نساء اليمن يحتفلن بيوم المرأة متحديات العنف وقسوة الحرب

في حين تحتفل نساء العالم باليوم العالمي للمرأة، تأكيداً على حقوقها السياسية والمجتمعية، تكتفي المرأة اليمنية بالتأكيد على حقها في الحياة ووقف أشكال العنف الموجه ضدها.


ورغم أنه يبدو صعبا على المرأة اليمنية الاحتفاء بعيدها العالمي (8 مارس/آذار)، بسبب انعكاسات سبع سنوات من الحرب المتواصلة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، إلا أن إصرارها على الاحتفاء بالمناسبة يأتي على سبيل الإصرار والتحدي لما تواجهه من مآسي الحرب التي استهدفتهن بشكل مباشر وبصورة قاسية للغاية.


ومنذ نشوب الحرب الدائرة في البلاد، ما تزال المرأة اليمنية في وجه الانتهاكات التي تنسف حقوقها من الأساس، وتجعلها عرضة للتشرد والنزوح والفقر، ومختلف تداعيات الصراع القائم.


جعلت الحرب من نساء اليمن معيلات لأسرهن، وتزداد معانتهن مع تدهور الأوضاع المعيشية، كما أن الحرب جعلت المرأة في مواجهة العنف ومختلف أنواع الانتهاكات، ليس أولها غياب العائل، كما ليس آخرها تعرضها للاعتقال والإخفاء والمحاكمات، خصوصاً من قبل جماعة الحوثي، التي لا تزال عدد من الناشطات في سجونها، علاوة على انتهاكات مجتمعية.


وتشير تقارير محلية ودولية إلى أن ما يقرب من 600 امرأة يمنية فقدن حياتهن، وإصابة نحو 900 أخريات، منذ انطلاق الحرب الدائرة منذ 2014، إضافة إلى آلاف الانتهاكات، وحالة التهميش باستثنائهن من المشاركة في الحكومة أو وفود المفاوضات.


ويمثل اليوم العالمي للمرأة بالنسبة للمرأة اليمنية، محطة لتوجيه أصواتهن عما يواجهنه من تداعيات الحرب والتدهور والاقتصادي، ولفت أنظار صناع القرار إلى حقوقهن وضرورة اشراكهن.


ورغم ظروف الحرب وما يقول أبناء محافظة تعز (جنوب اليمن) أن حصاراً تفرضه جماعة الحوثي على المدينة، إلا أن النساء فيها أقمن فعالية احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.


تحد وكفاح

أحيت محافظة تعز (جنوب غرب)، الثلاثاء، اليوم العالمي للمرأة خلال فعالية في المدينة الواقعة تحت سلطة الحكومة، نظمها مركز الحماية والتأهيل للنساء والفتيات (غير حكومي).


وقال الناشط الحقوقي راشد محمد السامعي، إن المرأة في اليمن "لها خصوصية ووضع خاص، باعتبار أنها تعاني منذ نحو 8 سنوات من حرب وحصار وتجويع وإبادة وتشريد تمارسها جماعة الحوثي بحق المرأة اليمنية، والأطفال وكل أبناء الشعب اليمني".


ورأى السامعي في حديث للأناضول على هامش الفعالية، أن المرأة اليمنية "تؤكد بهذه الفعالية التي أقامتها بالمناسبة أنها صامدة وقادرة وعلى قدر التحدي، وأنها إلى جنب أخيها الرجل في مواجهة صلف الانقلاب المليشياوي الحوثي، والانتصار لليمن وللإنسان اليمني ولحقوقها وحرياتها ومستقبلها".


واتهم جماعة الحوثي "بطمس مستقبل المرأة وإزاحتها"، لكنه قال إن اليمنية "تؤكد اليوم أنها في الصفوف الأولى للمواجهة في العمل الإغاثي والتنموي والتوعوي، وكافة مناحي الحياة، كما أنها تؤكد قدرتها على المواصلة والاستمرار".


أما مديرة مركز حماية المرأة بمدينة تعز صباح محمد سعيد، فقد هنأت كل نساء العالم وفي مقدمتهن نساء اليمن باليوم العالمي للمرأة.


وأشارت في حديثها للأناضول إلى "معاناة المرأة اليمنية طول السنوات الماضية نتيجة الحرب" وما وصفته "حصار الحوثيين" للمدينة.


وأكدت سعيد أن المرأة "تواجه الكثير من المخاطر، إلا أنها ما تزال صابرة ومكافحة ومناضلة وتحتفل بهذا اليوم الذي يمثل لها الاحترام والتقدير ويعكس كفاحها ونضالها وانطلاقتها في بناء المجتمع".


واعتبرت أن المرأة اليمنية "هي الفئة الأكثر تضرراً من الحرب الدائرة، إلا أنها لم تستسلم ولم تظهر ضعفاً".


وأضافت سعيد: "أثبتت المرأة اليمنية أنها مثابرة ومناضلة، وجديرة بوقوفها مع الرجل تسانده في الجانب الطبي والصحي والاغاثي، وكسرها للحواجز التي تعيق مشاركتها للرجل في مختلف المجالات".


وأشارت إلى "معاناة المرأة اليمنية كربة بيت، تعيل أسرة لرجل في المعركة أو مفقود".


ووجهت رسالة لأطراف الصراع في اليمن داعية إلى "إيقاف الحرب التي دمرت البلاد والانسان"، كما طالبت العالم "بدعم صوت المرأة الداعي إلى وقف الحرب".


في مواجهة أشكال العنف

بدروها أوضحت المدير التنفيذي لمركز تأهيل وحماية النساء في تعز، رغدة المقطري، أن "إحياء يوم المرأة العالمي يمثل تكريماً لجهود النساء خلال سنوات الحرب".


وبينت أن المركز الذي تديره "يقوم بتقديم العون القانوني للنساء والفتيات، وكذلك الدعم النفسي، وتأهيل وتمكين المرأة لمواجهة الأضرار والمعاناة الناتجة عن الحرب، بواسطة تأهيليهن بحرف تمكنهن من مواجهة الحياة، والعنف المجتمعي".


وأشارت المقطري، إلى "تأثيرات الحرب على النساء وصور العنف التي تعرضن لها، وخصوصاً أثناء تنقلاتهن، والمسوغات القانونية لأطراف الحرب كتبرير لما يقومون به من تقييد حركتهن وتفتيشهن".


وقالت إن "من بين ما تتعرض له المرأة هو زواج القاصرات، وفحص العذرية التي تعرضت له ناشطات"، وركزت على "العنف الذي تتعرض له النساء الناشطات خلال فترة الحرب، ومختلف صور العنف الذي تواجهه النساء في المجتمع".


وطالبت جميع منظمات المجتمع المدني، بعمل إحصائيات ودراسات لوضع النساء في اليمن، وإيصالها إلى المنظمات الدولية، للضغط على جميع أطراف النزاع لوقف هذه الانتهاكات، ووقف العنف ضد النساء، وزيادة الاستجابة الإنسانية، لتقليص العنف الذي تتعرض له المرأة.


احترام استحقاقات المرأة

بدوره طالب قطاع النساء في حزب "التجمع اليمني للإصلاح" الحكومة، بضرورة "احترام الاستحقاقات التي حققتها المرأة اليمنية في مؤتمر الحوار الوطني وضرورة إشراكها في الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة".


جاء ذلك في بيان لدائرة المرأة في الحزب، وندوة سياسية بمدينة مأرب (شرق اليمن) الثلاثاء.


وشدد البيان على "أهمية إدراك المرأة لواجبتها وحقوقها السياسية، واحتواء الاحزاب للمرأة في صنع القرار والمشاركة السياسية"، ولفت إلى أنه "منح المرأة فرصة للحضور وتعزيز مشاركتها في العملية السياسية".


وأشار إلى أن "نضالات المرأة في عموم اليمن وعدن خاصة شكلت في مختلف محطات العمل الوطني وفي دعم الاحرار اليمنيين للتخلص من الانظمة الاستبدادية ومقاومة الاحتلال البريطاني".


وأفاد البيان أن نساء اليمن "يصنعن وطنا جديدا يقوم على أساس العدالة والحرية والمواطنة والمساواة".


ويشهد اليمن منذ أكثر من 7 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.


وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنه بنهاية العام 2021، تكون الحرب في اليمن قد أسفرت عن مقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر.


وتحتفل الأمم المتحدة في 8 مارس سنويا باليوم العالمي للمرأة، الموافق ذكرى حراك عمالي ومسيرة احتجاجية ضمت 15 ألف امرأة بمدينة نيويورك الأمريكية عام 1908، للمطالبة بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور والحصول على حق التصويت في الانتخابات.


الاناضول