تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.. هل يجعلهم أكثر مرونة مع السلام؟ (تقرير)
أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا قرارا بتصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية، لاقى ردود أفعال مختلفة، وتوقعات بأن تصبح الجماعة أكثر مرونة بالتعامل مع أي جهود تُبذل لإحلال السلام في اليمن التي ستدخل الحرب فيها عامها السابع بعد أقل من شهرين.
ومع انطلاق الاجتماع الخامس للجنة الإشرافية المعنية بمتابعة تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين في الأردن يوم أمس الأحد (24 يناير/كانون الأول)، بدا كما لو أن الجماعة أصبحت أكثر مرونة في التعامل مع مبادرات السلام، وراغبة بأن تظل في الواجهة، وغير مكترثة أيضا لطبيعة القرار الأمريكي وتبعاته.
في المقابل، استمرت بالتصعيد في بعض جبهات القتال داخل اليمن، وشنت هجمات على السعودية، آخرها كان يوم السبت (23 يناير/كانون الثاني)، لكن التحالف أكد اعتراضه للصاروخ الباليستي الذي أطلق نحو الرياض.
مقاومة قرار أمريكا
ترفض بشدة جماعة الحوثي قرار تصنيف أمريكا لها كمنظمة إرهابية، ولذلك فقد أطلقت حملات مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي رفضا له، آخرها تحت هاشتاغ (#DayofAction4Yemen).
كما قامت بالتحشيد الشعبي لمسيرات في عدة ساحات حددتها لأتباعها، للضغط وإعلان رفض القرار الأمريكي الذي صدر في آخر ساعات حكم الرئيس دونالد ترامب.
ويُعد الحوثيون آخر جماعة تتبع إيران يتم تصنيفها كمنظمة إرهابية، بسبب ممارساتهم في المنطقة، وزعزعتهم الأمن والاستقرار.
مرونة أكثر مع السلام
سبق أن أفشلت جماعة الحوثي مختلف جولات المفاوضات بشأن السلام والتي كانت تتم برعاية دولية وإقليمية، ولذلك فإن تحريك ملف التبادل بعد صدور القرار الأمريكي، يثير التساؤلات حول إمكانية أن يكون قد شكل عليها ضغطا.
ومن خلال ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد المهدي، أن جماعة الحوثي تعتبر التفاوض أو ممارسة أي ضغط عليها مرحلة من مراحل صراعها، وهو ما يقلل من أثر القرار عليها.
وأوضح لـ"الموقع بوست" أن الجماعة منطلقها فكري ويأتي في إطار عقيدة رسختها في أتباعها ولها امتدادها التاريخي، ولذلك فقرار التصنيف لن يؤثر عليها، بقدر ما يشكل ضغطا على تحركاتها على المستوى الدولي، وعلى المشروع الإيراني في المنطقة.
وفي حال أصبحت الجماعة شريكا في الحكم في اليمن، يتوقع المهدي أن تتنهي الحرب، لكنه أكد أن ما يريده الحوثيون أساسا يصطدم مع إرادة الشعب والمجتمع الدولي وكل المكونات في البلاد، لافتا إلى أن طبيعة الجماعة تتمدد مع الحروب وتستمر مع الصراعات.
وهو ما يتفق معه كذلك الإعلامي عبد الكريم الخياطي، الذي يستبعد أن يكون الحوثيون أكثر مرونة مع السلام بعد قرار تصنيفهم، وذلك بسبب اعتقاد الجماعة أنها تمكنت وسيطرت على معظم محافظات الشمال بسبب صلابة وتطرف مواقفها، موضحا أن المرونة يمكن أن نتوقعها من سلطة سياسية تعتقد أنها جزء من مكونات كثيرة قد تكون أكثرها نفوذا، لكنها تشعر بأن السياسة هي فن الممكن، والتنازل لبعض ورؤية المستقبل بطريقة أكثر واقعية.
تأثر القرار بإيران
ويواجه حتى الآن القرار الأمريكي بضغوط شديدة من قبل دول عدة ومنظمات، بحجة تفاقم الأوضاع الإنسانية في البلاد. ولذلك فقد بدأت إدارة الرئيس جو بايدن بدراسة التراجع عنه، بحسب وسائل إعلام أمريكية.
وفي صعيد ذلك، يتوقع الإعلامي الخياطي في تصريحه لـ"الموقع بوست" ألا يدوم القرار، بسبب اختلاف رؤية الديمقراطيين في أمريكا، لكون التصنيف يجعل الجماعة أكثر تطرفا، لافتا إلى أن الحوثيين يحكم قرارهم السياسي عاملين هما، قياداتها الذين يعتنقون الفكرة الثورية ولا يستوعبون الحالة السياسية وتقلباتها، وكذلك أن قراراتهم العسكرية والسياسية مرتبطة بالمزاج العام لعلاقة إيران بجوارها الخليجي وبالولايات المتحدة.
واقتراب الجماعة من عملية سلام هي -أيضا- ترتبط بالعاملين السابقين، بعد أن أصبحت تجاهر بكونها جزء من مشروع إيراني كان يقوده قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني الذي امتلأت صنعاء بصوره، زاد الخياطي.
فرص السلام وتعقيداته
ومن منطلق أن التصنيف الأمريكي للحوثيين سيساهم في تحقيق السلام في اليمن، رحبت اليمن ومعها المملكة العربية السعودية بذلك القرار الذي كثيرا ما دعت إليه السلطة الشرعية في البلاد.
ومن وجهة نظر المحلل السياسي المهدي، فالمطلوب لإنهاء الأزمة الحالية هو القوة، لكنه أكد أن لا توجها حقيقيا حاليا نحو حسم المعركة عبر الحرب.
ولذلك يمكن أن ُيشكل فتح جبهات قتال عديدة في اليمن وخاصة في المناطق التي تم تجميدها كتعز، وسيلة للضغط على الحوثيين للوصول إلى سلام عادل، بحسب المهدي.
وأضاف : "يتطلب كذلك السلام المستدام إلى جانب الضغط العسكري ميدانيا، هو دخول قرار أمريكا حيز التنفيذ بشكل جاد، والتخاطب مع إيران كونها الداعم لهم والمحرك".
وبالنسبة للمجتمع الدولي ورؤيته للحوثي كشريك في السلام في اليمن، فذلك يعود -كما يفيد الخياطي- إلى سببين، أن السلام أمر حتمي، وأن إحلاله مهمة رئيسية للأمم المتحدة ومجلس الأمن، لكن لا يمكن أن يتحقق -كما يؤكد الإعلامي اليمني- إلا بسيطرة طرف بشكل كامل على الأرض وفرض أمر واقع وإحلال السلام وفق رؤيته، أو باللجوء إلى الحوار بين الأطراف المتصارعة.
وبرغم حتمية الحوار وعدم حسم التحالف ومعه السلطة عسكريا، تبدو المشكلة أكبر بالنسبة للخياطي، بسبب عدم رغبة الحوثيين بالسلام، وذلك يتضح من خلال ممارساتهم، إضافة إلى أن معظم العمل الأممي والمتعلق بوساطات السلام ومبعوثين دوليين، لا ينال الثقة من جميع الأطراف وذلك بسبب الفساد الإداري في أعمال المنظمات التي تهتم بجعل الحرب مصدرا للنفوذ المالي والشخصي، غير مكترثة بالجدية في جمع الفرقاء بطريقة منطقية، تمنح الجميع الرغبة في الحوار وإنهاء الحرب.
يُذكر أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، أبدى استعداد بلاده للحوار مع المملكة حول مخاوفها تجاههم والتي وصفها بـ"الوهمية"، وفي أي لحظة أرادت، لحل الأزمة في اليمن، مؤكدا أن الحل يكمن في يد الرياض.
وتعيش اليمن تعقيدات أخرى في جنوب البلاد، تدعمها الإمارات العربية المتحدة، التي تشجع ما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" على عدم الامتثال للحكومة والتصعيد ضدها مرارا.