جزاء سنمار".. المليشيا الحوثية وتصفية حلفائها ومعاونيها

تواصل المليشيا الحوثية الانقلابية الغدر بالمشائخ والوجهاء الذين تحالفوا معها ومهدوا لها التوسع في المناطق والمدن حتى دخول العاصمة صنعاء وباقي المحافظات الأخرى التي سيطرت عليها في بدايات انقلابها على الشرعية والإرادة الوطنية.


والجمعة الفائتة، أقدمت المليشيا الحوثية، على قتل الشيخ أبو نشطان وثلاثة من أولاده، عقب اقتحام منزلهم، رغم أنه قدم للحوثيين خدمات كثيرة، وتواطأ معهم وساندهم لاقتحام مديرية أرحب والعاصمة صنعاء، لكن ذلك لم يشفع له وكافأته المليشيا بالقتل والتصفية والإبادة.


مسيرة غدر 


وتأتي عملية تصفية الشيخ أبو نشطان، بعد نحو أسبوعين من تصفية الشيخ القبلي مصلح صالح الوروري ونجله وإصابة حفيده، ويُعد الوروري أحد أهم أذع الحوثي في عمران، ومن ساعد المليشيا في إسقاط المحافظة. 



ويتربع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، على رأس قائمة الحلفاء الذين غدرت بهم المليشيا الحوثية، والذي قدم للمليشيا مساعدات وتسهيلات ما كانت تتخيلها حتى، ولولاه لظلت تسكن كهوف صعدة، لكنه سلم لها سلاح الدولة ومعسكراتها وتحالف معها للانقلاب على السلطة الشرعية، لكن ذلك لم يشفع له، وأقدمت على قتله مطلع ديسمبر 2017.


غدرت المليشيا بعشرات المشائخ الذين ساعدوها في التمدد وإسقاط المدن، ولعّل محافظة عمران الأكثر عددًا في التصفيات التي نفذتها المليشيا الحوثية ضد حلفائها، فقد سبقت تصفية الشيخ الوروري بعمران، تصفيات حصدت رؤوس العشرات من القيادات الحوثية، بلغت ذروتها في يوليو 2019، 

حيث صفّت المليشيا كل من العميد محمد الشتوي أحد أبرز مشائخ سفيان، والقيادي مجاهد قشيرة الذي مثلت المليشيا بجثته وأحرقت منزله، القيادي خالد علي جعمان، الشيخ أحمد الليل، إضافة إلى تصفية الشيخ سلطان الوروري ونهب سيارته وسلاحه الشخصي، ورمي جثته على قارعة الطريق. 



صفّت المليشيا عشرات الشخصيات والمشائخ الآخرين في صنعاء وعمران وإب والبيضاء وغيرها، وتعددت أساليبها في تصفية خصومها ما بين القتل في المنزل ووالاغتيال خارجه، أو حتى من خلال الدفع بهم إلى خطوط التماس وتصفيتهم من الخلف، كما حدث مع الشيخ مجاهد عزيز الحيدري في البيضاء.



وبحسب مراقبين، فإن مليشيا الحوثي تصفّي حلفائها المؤقتين الذين تستخدمهم لخدمة مشروعها السلالي، وبمجرد أن تستغني عن خدمات وأدوار أي شخصية تعمل على تصفيته".

"سلوك متوارث" 

ويُعدّ التعامل الحوثي مع الحلفاء والمعاونين امتدادًا لسلوك أجداده الإماميين، حيث كانت القوات الإمامية التابعة لبيت حميد الدين تصفي حلفائها من المشائخ. 


فقد ذكرت الكتب التي أرخت حصار السبعين يومًا، أن قوات  المملكة المتوكلية(معسكر الإمامة) في خضم محاصرتها لصنعاء، لجأت لتصفية الشيخ ناجي الغادر الذي شارك في الحصار ضمن معسكر الإمامة، وذلك بعد أن فهم المساعي الإمامية لاستعادة زمام الحكم وحصرها في بيت حميد الدين من جديد، وإهمال المشائخ الموالين لها.




المليشيا الحوثية وحلفائها بتعز 



يعتقد مراقبون إن مليشيا الحوثي ترى في حلفائها والموالين لها أدوات محدودة الصلاحية، فتقتلهم عقب فترة وجيزة من توسعها، أو تتعمد إهانتهم وإذلالهم حتى تأتي اللحظة المناسبة وتلحقهم بمشائخ سابقين غدرت بهم .


ويرى مراقبون أن غدر الحوثيين بحلفائهم من المشائخ والشخصيات الاجتماعية في تعز، ما يزال قليلًا مقارنة بما فعلته ذات المليشيا بحلفائها في عمران وصنعاء وإب وغيرها. 


حيث يفسر المراقبون ذلك بسبب أن الحوثيين غير مسيطرين على كامل تعز، وأنهم ما يزالون يحتاجون الحلفاء والمشائخ في التحشيد  للحرب ضد الجيش الوطني وتعز. 


وأواخر مارس 2020, ارتفعت وتيرة الصراع بين قيادات حوثية من صعدة وصنعاء وعمران من جهة ومتحوثين من أبناء تعز من جهة أخرى, في مفرق الذكرة ومنطقة الستين شمالي تعز, أسفرت عن مقتل القياديين المتحوثين عبدالرزاق البحر وعدنان الجنيد، رغم مساعداتها للحوثيين في دخول تعز.


وعمدت المليشيا الحوثية إلى إهانة العشرات من الشخصيات الموالية لها التي ساعدتها على اقتحام تعز، ووسعت دائرة الإهانات حتى طالت الشخصيات التي عينتها في أعلى هرم السلطة كـ "عبده الجندي" الذي عُزل من منصب محافظ تعز مطلع أكتوبر 2018 بتهمة الفشل في التحشيد، وعُين "أمين البحر" بديلًا عنه، لكنه هو الآخر عزلته المليشيا بسبب خلافاته مع المدعو منصور اللكومي, مشرف الحوثيين (سابقا) في تعز، إضافة للشيخ محمد الحاج, الأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة (سابقا), الذي تعرض للإهانة من السلالة الحوثية, كما تعرض للاعتقال والضرب في محافظة إب, من قبل قيادي حوثي من بيت المتوكل.



"السلالة لا تقبل أحدًا" 


ويفسر مراقبون سياسة التصفية والإذلال التي تنتهجها السلالة الحوثية في تعاملها مع حلفائها بأنها "إثبات على أن مشروع المليشيا الحوثية خرافي إقصائي, لا يقبل بمن كان من خارج السلالة ولا تثق به ولو أنفق أغلى ما يملك لأجلها, ولا ترضى أن يشاركها أحد في الحكم". 


ويؤكدون أن المليشيا الحوثية ترى حلفائها من المشائخ والمتحوثيين العاديين، مجرد أحصنة طروادة وأدوات تستخدم كقفاز وبيدق, ثم ترمى في سلة النفايات بعد استخدامها.


وباستمرار، يوجه مراقبون ونشطاء دعوات لمشائخ المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في تعز وبقية المحافظات إلى الاتعاظ بما حصل لعشرات المشائخ الذين عاونوا المليشيا في عمران وصنعاء وإب وغيرها، من تصفية جسدية وسحل، وكان جزاؤهم جزاء سنمار.