هدنة اليمن على مفترق طرق مع قرب انتهائها وسط مخاوف من عودة الحرب
أنهى مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ،الثلاثاء، جولته على الأطراف اليمنية لمناقشة مقترحه لإعلان تمديد جديد لها، بعد ستة أشهر من استمرار الهدنة الهشة، والاتهامات المتبادلة بالخروقات وعدم تنفيذ بنودها.
وتهدف المساعي الأممية إلى تمديد الهدنة لأطول فترة ممكنة، حيث أعاد المبعوث الأممي طرح مقترح توسيع الهدنة الجارية، والتي أعلنت خلال التمديد الأخير في 2 أغسطس/آب الماضي، في ظل مخاوف من انهيارها في ظل حالة التحشيد والاستعراضات العسكرية بين الأطراف اليمنية خلال الأيام الماضية.
وتنتهي الهدنة الأسبوع المقبل، في 2 أكتوبر/تشرين الأول، وهي تتضمن وقفاً كلياً لإطلاق النار، وبنوداً إنسانية أخرى، من بينها تدشين رحلات تجارية من مطار صنعاء، والسماح بدخول المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، وفتح الطرقات بمدينة تعز ومحافظات أخرى، والتي نفذت جميعها ما عدا الأخير.
وقال مصدر حكومي لـ "العربي الجديد"، إن "المقترح الذي قدمه المبعوث الأممي، يشمل توسيع الرحلات لمطار صنعاء، وزيادة سفن الوقود بالحديدة، وفتح الطرقات في مدينة تعز وغيرها من المحافظات، وأيضاً توحيد الإيرادات وصرف الرواتب في كلّ المحافظات اليمنية بناء على كشوفات الموظفين في 2014 قبل سيطرة الحوثيين". وأضاف المصدر أن "مدة التمديد التي وردت في المقترح ستة أشهر، وهذه المقترحات هي نفسها لم تتغير قبل محادثات إعلان التمديد السابق للهدنة قبل شهرين، وما زالت الحكومة تتدارس الأمر بشأن ذلك، ولم ترد على المبعوث الأممي إلى الآن".
وحذر غروندبرغ أمس الثلاثاء من "أننا نقف عند مفترق طرق، حيث بات خطر العودة إلى الحرب حقيقيا"، داعياً الأطراف إلى "اختيار النهج البديل الذي يعطي الأولوية لاحتياجات الشعب اليمني".
وجاء ذلك في ختام جولة خلال اليومين الماضيين، شملت كلاً من السعودية وسلطنة عُمان، التقى خلالها رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي، ورئيس وفد جماعة أنصار الله (الحوثيين) التفاوضي محمد عبد السلام، بالإضافة إلى مسؤولين سعوديين وعُمانيين.
وقال بيان نشره مكتبه: "في كلّ المحادثات، شدد المبعوث على أهمية التمديد لفترات زمنية أطول لإتاحة الفرصة أمام اليمنيين لإحراز تقدم على نطاق أوسع، يستوعب الأولويات، ويوفر مساحة للإعداد للتوجه نحو مفاوضات سياسية شاملة، بما في ذلك وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني".
وأشار البيان إلى أن "كبار المسؤولين السعوديين أعربوا عن دعم المملكة العربية السعودية القوي لجهود الأمم المتحدة لتمديد الهدنة في اليمن، من أجل التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار وتسوية سياسية دائمة".
من جانبه، لفت رئيس الوفد التفاوضي الحوثي محمد عبد السلام إلى أنهم أكدوا للمبعوث الأممي خلال لقائهم الثلاثاء، شروطهم لتمديد الهدنة، وهي "فتح مطار صنعاء وموانئ الحديدة دون عوائق، وصرف مرتبات الموظفين ومعاشات المتقاعدين". وأضاف في تغريدة عبر حسابه في "تويتر"، أنه "لا جدية ولا مصداقية لأي حديث عن السلام في اليمن ما لم يتم البدء بتنفيذ هذه الملفات الإنسانية الملحة التي تمثل مطلباً لكل اليمنيين".
ويسعي الحوثيون للحصول على مكاسب أكبر من تمديد الهدنة، في تسليم الرواتب بمناطق سيطرتهم، مستغلين الاهتمام الدولي الكبير بها ومنع أي تصعيد جديد في اليمن، والذي قد يهدد عودة القصف الصاروخي المتبادل بين التحالف الذي تقوده السعودية وجماعة الحوثي، حيث توقفت كلياً خلال الأشهر الستة الماضية، رغم الخروقات في الجبهات الداخلية في المحافظات اليمنية.
في المقابل، تريد الحكومة اليمنية فتح الطرق في مدينة تعز، والتي هي من البنود الأساسية منذ إعلان الهدنة في 2 إبريل/نيسان الماضي، حيث رفض الحوثيون فتح الطرق بعد جولتين من المباحثات التي تمت في الأردن برعاية أممية في مايو/أيار الماضي، بالإضافة إلى أنها تتهم الحوثيين بنهب إيرادات المشتقات النفطية، وعدم الالتزام باتفاق استوكهولم 13 ديسمبر/كانون الأول 2018، بصرف رواتب الموظفين من عائدات المشتقات النفطية.
والإثنين الماضي، استعرضت الحكومة اليمنية قواتها في مأرب، في عرض عسكري كبير بمناسبة الذكرى الستين لثورة 26 سبتمبر 1962، بعد أيام فقط من استعراض مماثل لجماعة الحوثي في العاصمة اليمنية صنعاء، حيث أعلنت عن تصنيع صواريخ جديدة، وذلك في احتفالية بالذكرى الثامنة لسيطرتهم على العاصمة بقوة السلاح في 21 سبتمبر/أيلول 2014.
وللعام الثامن على التوالي، تستمر الحرب في اليمن، مخلفة مأساة إنسانية هي الأكبر على مستوى العالم، في ظل غياب أي أفق للسلام وإنهاء الحرب، وفشل الجهود الأممية والدولية في استغلال الهدنة خلال الأشهر الماضية، للدفع نحو مناقشة ملفات أخرى تتعلق بالاتفاق على تسوية سياسية بين الأطراف المختلفة لإنهاء الحرب.