هل ستدفع الهجمات الحوثية على الإمارات إلى المواجهة بين طهران وأدواتها مع أبو ظبي؟
رغم العلاقات التي اتسمت بالتقارب بين الإمارات العربية المتحدة وإيران خلال الأشهر الماضية، دفعت المستجدات العسكرية في اليمن، البلدين إلى المواجهة من جديد عبر الهجمات التي استهدفت أبو ظبي أمس الاثنين، وماسبق ذلك من قرصنة لسفينتها"روابي"، وهي الحادثتين التي تبنتها مليشيا الحوثي الذراع الإيرانية في اليمن.
وتبنت مليشيا الحوثي الإيرانية، الاثنين 17 يناير 2022، على لسان متحدثها العسكري الهجوم على منشآت إماراتية، الذي قال إنه تم بخمسة صواريخ باليستية وعدد كبير من الطائرات المُسيّرة.
وكانت شرطة إمارة أبوظبي أكدت في بيان اندلاع حريق، ما أدى إلى انفجار في 3 صهاريج نقل محروقات بترولية في منطقة مصفح آيكاد 3، بالقرب من خزانات أدنوك تسبب بمقتل وإصابة 9 أشخاص، إضافة لوقوع حادث حريق بسيط في منطقة الإنشاءات الجديدة في مطار أبوظبي الدولي.
مراقبون رأوا أن كرة المواجهة بين البلدين وأدواتهما قد تتدحرج لتصل إلى المواجهة على أكثر من صعيد؛ مفتاحها الصراع في اليمن، في حين يرى آخرون أن أبو ظبي ستلجأ إلى رد خشن خاطف قبل أن تعود للتهدئة.
أبو ظبي تستنجد بواشنطن
وزارة الخارجية الأميركية قالت مساء الأربعاء، إن إدارة الرئيس جو بايدن عاقبت وستعاقب قادة الحوثيين المساهمين في التصعيد في اليمن.
وأضافت "أن الإدارة ستعاقب قادة الحوثيين الذين يشكلون خطرا على المدنيين، مشددة على أنها لن تتوانى عن استهداف الكيانات التي تزيد الصراع في اليمن".
ودفع الهجوم الإماراتيين والسعوديين إلى تصعيد المطالب بأن تعيد الولايات المتحدة تصنيفها الإرهابي للحوثيين، حيث رفع بايدن هذا التصنيف بعد فترة وجيزة من توليه منصبه، خلالها عملت إدارته دون نجاح لبدء محادثات السلام وإنهاء الحرب التي استمرت ثماني سنوات في اليمن.
من جانبه أعرب وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، عن تضامنه مع أمن الإمارات في محادثة في وقت سابق الأربعاء مع ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد.
وكان يوسف العتيبة السفير الإماراتي في واشنطن، دعا الأربعاء، الإدارة الأميركية والكونغرس إلى دعم إعادة تصنيف ميليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية.
وقدم السفير الإماراتي ملخصًا حول اتفاق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، خلال اتصال مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، على ضرورة أن يكون العمل موحدا ردًا على هجوم الحوثي الإرهابي.
وبحث الجانبان الخطوات العاجلة لتشديد الدفاعات الجوية ضد الصواريخ والطائرات المسيرة، وتعزيز الأمن البحري لوقف تدفق الأسلحة إلى الحوثيين.
وفق ما نقل موقع «Al-monitor» الأمريكي، طالبت دولة الإمارات العربية المتحدة دعم الولايات المتحدة لتعزيز دفاعاتها الجوية في أعقاب هجوم بطائرة بدون طيار على أبو ظبي تبناه المتمردون الحوثيون في اليمن، يوم الاثنين.
وتعارض إدارة بايدن علناً العمليات الهجومية هناك، بما يتماشى مع وجهة نظر الأمم المتحدة، حسب إلينا ديلوجر الباحثة في معهد واشنطن، والمتخصصة في شؤون اليمن.
وتضيف في مقال تحليلي: "مع ذلك، بما أن بعض المسؤولين والمحللين الأمريكيين خلصوا إلى أن الحوثيين لا يريدون التفاوض، فقد يعتبرون حتماً أن الخيار العسكري هو وسيلة لمنع اليمن من الوقوع تحت سيطرة الجماعة، لا سيما إذا كانت الحملة المذكورة بقيادة الإمارات".
وعيد متبادل
وفي أول ردة فعل أدانت الخارجية الإماراتية، في بيان مساء الإثنين، استهداف ميليشيا الحوثي الإرهابية لمناطق ومنشآت مدنية على الأراضي الإماراتية، مؤكدة أن هذا الاستهداف الآثم لن يمر دون عقاب، حسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام".
وذكر البيان، أن دولة الإمارات تحتفظ بحقها في الرد على تلك الهجمات الإرهابية وهذا التصعيد الإجرامي الآثم، واصفة تلك الهجمات بأنها جريمة نكراء أقدمت عليها ميليشيا الحوثي خارج القوانين الدولية والإنسانية.
وقال، إن "هذه الميليشيا الإرهابية تواصل جرائمها دون رادع في مسعى منها لنشر الارهاب والفوضى في المنطقة في سبيل تحقيق غاياتها وأهدافها غير المشروعة".
ودعت الخارجية الإماراتية، المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الأعمال الإرهابية التي تستهدف المدنيين والمنشآت المدنية ورفضها رفضا تاما.
في المقابل هدد المتحدث العسكري لمليشيا الحوثي يحيى سريع، -في بيان متلفز مساء أمس الاثنين- دول التحالف بمزيد من "الضربات المؤلمة"، مؤكدا أنهم سيعدّون الإمارات دولة غير آمنة ما دامت ماضية في عدوانها على اليمن، وفق تعبيره.
وأكد سريع أنهم لن يترددوا في "توسيع بنك الأهداف ليشمل مواقع ومنشآت أكثر أهمية في المرحلة المقبلة".
مدى المواجهة .. إلى أين؟
وفي الوقت الذي أعلن فيه التحالف العربي الذي تقوده السعودية، عن تنفيذ عملية ردع شاملة على مدار الساعة فوق العاصمة صنعاء، "استجابة للتهديد وتحييد مصادره"، والإشارة إلى مشاركة الطائرات الهجومية (إف-15) و(إف-16) في العملية ستستهدف "القيادات الإرهابية" كأولوية، تضاربت آراء الخبراء بشأن مآلات المواجهة، بين مزيد من التصعيد والذهاب إلى تهدئة تدريجية.
وفي هذا السياق يرى الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، أن الأمور ستذهب نحو مزيد من التصعيد العسكري المتبادل لتحسين شروط التفاوض في حال الذهاب إلى حسل سياسي في اليمن.
وقال في مداخلة مع قناة الجزيرة القطرية، إن الحل الأجدى للتحالف هو إعادة التفكير في استراتيجية تعاملها مع بنك أهدافها الجوية والتركيز على ضرب ماسماها "الذراع الطويلة" للحوثيين (الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية).
وتابع: أن التوغل نحو صنعاء من مأرب والبيضاء وفرض واقع جديد يمكن أن يساهم في عملية التفاوض المستقبلية.
أما الباحثة "ميساء شجاع الدين"، فرجحت في تغريدات لها، أن الإمارات قد تتجه للتهدئة نظراً لعدم قدرتها على التحمل لمئات الصواريخ مثل السعودية، في حين سيواصل الحوثي استهداف أبو ظبي، لكن في المقابل لن يستهدف دبي التي تعتبر أكبر شريك تجاري لإيران.
من جهته الخبير العسكري اليمني، علي الذهب ـ الذي انطلق في توقعاته من هواجس كثير من اليمنيين ـ، فيرى أن فهم ما يجري ومؤشرات ذلك ستتضح من خلال "حجم الرد الإماراتي، المباشر، على التهديد الحوثي ومدته، ونتائجه، والعمليات التي تقوم بها ألوية العمالقة، والعمليات المتوقعة لبقية القوات المشتركة؛ هل ستستمر؟ هل ستتضاعف؟ هل ستتوسع؟".
وأضاف "الاطراد يعني أنه لا صفقات، والعكس إثبات".