تموضع مصالح.. أبوظبي تُسلّم الحديدة للحوثي وتدفع بمليشياتها نحو شبوة (تقرير خاص)
لم تنتهي بعد ردود الفعل إزاء الانسحاب المفاجئ للقوات الموالية للإمارات من الحديدة وإقرار التحالف لاحقاً مسؤوليته عن ذلك، حتى خرجت أدوات أبو ظبي تطل برأسها من شبوة للتأليب ضد محافظ المحافظة الذي وقف في وجه الغطرسة الإماراتية ودعا إلى خروج قواتها من منشأة بلحاف التي تسبب تعطيلها بخسارة خزينة اليمن عشرات مليارات الدولارات خلال السنوات الماضية.
إظهار الإمارات نواياها بشكل مستعجل عقب تلك الانسحابات دفعت بتساؤلات كبيرة عن دوافع وأبعاد خروج المستعجل من الحديدة وعلاقة ذلك بمايجري في شبوة.
انسحاب الحديدة.. والوجهة "شبوة"
أكد الخبير العسكري اليمني، علي الذهب، أن الإمارات تقف خلف انسحابات الحديدة، لأبعاد استراتيجية تهدف لتعزيز موقفها في محافظتي شبوة وأبين، جنوبي البلاد.
وكانت القوات المدعومة من الإمارات، أعلنت يوم الجمعة الفائت، انسحابها من محيط الحديدة، مبررة ذلك بأنه للمساعدة في تنفيذ اتفاق ستكهولوم، الأمر الذي استغله الحوثيون وقاموا بالسيطرة على المناطق المنسحبة منها والتي امتدت حتى مشارف مدينة الخوخة جنوباً.
التحالف هو الآخر الذي تمثل الإمارات القوة الثانية فيه، قال إن إعادة تموضع القوات العسكرية في الساحل الغربي لليمن جاءت بتوجيه من قيادة القوات المشتركة للتحالف لموائمة الاستراتيجية العسكرية في اليمن.
وأوضح الذهب أن الدفع الإماراتي المتدرّج للأحداث في محافظة شبوة، والرامي إلى إطاحة محافظها، محمد بن عِديو، الذي يُصرُّ على إخلاء محطة (ميناء) بلحاف الغازية من القوات الإماراتية، ليتسنَّى تصدير الغاز المستخرج من حقول محافظة مأرب، يعتبر دليلاً على ذلك.
وأضاف في مقال نُشر في العربي الجديد، الأربعاء، "سحب ألوية العمالقة من الحُديِّدة، والدفع ببعضها إلى شبوة، أو إلى مناطق الاشتباكات بين قوات الحكومة، وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، في ساحل محافظة أبين، المشاطئ لخليج عدن، مِن شأنه تعظيم فرص الإمارات في فرض إرادتها، وتحقيق أجنداتها السياسية والاقتصادية، سواء أجلَت قواتها من بلحاف، أو أبقت عليها".
ولفت إلى أن الإمارات "لا تعتمد على ألوية العمالقة فحسب، بل وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، فضلًا عن قوات المقاومة الوطنية (طارق صالح)، التي قد تتيح لها ظروف الحرب المتقلِّبة، التموضع في مأرب، أو شبوة، من خلال المشاركة في القتال أمام جماعة الحوثي، أو دعم موالين لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي تصنَّف قوات المقاومة الوطنية ذراعًا مسلحة تابعة له، ويدين معظم قادته وفصائله للإمارات.
مؤامرة كبيرة
بعد أيام من عودته من الإمارات، بدأ القيادي المؤتمري والنائب في البرلمان، عوض محمد الوزير، الدعوة إلى فعاليات ممولة تهدف إلى إثارة الفوضى في المحافظة والتأليب على المحافظ بن عديو، كان آخرها فعالية جماهيرية دعا لها الثلاثاء في مديرية نصاب.
الفعالية التي جرى الإعداد لها بإشراف وتمويل إماراتي أصابت منظموها بالإحباط بعد الخروج الضعيف وإحجام قيادات قبلية ومجتمعية عن الحضور لعلمهم المسبق بأجندة القوى التي تقف خلفها.
وفي الوقت الذي تُشيد كل التقارير المحلية والدولية بالإنجازات التاريخية التي تشهدها المحافظة خلال وقت قياسي من إدارة المحافظ بن عديو، ذهب النائب الوزير إلى الدعوة لمحاسبة المحافظ وإقالته، في تناغم كبير مع المطالب الإماراتية التي باتت في ورطة بعد انتهاء فترة المهلة التي طلبتها الإمارات من الوساطة السعودية لإخلاء منشأة بلحاف النفطية.
وفي هذا السياق قال مستشار وزير الإعلام مختار الرحبي في تغريدة في حسابه الرسمي على موقع التدوين المصغر "تويتر"، إن المؤامرة على محافظة شبوة كبيرة من قبل دولة الإمارات.
وأضاف أن أبو ظبي استخدمت في مؤامرتها "كل الأدوات الرخيصة من أجل الإطاحة بمحافظ شبوة والقيادات الأمنية للبقاء في المحافظة وتسليمها للمليشيات التابعة لها".
وأكّد الرحبي أن تلك المؤامرات مستمرة، لذلك على الشرفاء من أبناء شبوة الوقوف ضد تلك المخططات مع قيادات المحافظة.
ووصف الرحبي، الشيخ الوزير الذي تزعم خروج قبلي ضد المحافظ بأنه "أداة جديدة تستخدمها الإمارات للنيل من الدولة والسلطة المحلية، وعاد من الإمارات لتنفيذ ما عجز عنه الانتقالي".
ثأر شخصي.. لماذا؟
في وهلة من الزمن بدا لمحمد بن زايد أنه قادر على فعل كل شيء والتحكم بكل شيء في المناطق الذي زرع فيها مليشياته، حتى خرج المحافظ بن عديو في أغسطس 2019م، وأعلن أنه لا أحد فوق النظام والقانون وأن شبوة لن تكون تحت رحمة المليشيا الإماراتية وقام بطرد مليشيا النخبة من المحافظة.
موقف بن عديو البطولي أصاب جنون العظمة لدى بن زايد في مقتل وبدأ الأخير بتنظيم الدسائس والمؤامرات على المحافظة عبر كل الوسائل والطرق.
تطور الأمر لاحقاً حينما طالب المحافظ القوات الإماراتية بالخروج من منشأة بلحاف حتى يتم إعادة تفعيل المنشأة الأهم في البلد الذي يعاني اقتصاده من انهيار شبه كلي، ليصبح بعدها بن عديو عدو بن زايد الأول في اليمن ويستخدم لأجل البقاء في المنشأة كل الادوات بمافي ذلك التهديد بتفجيرها.
أمين عام مساعد "حركة النهضة"، علي الأحمدي، قال في تصريح تلفزيوني، معلقاً على ذلك "هناك مخططا يهدف إلى تحويل قوات الساحل إلى محافظة شبوة للسيطرة عليها، كون الإمارات تسعى للانتقام لمليشياتها التي هُزمت هناك، كما أنها تسعى لتأديب كل من طالب بإخراجها من اليمن كذلك".
ويصف الأحمدي صمت الرئاسة وكذلك الأحزاب عن هذه المخططات بأنها "خيانة كبرى، كما أنها خذلان لهذا الوطن وشعبه أيضاً".