أفغانستان.. الفقر يجبر عائلات على بيع بناتها

في أفغانستان، حيث ازداد الفقر والبؤس بعد وصول طالبان إلى السلطة، وجدت عائلات من سكان ولاية هرات (غرب) نفسها بين مطرقة الدقيق الجاف وسندان الموت جوعًا.


أدى وصول طالبان إلى السلطة وقطع المساعدات الدولية بسبب خروج قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) بقيادة الولايات المتحدة من البلاد إلى تعميق أزمات الجوع والبؤس في البلاد.


ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يعاني نصف سكان البلاد من صعوبة في تأمين الاحتياجات الأساسية من المواد الغذائية، فيما تضطر أعداد كبيرة من العائلات إلى بيع بناتها لتوفير كفاف يومها من الخبز في بلد وصلت معدلات الفقر فيه 97 بالمئة.


وفي 15 أغسطس/ آب الماضي، سيطرت "طالبان" على أفغانستان، بموازاة مرحلة أخيرة من انسحاب عسكري أمريكي اكتملت نهاية الشهر ذاته.


وفي منطقة "شهر سبز"، التي تبعد حوالي 20 كيلومترًا عن وسط مدينة هرات (مركز الولاية)، أُجبر آلاف الأشخاص على الهجرة من الولايات المجاورة بسبب الجفاف الذي تفاقم خلال الثلاثة أعوام الماضية والصراعات المسلحة بين طالبان والحكومة السابقة.


مير حمزة موسازي وعائلته، يكافحون من أجل البقاء في شهر شبز، وليس في حوزتهم ما يأكلونه سوى بضعة كيلوغرامات من الدقيق.


منزل شبه فارغ


مير حمزة موسازي مع زوجتيه و5 بنات و6 أولاد، يعيشون في منزل من غرفتين من الطين، لا يحتوي على مرحاض ومطبخ وكهرباء وماء وموقد.


يتعلم الأطفال القراءة والكتابة في مدارس الخيام التي أقامتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، ويعودون إلى منازل متهالكة ذات نوافذ مغطاة بالنايلون وسقف يقطر منه المطر، لذلك، يجد الأطفال أنفسهم مضطرين للنوم تحت ألحفة سميكة حتى لا تتجمد أطرافهم مع انخفاض درجات الحرارة في ساعات المساء.


مير حمزة موسازي الذي عمل في السابق مزارعًا، قال للأناضول إنه مريض ولا يستطيع العمل، وإن العائلة تعتمد على زوجتيه والبنات اللائي يعملن في تنظيف الصوف وصناعة الحبال.


وأشار أن قيمة الكيلوغرام الواحد من الغزل المصنوع من الصوف تعادل 50 أفغانيًا (حوالي 0.5 دولار)، وأن الحصول على كيلوغرام واحد من الغزل يتطلب عملًا لمدة 2-3 أيام.


باع ابنتيه بسبب الفقر


موسازي، الذي لديه 5 بنات من زوجته الأولى، قال إنه تزوج للمرة الثانية لينجب ولدا ذكرًا يساعده على كفاحه في الحياة، وأنه رزق من زوجته الثانية طفلان، بنت وصبي.


وأشار موسازي إنه باع ابنته البالغة من العمر 5 سنوات لشخص من قندهار مقابل ألف و500 دولار العام الماضي، وأن هذا الشخص اشترى ابنته ليزوجها لابنه، وأن تلك العائلة تعيش اليوم في باكستان.


وأوضح أن مئات الأشخاص مثله في المنطقة يرغبون في بيع بناتهم بسبب الفقر، مشيرًا أن العائلات التي تبيع بناتها لا تستطيع التواصل معهن إلا مرة واحدة في السنة.


وذكر موسازي أن زوجته تذرف الدموع كل يوم وتريد الذهاب إلى باكستان لرؤية ابنتها، وقال: لا يمكنني التحدث إلى ابنتي إلا مرة واحدة في السنة. ولا أمتلك الإمكانيات المالية للاتصال بها.


ولفت موسازي أنه قبل 3 أشهر باع ابنته البالغة من العمر 3 سنوات لعائلة من قندهار مقابل 50 ألف أفغاني (500 دولار)، وإن الفتاة ستؤخذ من المنزل عندما تبلغ السادسة من عمرها.


وقال: ليس لدينا حتى نقود لشراء حفنة طحين في الوقت الحالي. لقد بعت ابنتاي. لدي 4 أخريات ولا بد لي من بيعهن. نحن جائعون، ليس لدينا عمل ولا مصدر رزق يوفر لنا كفاف يومنا.


نقتات على الدقيق الجاف منذ أيام


كما أضاف موسازي "لا تستطيع الأسرة تذكر آخر مرة تناولوا فيها وجبة مناسبة. يمكننا شراء كمية صغيرة من الدقيق والبطاطس والشاي بمبلغ 100-200 أفغاني (حوالي 1-2 دولار) في الأسبوع. وهذا كل ما تكسبه زوجتاي وبناتي من أعمال الصوف والغزل.


وذكرت زوجته، عالم بيبي موسازي، إن العائلة لم توفق في بيع الغزل والصوف في الأيام الماضية، ما اضطرها لأكل خبز حاف لأيام.


وتابعت القول: بعت إحدى بناتي إلى باكستان. لا يمكنني التحدث إلى ابنتي أيضًا لأنني لا أمتلك رصيدًا للمكالمات الدولية. لا أعرف ما إذا كانت ابنتي على قيد الحياة أم لا. ليس لدينا ما نأكله أو نشربه. أبكي دائمًا لأنني يجب أن أبيع بناتي الأخريات.


الفتيات يُبعن في سن مبكرة


في العائلات الأفغانية التي تكافح من أجل البقاء، عادة ما يكون الأولاد الذكور قادرين على جلب مبلغ صغير من المال من خلال العمل في وظائف مثل تلميع الأحذية وجمع البلاستيك والورق من القمامة وغيرها من الأعمال التي توفر دخلًا قليلا جدًا.


ومع ذلك، فإن بعض العائلات تريد "التخلص" من بناتها لأنهن لا يمتلكن القدرة على المساهمة في دعم الأسرة مالياً. لهذا السبب، يعد بيع الفتيات الصغيرات للزواج أمرًا شائعًا في جميع أنحاء البلاد.


ويمكن للمشترين السماح للفتيات بالبقاء مع أسرهن حتى سن 11-12 عامًا. وعندما تصل الفتيات إلى هذا العمر، يجبرن على الزواج من المشترين أو أبنائهم.