ألوية اليمن السعيد.. 14 ألف مجند جديد يربكون المشهدين العسكري والسياسي
يتوزع عدد من معسكرات التدريب المستحدثة لاستقبال مجندين جدد في محافظات جنوبي اليمن، الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، في مشهد صار مألوفا لليمنيين منذ اندلاع الحرب قبل 7 سنوات.
تشكل هذه المعسكرات قوات جديدة تحت اسم "ألوية اليمن السعيد"، ووفق مصدر عسكري تحدث للجزيرة نت، فإن هؤلاء الجنود يعدون أحد أقوى التشكيلات العسكرية لمواجهة جماعة الحوثيين في حال فشل الهدنة.
وتوصلت الأمم المتحدة إلى هدنة في اليمن دخلت حيز التنفيذ مطلع أبريل/نيسان الماضي، وهي أكبر اختراق للحرب التي تشهدها البلاد منذ مطلع عام 2015 بين جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الشمالية الغربية من جهة، والقوات التابعة للحكومة اليمنية وقوات موالية لها مدعومة من التحالف بقيادة السعودية من جهة أخرى.
ما طبيعة وحجم هذه القوات ومن يقودها؟
يقول المصدر العسكري في تلك القوات، مفضّلا عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالحديث للإعلام، إن تلك القوات تضم 7 ألوية بـ14 ألف مقاتل، مجهزين بكل الأسلحة الحديثة، ثلاثة منها باتت جاهزة بينما الأخرى ما تزال في طور التدريب والتشكيل.
ويضيف "يقود اللواء الأول مجدي الصبيحي، والثاني أبو عائشة ناصر العوذلي، أما اللواء الثالث فيقوده عبد ربه الرقابي، والقائد العام بشير الصبيحي".
وطبقا للمصدر فإن بشير الصبيحي هو رجل دين سلفي قاد المقاومة في عدن، جنوبي البلاد، حين سيطر الحوثيون عليها منتصف 2015، وخاض معارك عنيفة ضد الحوثيين في دماج وكتاف بصعدة عامي 2012 و2013.
ويقول إن معظم المقاتلين الحاليين والمجندين سلفيون ينتمون للمحافظات الجنوبية، وتنتمي قوات لواء واحد لمحافظتي مأرب والبيضاء.
وأواخر يونيو/حزيران الماضي، عُثر على عبد الرزاق البقماء وهو قائد بارز في تلك الألوية، مقتولا داخل سيارته شرق مدينة مأرب، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث، لتخسر تلك القوات أبرز قادتها بعد أيام وجيزة من بدء حملة التجنيد.
لمن تدين هذه القوات بالولاء وممن تتلقى التمويل؟
تعددت التشكيلات العسكرية في المعسكر المناهض للحوثيين، إذ يضم قوات تابعة للحكومة المعترف بها دوليا وتتلقى رواتبها من السعودية، وقوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي التي تتلقى دعما وتسليحا من الإمارات، مثلها مثل القوات المشتركة في الساحل الغربي بقيادة طارق صالح، نجل شقيق الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح.
لكن قوات ألوية اليمن السعيد تتلقى تمويلا ودعما من السعودية، ووفق المصدر فإن رواتب المجندين تدفعها الرياض، وهو الأمر الذي شجع المئات على الانخراط فيها كونهم سيتلقون رواتب منتظمة.
ويقول "كوننا سلفيين فإننا نعترف برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي كولي أمر، لكننا لن نعترض على قرارات السعوديين كون الرياض هي التي تمولنا وتدعمنا في غايتنا وهدفنا المتعلق بمواجهة الحوثيين".
ويضيف المصدر أن الألوية ستكون لها دور كبير في تغيير الأحداث.
واعتذر المتحدث باسم وزارة الدفاع اليمنية عن التعليق حول تلك القوات، كما لم يصدر عن الرئاسة اليمنية أي تعليق.
وكان المتحدث باسم قوات التحالف العقيد تركي المالكي، أعلن في يناير/كانون الثاني الماضي، من محافظة شبوة إطلاق عملية "حرية اليمن السعيد"، مشيرا لأول مرة إلى "ألوية اليمن السعيد".
ما موقف المجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على عدن والمحافظات الجنوبية؟
أثارت عمليات التجنيد حفيظة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا الذي أطلق بدوره حملة تجنيد مضادة، في إشارة إلى عدم قبوله بتلك القوات في عدن والمحافظات الجنوبية.
وبالتزامن مع عودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى عدن مطلع يوليو/تموز، وصلت قوات من ألوية اليمن السعيد قادمة من السعودية واستقرت في قصر معاشيق بالمدينة، حيث مقر الرئاسة والحكومة، فيما قالت تقارير إنها تؤمن عودة مجلس القيادة الرئاسي.
وأبدى رئيس دائرة العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي أحمد عمر بن فريد اعتراضه على تلك القوات، وقال في تغريدة على تويتر، إن استغلال حاجة اليمنيين في الجنوب للمال بإنشاء المعسكرات مشاريع لن يكتب لها النجاح.
من جهة، رجح مصدر عسكري مقرّب من المجلس الانتقالي فشل إنشاء هذه القوات على اعتبار أنها قد تصطدم بالقوات الأخرى في جنوب البلاد، وقد تفرض أعباء جديدة على الوضع العسكري والأمني في المعسكر المناهض للحوثيين.
وقال للجزيرة نت، إن مشروع إنشاء تلك القوات يسير إلى الفشل.
كيف ستؤثر هذه القوات على المشهد العسكري في اليمن؟
وفق تقرير لمركز صنعاء للدراسات (يمني غير حكومي) فإن عملية التجنيد تهدد بعرقلة عمل اللجنة العسكرية والأمنية التابعة لمجلس القيادة الرئاسي، والمكلفة بإعادة هيكلة القوات العسكرية والأمنية تحت جناح هيكل قيادي موحد.
من جهته، يرى الباحث المتخصص بالشؤون العسكرية علي الذهب أن هذه الألوية ذات نزعة دينية لا تمت بصلة للجيوش المحترفة والمهنية التي ترفض العقائد الثانوية والهويات الضيقة.
وقال للجزيرة نت، "أتصور أن مثل هذه القوات هي ضمان وكلاء محليين لأطراف خارجية مثل ألوية العمالقة التي تدعمها الإمارات، والسعودية يبدو أنها لم تجد من يمثلها بالوكالة من حيث الوجود العسكري المسلح فوجدت ضالتها في السلفيين الذين يؤمنون بولي الأمر الذي يتجاوز حدود الدول".
ووفق الذهب فإن تلك القوات ليست نواة لجيش، وتمثل تحديا كبيرا في عملية دمجهم لاحقا.
ويقول إن "وجود مثل هذه القوات أو المليشيات هو لخلق توازن في النفوذ مع أطراف داخلية وقوة إقليمية، وهذه القوات ستحدث توازنا لمتبنيها، وفي نفس الوقت تخلق توازنا مع قوة وطنية داخلية، وعلى وجه الخصوص الجيش".
ويضيف أن "هذه القوات لن تحدث فارقا حاسما في المعركة، لكنها قد تحدث فارقا نسبيا لأنها تعمل في محيط متناقض، صحيح أنها تحمل همًّا وطنيا، ولكنها بالقياس مع القوات الأخرى ذات طبيعة عقدية".
لكن الذهب يقول إن المعسكر المناهض للحوثيين بحاجة إلى مقاتلين جدد نظرا لاستنزاف المعارك المستمرة للجنود، لذا من المهم تعزيز خطوط المواجهة.