجاوز جلدها، يتلخص المشهد للوهلة الأولى في أحد مستشفيات العاصمة اليمنية صنعاء.


هذا الرجل وتلك السيدة مثلهما العشرات ويزيد، وطفليهما مثلهما مئات الآلاف، في بلد يئن تحت وطأة حرب دائرة منذ 6 سنوات قضت على الأخضر واليابس، وبددت آمال ملايين الأطفال في مستقبل واعد.


تلك المشاهد، يمكنك معايشتها هنا في "مستشفى السبعين" بالعاصمة صنعاء، وهو المستشفى الأول المتخصص في علاج سوء التغذية، إذ يتوافد عشرات الأطفال يوميا إلى قسم التغذية، آملين في الحصول على علاجات ورعاية طبية قد تنقذهم من شبح الموت الذي يترصدهم ليل نهار.


يحيى علي إبراهيم، والد الطفل شادي (10 سنوات) الذي يعاني سوء تغذية حاد، إضافة لضمور في الدماغ، يقول للأناضول: "الظروف صعبة جدا، وأنا والله لا أستطيع حتى شراء العلاجات؛ لأني الآن مديون بأكثر من 150,000 ريال (250 دولار)".


وأضاف: "كنت أعمل، ومع الحرب توقف العمل واضطررت للنزوح".


وتشير الأرقام الجديدة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الواردة في التقرير الأخير لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" وصندوق الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية وشركاءهم، إلى وجود ارتفاع في معدلات سوء التغذية الحاد والحاد الوخيم بمقدار 22 بالمئة بين أطفال اليمن لعام 2020.


كما تعتبر هذه الأرقام من بين أعلى معدلات سوء التغذية الحاد الوخيم المسجلة في اليمن منذ تصاعد النزاع عام 2015.


ولا تزال المخاوف تتزايد بشأن الأزمة الإنسانية المستمرة والأضرار الفادحة التي تلحق بالأطفال بمن فيهم الذين يعانون سوء التغذية الحاد في اليمن الذي يخوض حربا منذ أكثر من ست السنوات.


كما حذرت أربع وكالات تابعة للأمم المتحدة الشهر الماضي من أنه من المتوقع أن يعاني ما يقرب من 2.3 مليون طفل دون الخامسة في اليمن من سوء التغذية الحاد عام 2021.


ومن المتوقع أن يعاني 100 ألف طفل منهم من سوء التغذية الحاد الوخيم مع إمكانية تعرضهم للوفاة في حال عدم حصولهم على العلاج بصورة عاجلة.


ويتسبب سوء التغذية بالضرر لنمو الطفل البدني والعقلي خاصة خلال أول عامين من حياته، حيث تكون هذه الأضرار دائمة في أغلب الأحيان، وتؤدي لحالات مستديمة من الفقر وعدم تكافؤ الفرص.


ويشهد اليمن حربا منذ أكثر من ست سنوات، أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.


وللنزاع امتدادات إقليمية، فمنذ 2015، ينفذ تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية في اليمن دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ 2014.